مصر وتقويض دويلة الإخوان.. مواجهة ثلاثية وتحذير
لم يعد خطر تنظيم الإخوان الإرهابي على رأس المشاغل المصرية في العام الجديد، بعد سنوات عمدت فيها القاهرة على تفكيك دويلة الجماعة.
وتمكنت الجماعة الإرهابية عل مدار 4 عقود من التوغل في مفاصل المجتمع المصري مستفيدة من حساب الموائمات التي انتهجتها الأنظمة المصرية المتعاقبة بحسب خبيرين أمنيين تحدثا إلى "العين الإخبارية".
لكن التنظيم الذي يواجه اليوم أزمة عميقة من قمة هرمه إلى قاعدته المتداعية، وصل إلى طور الأفول بفضل مواجهة ثلاثية اعتمدتها السلطات المصرية في تعاملها مع الجماعة.
وقال خبيران أمنيان لـ"العين الإخبارية" إن مصر نجحت في تقويض الجماعة داخليا بعد المواجهة الكبرى التي أعقبت ثورة 30 يونيو/حزيران، بفضل توسيع جبهة المواجهة لتشمل إلى جانب الملاحقة الأمنية، كشف تعاون الإخوان الاستخباراتي داخلياً وخارجياً، وتحجيم نشاطهم الاقتصادي.
مواجهة ثلاثية:
ورأى العقيد حاتم صابر الخبير في شؤون الإرهاب الدولي أن الإدارة المصرية تعاملت بشكل استراتيجي مختلف مع ملف الإخوان منذ 2013.
وأشار إلى أن ميدان المواجهة الأول فرض نفسه بحكم طبيعة الصراع الأمني مع الجماعة، التي كشفت عن وجهها الحقيقي بعد إزاحتهم عن السلطة بثورة شعبية.
وأضاف أن الجماعة فرضت المعركة الأمنية بعد أن اندفعت تحت تأثير الصدمة في محاولة لعقاب الشعب المصري على موقفه منها.
وتابع: "لكن الجديد الذي فطنت إليه السلطات حينها هو ضرورة أن تمتد المواجهة إلى ما وراء العمليات الإرهابية لرصد تحركات التنظيم الدولي، واختراق التنظيم من الداخل للوقوف على انغماسه مع دول وتنظيمات إرهابية في الخارج، لتحقيق أهداف سياسية أو تنفيذ عمليات إرهابية في الداخل.
وأوضح صابر أن مصر نجحت في تحقيق إنجاز كبير في هذا الملف الشائك، وحدث انشقاق كبير بات معلناً الآن بين قيادات الإخوان في الخارج، فضلاً عن تنصل دول كانت داعمة للإخوان منهم.
وتتنازع جبهتان حاليا قيادة الجماعة، جبهة محمود حسين عضو مكتب إرشاد الإخوان ومسؤول التنظيم، وجبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد.
وباتت المعركة في الصف الإخواني علنية وعلى أرفع مناصبها القيادية، منصب الإرشاد في سابقة تاريخية تؤثر بحسب المراقبين قواعد الجماعة التي اعتادت طوال عقود على العمل من مساحة "السمع والطاعة".
أما المحور الثالث الذي تنبهت له مصر في عهد السيسي بحسب الخبير الأمني، فهو المواجهة الاقتصادية، لا سيما أن الرئيس الأسبق لمصر حسني مبارك كان يعتمد فقط في مواجهته للإخوان على المحور الأول فقط من خلال الملاحقة الأمنية، تاركاً المجال أمام التنظيم لبناء إمبراطورية اقتصادية كبرى ومتشعبة، الأمر الذي أدى إلى نجاح الجماعة في تكوين ثروات لا حصر لها لا تزال تستخدمها في الإنفاق على منافذ الإرهاب وتمويل أعضائها في الداخل والخارج منها.
تحذير..
وشدد صابر على ضرورة الاستمرار في إحكام القبضة الأمنية ومواجهة نشاط الإخوان في الخارج، وتحجيم النشاطات الاقتصادية للإخوان، قائلا إن من دون ذلك قد تعود الجماعة التي عرفت في السابق مواجهات أمنية صارمة إلى سابق عهدها بإحياء خلاياها عبر استغلال الخطاب الديني.
ويتفق الخبير الأمني المصري اللواء أحمد فهمي مع الرأي السابق، في أن تحرك الدولة لمجابهة التنظيم بالقوة اللازمة، وعدم التهاون معهم كان له تأثير السحر في تقويض الجماعة داخلياً وعودة الاستقرار إلى الشارع المصري الذي ضاق من أفعالهم.
وقال فهمي لـ"العين الإخبارية" إن عناصر جماعة الإخوان الإرهابية كشفوا عن وجههم القبيح عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر، وأعلنوا صراحة توجههم ضد مصالح الشعب والدولة المصرية، فسهل مهمة الأمن في ملاحقتهم حيث أسرفوا في الظهور الإعلامي وإعلان ولائهم للتنظيم، على الرغم من أن أغلبهم لم يكن معلوماً لدى الرأي العام قبل الثورة.
واختتم بأن أحد الأسلحة الرئيسية التي استخدمتها الدولة في حربها ضد الإخوان، ما أسماه بسلاح الرفض الشعبي من قبل المواطنين لهم، فلم يعد لهم قبول جماهير بأية حال من الأحوال في الداخل المصري، بعد أن تلوثت أيديهم بدماء المصريين في سيناء وشتى بقاع مصر.
يذكر أن عددا كبيرا من قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي يواجه أحكاماً تتراوح بين الإعدام والمؤبد والسجن المشدد جراء مشاركتهم، سواء بالتحريض أو الاتفاق للإضرار بمصالح مصر، أو التعاون مع جهات أجنبية بالمخالفة للقانون المصري.