الأردنيون يتجهون إلى الطاقة الشمسية
الأردن يستورد ما يقرب من 98% من إمدادات الطاقة لديه، لكن هناك خطة حكومية لجعل الطاقة النظيفة 20% من استهلاك الطاقة الكلي للمملكة.
تلمع عشرات الألواح الشمسية على سطح مساجد واقعة في جنوب عمان لالتقاط أشعة الشمس الحارقة وتوليد الكهرباء منها، في خطوة تعكس توجها متزايدا في الأردن لاستخدام الطاقة البديلة في ظل فاتورة ضخمة للمشتقات النفطية.
ويروي إمام مسجد "حمدان القرا" الشيخ عدنان يحيى: "بعد أن كنا ندفع فواتير كهرباء تصل إلى 12 أو 13 ألف دينار سنويا (17 إلى 18.5 ألف دولار) وما بين 2 إلى 3 آلاف دينار شهريا (3 إلى 4.5 ألف دولار) في أشهر الحر الشديد والبرد الشديد، انخفضت الفاتورة إلى الصفر تقريبا".
وبات الاعتماد على الطاقة الشمسية شائعا في الأردن وخير دليل على ذلك انتشار ألواح الطاقة الشمسية على أسطح البيوت والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والفنادق والشركات والمصانع. كما تم افتتاح محطتين للطاقة الشمسية في مخيمي الزعتري والأزرق للاجئين السوريين العام الماضي.
وتم نصب 140 لوحا شمسيا في المسجد مطلع العام الحالي من أجل توليد 44 كيلووات بتكلفة 32 ألف دينار (45 ألفا و700 دولار). وهي تكفي كل حاجة المسجد الذي يتسع لـ1500 مصلٍ ويوجد فيه 50 جهاز تكييف و35 مروحة وأكثر من 120 مصباحا و32 كاميرا وأجهزة وسماعات.
ويضيف الشيخ ذو اللحية البيضاء وقد علت على وجهه ابتسامة عريضة: "في السابق كان المصلون في الصيف يشكون الحر ويطلبون منا تشغيل المزيد من أجهزة التكييف. أما اليوم فهم يقولون لنا: خففوا الأجهزة، متنا من شدة البرد".
وهذا المسجد واحد من نحو 380 مسجدا وكنيسة تم تزويدها بأنظمة الطاقة الشمسية في المملكة، بحسب وزارة الطاقة.
ويعتمد الأردن، الذي يستورد 98% من احتياجاته من المشتقات النفطية من الخارج منذ وقت طويل، على الغاز وزيت الوقود الثقيل والديزل من أجل تشغيل محطاته الكهربائية، لكنه الآن يسعى للتقليل من هذا الارتباط متجها إلى مجال الطاقة المتجددة وخصوصا الشمسية.
وتعاني المملكة من أوضاع اقتصادية صعبة ودين عام تجاوز 40 مليار دولار، وأحد أسباب هذه الديون يكمن في تجاوز فاتورة استيراد المشتقات النفطية 3 مليارات دينار (نحو 4,5 مليار دولار) سنويا، بحسب الأرقام الرسمية المعلنة على موقع الإحصاءات العامة.
وازدادت مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة خلال السنوات الخمس الأخيرة. ففي محافظة معان التي تبعد 212 كلم جنوب عمان وحدها، تم إنشاء 11 مشروعا؛ أبرزها مشروع "شمس معان" للطاقة الشمسية الذي تبلغ كلفته نحو 170 مليون دولار وسيسمح بتوليد 52,5 ميجاوات من الكهرباء.
ويقول مدير عام شركة "قعوار" للطاقة حنا زغلول: "الطاقة الشمسية ستوفر على الأردن ثمن الوقود الذي يتم شراؤه من الخارج بالعملة الصعبة وتساعده على الاعتماد على ذاته في توليد الطاقة".
ويوضح أن "الأردن مؤهل لمثل هذه المشاريع الحيوية والنتائج مشجعة جداً، فالطاقة الشمسية متوفرة 320 يوما بالسنة فضلاً عن توفير المئات من فرص العمل".
ويشير إلى أن المشروع "هو أحد المشروعات الكبرى من نوعه في الأردن"، ويضم 640 ألف خلية شمسية نُصبت على أرض ذات حرارة مناسبة قليلة الغبار، تبلغ مساحتها كيلومترين مربعين.
- نقلة سريعة في الطاقة المتجددة
وتؤكد وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي أن "الأردن يشهد نقلة نوعية سريعة في مجال الطاقة المتجددة".
وتضيف: "قبل عام 2012، لم نكن نملك حتى أنظمة أو قوانين أو تشريعات تتعلق بالطاقة المتجددة. أما اليوم فأصبح لدينا أكثر من 800 ميجاوات من القدرة التوليدية، من مشاريع الطاقة المتجددة: 600 ميجاوات طاقة شمسية و200 ميجاوات طاقة رياح".
وتوضح أن "هذا يعادل نحو 1,1 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية"، في إشارة إلى المشاريع التي تنفذها شركات أجنبية، و"يمثل 7% من الكهرباء المستهلكة في الأردن".
وتتابع: "من الآن حتى نهاية العام المقبل، نتوقع أن تصل سعة الطاقة المتجددة إلى نحو 1500 ميجاوات باستثمارات خارجية تبلغ نحو 2,3 مليار دولار".
ويعمل الأردن على زيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مجمل استهلاكه للطاقة، ويطمح إلى أن تصل إلى 2000 ميجاوات من حاجة المملكة البالغة 4200 ميجاوات، أي ما نسبته نحو 20% من الكهرباء المستهلكة بحلول عام 2020، بحسب وزارة الطاقة.
- زيادة الاعتماد على النفس
ويشدد وزير الدولة الأردني السابق للشؤون الاقتصادية يوسف منصور، الذي يرأس حاليا شركة "الرؤية للاستشارات الاقتصادية والإدارية" على أهمية "استغلال هذه الطاقة الموجودة والنظيفة والرخيصة والمتوفرة بشكل كبير في مناطق لا تغيب عنها الشمس، سواء في الجنوب أو في الصحراء الشرقية".
ويوضح أن "هذه المشاريع تمنع تسرب الدينار وتحسن ميزان المدفوعات وتجعل الدولة تعتمد على ذاتها في توليد الطاقة".
وتقول زواتي إن كلفة إنتاج الطاقات المتجددة انخفضت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. "اليوم يبلغ سعر كيلووات من الطاقة الشمسية نحو 4 قروش وهو في نزول مستمر". ويساوي هذا السعر أقل من النصف بالنسبة إلى كيلووات مولد من مشتقات نفطية.
وتضيف: "الله أعطانا الشمس والرياح، وهي طاقة محلية كلما استخدمناها أكثر زدنا من اعتمادنا على أنفسنا أكثر".