تسجيل شبيلات "الفاضح".. إخوان الأردن إلى خريف الانحدار السياسي
"يا شباب لا تصدقوا الإسلاميين وكذبوا أول واحد منهم هو أنا".. بكلمات مدوية فضخ القيادي الإخواني الأردني البارز ليث شبيلات، ممارسات التنظيم الدولي لتنظيم الإخوان.
ويضاف التسجيل الصوتي الجديد لشبيلات إلى سرداب الإخوان الأسود، ليكشف عن حالة احتراب داخلي دمرت التنظيم ذاتيا، ويذهب بإخوان الأردن إلي سقوط سياسي وتنظيمي بلا رجعة، بحسب خبراء مختصين في شؤون جماعات الإسلام السياسي.
وشن شبيلات هجوما حادا على قيادات التيار الإسلامي بمن فيهم نفسه في تسجيله الصوتي قائلا: "نحن الإسلاميون المجرمون.. الله لا يوفقكم والله لا يوفقني معكم.. بئس الرجل الذي قبلت أن أكون منكم لا حول ولا قوة إلا بالله".
واتهم القيادي الإخواني البارز الجماعة بقوله: "كل فساد الدنيا صار فيكم، عند الغنائم تقولون لنا نحن أكبر الناس ونحن الأغلبية، وعندما تأتي المصائب تقولون نحن لا نقدر".
وفي عبارة مدوية لخصت حقيقة الإخوان وعقيدتهم الفاسدة، خاطبهم شبيلات "حافظتم على التنظيم وما حافظتم على الدين".
ثم زادت حدة شبيلات الذي لعن التنظيم وقادته، مطالبا إياهم بالاستقالة عن مناصبهم، قائلا: "يلعن أبوالتنظيم، استقيلوا واطلعوا عن المؤسسات؛ لا تسترجوا (لا تجرأوا)، معبأة فساد، أنا بعرف عنكم فساد 5% من اللي بيعرفوه المخابرات عندكم".
وموجها رسالته للشباب، قال شبيلات: "يا شباب لا تصدقوا الإسلاميين وكذبوا أول واحد منهم وهو أنا، كذبوا كل قيادات الإخوان المسلمين.. فليس لنا علاقة بالدين أو خدمة الدين".
تصريحات ليث وهجومه على جماعة الإخوان لم يكن الأول من نوعه، إذ سبقه عدة تسريبات لقادة إخوان أبرزهم أمير بسام عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، وأحمد مطر القيادي الاخواني الهارب إلى البلقان، وغيرهم.
غير أن تسريب شبيلات يعد أكثرهم دويا، للمكانة التنظيمية التي يحظى بها في الأردن، حيث يصنفه مختصون بأنه الرجل الثاني في جماعة إخوان الأردن.
شهادة الداخل.. أصدق
منير أديب، الكاتب والمختص في شؤون الجماعات الإسلامية قال لـ"العين الإخبارية": "ليث شبيلات قيادي بارز من إخوان الأردن، ما قاله سبق وأن كشفه الكثير من قيادات الإخوان في لحظات المصارحة، هو اتهم الإخوان بما نعلمه عنهم بأنهم كاذبون".ويرى أديب أن "تسجيل شبيلات أظهر الوجه الحقيقي للإخوان عندما قال إنهم لا يعملون لصالح الإسلام بل لصالح التنظيم"، لافتا إلى "بُعد مهم وهو أن هذا الحديث يأتي من قيادي من الصف الأول".
وتابع: "قد نسمع هذا الحديث من قواعد التنظيم أو بعض صغار التنظيم ممن لم يأخذوا مواقع تنظيمية كبيرة، أما وأننا نسمع من قيادي لعله الرجل الثاني داخل الأردن، بهذا الشكل المفعم بالصدق، فنحن أمام حقيقة كاشفة فاضحة لهذا التنظيم".
وتوقع أديب أن "يمارس التنظيم الدولي لجماعة الإخوان سياسة الاغتيال المعنوي بحق شبيلات جراء حديثه الأخير، فنحن أمام تنظيم لا يقبل النقد الذاتي".
وشدد الخبير على "حقيقة أن مثل هذه التسجيلات وما نسمعه عن التنظيم هو أقل بكثير مما يدور داخليا، فهناك حالة من العفن تملأ التنظيم فهو غير صالح لا للعمل السياسي ولا للتعبير عن الدين أو التعامل مع كتل شبابية كقواعده، ومعالجته الوحيدة هي التفكيك الكلي".
انحدار كامل
من جانبه، قال سامح إسماعيل الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية لـ"العين الإخبارية": "فضح شبيلات للإخوان وممارساتها في الأردن يأتي في سياق الانحدار الذي تشهده الجماعة على صعيد العمل التنظيمي و السياسي في الأردن منذ فترة".وأضاف إسماعيل أن "تسجيل شبيلات وجه ضربة قاصمة للتنظيم كشف بها جرائم الجماعة، لتوضع جنبا إلى جنب تصريحاته السابقة حول أنشطة الجماعة ودورها الإجرامي في السياسية الأردنية والعربية".
الباحث شدد على أن "هذا الحديث يؤكد تصدع جماعة الاخوان وتهاوي أذرعها بمختلف الدول، بفضل حالة الاحتراب الداخلي والتفكك والانقسام".
وقال: "نشهد انحلالا كليا وكاملا للتنظيم الدولي الذي ادعى دوما تماسكه واعتماده على مبدأ الولاء والبراء والبيعة، الكل يطعن في بعضه البعض وربما نشهد نهاية التنظيم عن قريب".
واستعرض إسماعيل خطورة التسجيل بأنه يأتي من شخص بحجم شبيلات وهو أحد المؤثرين في الرأي العام من جهة، وأحد المحسوبين على التيار الإسلامي ويصنفه البعض ضمن قيادات الإخوان البارزة التي قدمته في انتخابات نقابة المهندسين أوائل الثمانينيات ودعمته في الانتخابات التكميلية عام 1984، بل دفعت دوما خلفه.
وتعيش إخوان الأردن واحدة من أسوأ أيامها، إذ منيت بخسارة فادحة في الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث لم تحصل سوى على 6 مقاعد فقط في الاقتراع الذي أجري في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات السابقة بنحو ١٦ مقعدا.
كما أنها فشلت في تمثيل اللجان النيابية داخل مجلس النواب الأردني.
وعلق إسماعيل قائلا: "خروج إخوان الأردن من المعادلة البرلمانية وخسارتهم المتتالية هي استمرار لحالة السقوط والتضييق الأمني عليها بعد كشف مخططها وتواطؤها مع التنظيم الدولي وتفضيلها لأولوياتها علي الدولة الأردنية كعادة الأذرع الإخوانية".
وتوقع أن يكون "إخوان الأردن في مرحلة السقوط وهي تحاكي بذلك نظيرتها في تونس والمغرب وليبيا والسودان"، فبحسب إسماعيل "الإخوان استغلوا وجودهم في المجال السياسي للعمل لصالح الجماعة على حساب الدولة والمواطنة".
مستقبل سياسي مظلم
طارق أبوالسعد، الكاتب والباحث المتخصص في الحركات المتطرفة يرى تأثير تسجيل شبيلات لن يكون قاصرا على الحالة الأردنية فحسب، بل يمتد للتنظيم الدولي بكافة أفرعه في الدول العربية.أبوالسعد قال لـ"العين الإخبارية": "تصريحات صادمة واقعية لشخصية بارزة كفرت بأفكار الإخوان، ولن يستطيع أحد المزايدة عليه أو توجيه الاتهامات الإخوانية المعلبة له، إذ إنه لم يبرأ نفسه بل هاجم التيار بأكمله".
وأضاف أن "ما قاله شبيلات سيكون له تبعات مدوية تظهر في مزيد من تسليط الضوء على ممارسات الإخوان وأفكارهم الفاسدة، بل سيقود إلى نحو مزيد من تفكيك أفكارهم وربما يكون ذلك نواة لمشروع تنويري أردني مناهض للجماعة الإرهابية".
واتفق الخبراء أن "إخوان الأردن يعيشون أصعب أيامهم على الإطلاق، إذ إن محاولاتهم لوضع قدم في أي تغيير قادم للمنظومة السياسية باتت مهددة بالفشل، بعد أن لفظهم أصبح من الداخل جنبا إلى جنب اللفظ الشعبي الذي طاله في آخر انتخابات بالبلاد".