الجيش الأردني.. تأسيس على العطاء وتضحية من أول يوم
يدرك من يسمع زئير أسود الجيش الأردني في تدريباته الحماسية أن مئة عام من العراقة والضرب في أعماق العقيدة العسكرية القومية تحدو عناصره.
أفراد مدججون بالولاء للمملكة الهاشمية وللأمة العربية، يستلهمون تضحية الشهداء في ميدان المعارك، ويتكئون على تجربة الجيش الأردني الطويلة في الحرب والسلم .
تقاليده العسكرية العتيدة وإسهاماته في الداخل والمنطقة العربية وفي بعثات حفظ السلام الخارجية ظلت دوما موضع الإشادة والتقدير في ساحات التدريب والمعارك.
النواة الأولى
يرتبط تأسيس هذا الجيش بالملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين الذي أسس من نخبة جنود الثورة العربية عام 1921 نواة ما سيصبح لاحقا الجيش العربي الأردني.
جيشٌ عربي تأسس على قيم الثورة العربية من أول يوم كما أراد له الملك عبدالله الأول، حين أطلق عليه عام 1923 جيش الثورة العربية الكبرى ليكون لكل العرب شرقا وغربا.
تحدى الجيش صعوبات التأسيس في جو عالمي متوتر خرج لتوه من الحرب العالمية الأولى الطاحنة، لكنه استطاع حينها توطيد الأمن والاستقرار وإشاعة الأمن في ربوع إمارة شرقي الأردن.
قرار تاريخي
ولأنه الجيش العربي الأردني ما إن بسط الملك الحسين بن طلال سلطاته عاهلا للأردن عام 1956 حتى اتخذ قراره التاريخي بالاستغناء عن خدمات الفريق كلوب رئيس أركان الجيش وتسليم قيادة الجيش إلى ضباط من أبناء الأردن الأوفياء.
في حرب ١٩٦٧ كانت كتائب القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي في مقدمة صفوف العرب في حربها مع إسرائيل وفقدت مئات الشهداء في سبيل القضية.
وفي العام التالي ألحق بالجيش الإسرائيلي أول هزيمة مشهودة، في معركة الكرامة التي رفض الملك حسين وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي الأردنية.
جيش الحرب والسلم
بعد وضع الحرب أوزراها مع إسرائيل في أعقاب حرب 1973، انكفأ الأردن على تطوير جيشه ليواكب التطور المتسارع في تلك المرحلة؛ فتحول إلى جيش مدرع ميكانيكي أولا، ثم أدخلت عليه أسلحة حديثة وطائرات مقاتلة، وتوسعت إسهاماته إلى تقديم خدمات صحية وتعليمية بعد توفره على الأجهزة الطبية الحديثة، وإنشائه المدارس في كافة أنحاء الأردن.
ورث الملك عبدالله الثاني من والده وجده اهتماما خاصا بتطوير الجيش الأردني فكان في سلم أولوياته تحديث القوات المسلحة لتواكب العصر تسليحاً وتأهبا فدخلت في مجال التصنيع والتطوير في المجالات الصناعية العسكرية عبر تعاونها الوثيق مع قطاعات دولية وعربية وحتى وطنية.
بلغ الجيش الأردني أشده وأخذ مكانته بين جيوش العالم وأصبح حاضرا فاعلا في ميدان حفظ السلام العالمي، لينقل الجندي الأردني صورة ناصعة عن بلاده للخارج؛ وذلك بالتعامل الحضاري مع ثقافات شعوب العالم في أنحاء المعمورة.
داخليا لم تنس اليد الحانية للجيش دورها المجتمعي فحققت وتحقق نجاحاً ملموسا في الإسهام بدور مشهود في ميادين التنمية عبر تنفيذ العديد من المشاريع للشعب الأردني.
واستوعبت القوات المسلحة الأردنية ولاتزال مئات الآلاف من أبناء الأردن، وتتولى تعليم وتدريب وتربية من ينخرط في صفوفها من ضباط وأفراد، فيما يصل عدد اختصاصات المهن فيها ما يقارب ثلاثمائة اختصاص تشمل المهن الإدارية والهندسية، وحتى التكنولوجية والطبية وغيرها.
وتتجاوز إسهامات الجيش وبالأخص خدماته الطبية الوطن الأردن إلى الحيز الجغرافي الإقليمي والدولي عبر إرسال الفرق الطبية ومستشفيات الميدان لمناطق الكوارث والصراع في العالم.
وهكذا ينهي الجيش العربي الأردني مئة عام من عمر الدولة مقدما الشهيد تلو الآخر في الدفاع عن البلاد، وعن إخوته العرب، ومسهما بقدم راسخ في حفظ السلم العالمي، وقريبا من أبناء جلدته في تقديم خدماته مقدما يد العون الحنون إلى المجتمع والوطن.