حكومة الأردن الجديدة تبحث عن "الانسجام" المفقود
سياسيون أردنيون قالوا إن التعديل الأخير الذي طرأ على الحكومة الأردنية يبحث عن الانسجام المفقود بين الوزراء
اعتبر سياسيون أردنيون أن التعديل الأخير الذي طرأ على الحكومة الأردنية يعد إجراء إيجابيا من أجل تحسين وضع الأردن اقتصاديا ومجتمعيا، وتوطيد علاقاته مع العالم الخارجي.
يأتي ذلك بعد أن أنهى رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي الجدل الدائر منذ أسابيع بين حكومته ومجلس النواب، بإجراء تعديل حكومي هو الثاني في تاريخ وزارته التي بدأها في مايو 2016.
وأدى الملفان الأمني والاقتصادي إلى الإسراع في التعديل الأخير، حيث أكد محللون سياسيون أن الإجراء الأخير جاء بسبب ضعف الانسجام بين أعضاء الفريق الوزاري السابق من جهة وسيادة علاقة من الفتور بين الحكومة ومجلس النواب من جهة أخرى.
الملقي وفي تعديله الأخير، أعاد وزير الداخلية الأسبق غالب الزعبي إلى وزارته، الذي استلم قيادتها منذ 5 سنوات مضت، خلفا لسلامة حماد الذي كان مثار جدل في الآونة الأخيرة، خاصة لما أسماه محللون سياسيون ضعفا في التعامل مع الملف الأمني، الذي أدى بدوره إلى طرح الثقة النيابية فيه لمرتين.
ووضع الملقي الإعلامي المخضرم والوزير السابق أيمن الصفدي في منصب وزير الخارجية، ليكون بديلا عن ناصر جودة، الذي ترأس وزارة الخارجية على مدار أكثر من 9 سنوات.
كما أدخل رئيس الوزراء، الدكتور ممدوح العبادي كوزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء بدلا من فواز ارشيدات، والاقتصادي المخضرم عمر الرزاز وزيرا للتربية والتعليم بدلا من محمد الذنيبات.
وانتقل بشر الخصاونة من وزارة الدولة للشؤون الخارجية إلى وزارة الدولة للشؤون القانونية، إضافة إلى تعيين النائب السابق حديثة الخريشا وزيرا للشباب بدلا من رامي وريكات.
سياق طبيعي
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق، سميح المعايطة قال في تصريح صحفي لـ"بوابة العين" إن التعديل الوزاري الأخير يأتي في سياق طبيعي تعود عليه الأردن في مشهده السياسي.
وبين المعايطة أن لدى رئيس الوزراء تقييما معينا لأداء وزرائه، لافتا إلى أن التعديل الثاني يندرج تحت بند إرساء حالة من الهدوء الداخلي وخلق الانسجام بين الفريق الوزاري من جهة، إضافة إلى ترطيب الأجواء مع مجلس النواب.
وأضاف "في المحصلة لا يوجد حدث انقلابي في الحكومة"، معتبرا أن خروج وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور جواد العناني من الحكومة، على سبيل المثال، كان عاديا لأن الأخير لم يكن مؤثرا نوعا ما في بعض الملفات الاقتصادية التي لها مساس مباشر بمعيشة المواطن.
وجدد المعايطة اعتبار أن التعديل الأخير جاء للتخلص من العلاقة السلبية لبعض الوزراء مع البرلمان، منوها إلى أن السياسات العامة التي تتبعها الحكومة في التعامل مع مختلف الملفات الساخنة التي تواجهها وعلى رأسها الملفان الاقتصادي والأمني لن يطرأ عليها أي تعديل.
الخيال السياسي
وفيما يخص إبعاد وزير الخارجية السابق ناصر جودة عن وزارته التي بقي فيها لأكثر من حكومة متتالية، أكد المعايطة أن الدبلوماسية الخارجية الأردنية يقودها الملك عبدالله الثاني فقط، وأن ما دار من تكهنات حول علاقة جودة الوطيدة بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري هي سبب الإبعاد، هو أمر يندرج تحت نوع من "الخيال السياسي".
ولفت إلى أهمية الابتعاد عن الشائعات وعدم الاستماع لمروجي الأفكار السلبية والنظر للتعديل بشكل إيجابي على أنه أمر طبيعي يدل على "ليونة" تتمتع بها السياسة الأردنية داخليا وخارجيا.
بدوره، اعتبر النائب نبيل غيشان، أن المشكلة في الحكومات الأردنية السابقة واللاحقة ليست في تغيير الأشخاص وإنما في تغيير النهج وآليات العمل.
وأوضح غيشان في حديثه لـ"العين" أن القضية الأهم هي القضية الاقتصادية التي هي في حاجة إلى حلول إبداعية من أجل حل المشاكل المستعصية والتخفيف على كاهل المواطن.
وأضاف: "لا يبدو أن وصفة الدكتور هاني الملقي في مشروع قانون الموازنة تختلف عن وصفة سلفه الدكتور عبدالله النسور"، معتبرا أن الحل الوحيد لدى كل رؤساء الحكومات هي اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة وهو أمر مرفوض.
ولفت غيشان إلى أن وزير الداخلية السابق سلامة حماد لم يكن على انسجام مع الملقي؛ حيث تم شموله بالتعديل الأخير إثر عريضة نيابية طرحت الثقة به مؤخرا.
يذكر أن نداءات شعبية ونيابية طالبت رئيس الوزراء بإقالة حماد لما أسموه "تقصيرا" في التعامل مع الملف الأمني عقب وقوع عمليتين إرهابيتين في الكرك (جنوب) الشهر الماضي وسقوط عشرات قتلى وجرحى بين رجال أمن ومدنيين وسياح.
شخصية جديدة
وحول إقالة جودة، قال غيشان "أرى أن جلالة الملك يعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الجمهوريين في حاجة إلى وزير خارجية جديد لا يحمل أي أفكار لها علاقة بالديمقراطيين".
وبين أن الاستحقاق الأمريكي المقبل يريد شخصية جديدة يمكن التعامل معها، ولذلك تم تعيين أيمن الصفدي، الذي له خبرات إعلامية وسياسية واسعة من خلال تاريخه المهني.. ولكن الحكم عليه يجب تركه للأيام المقبلة.
يذكر أن الصفدي شغل منصب مستشار للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وكان متحدثا رسميا في بعثة الأمم المتحدة في العراق، ونائب رئيس الوزراء سمير الرفاعي، ومديرا عاما لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، ومديرا لدائرة الإعلام في الديوان الملكي الهاشمي، إضافة إلى شغله منصب رئيس التحرير المسؤول في صحيفة الغد.