المرأة الأردنية.. قصة نجاح وتميز في مئوية المملكة
تبوأت المرأة الأردنية منذ مراحل التأسيس الأولى أدوارا مهمة بمختلف القطاعات لدعم التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية خلال المائة عام.
وكفلت الدساتير الأردنية حقوق المرأة وترسخ ذلك بالقوانين والتعليمات التي تضمن هذه الحقوق وتصونها، ورغم اصطدامها بالموروثات الثقافية إلا أنها بقيت تناضل لتنال جميع حقوقها وتتساوى مع الرجل، وفقا لما نشره الموقع الرسمي لمئوية الدولة الأردنية.
ومنح الدستور الأردني لعام 1952 للمرأة حقوقاً متساوية كالرجل. وأعطت القوانين الوطنية ومنها: قانون الانتخاب، وقانون البلديات، وقانون الأحزاب السياسية، المرأة حقها في الانتخاب والترشيح كالرجل.
في عام 1945، تم تأسيس الاتحاد النسائي الأردني بمبادرة من الرائدات الأردنيات، وانحسر نشاط الاتحاد بالعمل الاجتماعي والثقافي وتم إنشاء مراكز رعاية للأمومة والطفولة ومكافحة الأمية بين النساء والتثقيف الصحي والاجتماعي. وتم حل الاتحاد عام 1957 بعد إعلان قانون الطوارئ الذي تم بموجبه حل الحكومة والأحزاب والاتحاد.
الانخراط في الحياة العامة
خطت المرأة الأردنية خطوات مهمة في سياقات انخراطها في الحياة العامة، وأشار قانون العمل لعام 1960 الذي اختلف عن غيره من التشريعات إلى قضية المرأة بشكل علني وواضح، فأفرد للمرأة العاملة- إضافة للنصوص العامة التي ساوى فيها بين الرجل والمرأة- أحكاما خاصة لحماية حقوقها ومراعاة ظروفها الاجتماعية.
وتضمّن هذا القانون، بالإضافة إلى القانون المعدل له رقم 2 لعام 1965، والقانون رقم 2 لسنة 1972 العديد من المواد الخاصة بالنساء تحديداً، فقد جاءت المواد 46 و47 فيه لتحظر عمل المرأة بالأعمال الخطرة أو الليلية إلا في الحالات التي تحدد بقرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.
كما تضمّن القانون أحكاما خاصة برعاية الأمومة والطفولة إذ سمح للمرأة بإجازة قبل وبعد الولادة تتقاضى خلالها المرأة منحة الأمومة بعد أن ألزم القانون صاحب العمل بدفع أجرة المرأة عن هذه المدة بحال استكملت شرط العمل لدى صاحب العمل مدة لا تقل عن 180 يوماً.
وهذا ما ذهب إليه قانون الخدمة المدنية رقم 23 لسنة 1966، حيث نصت المادة 107 منه على استحقاق الموظفة الحامل لإجازة أمومة أقصاها شهر واحد براتب كامل مع العلاوات بناءً على تقرير طبي معترف به من اللجنة الطبية المختصة.
ووضعت الحكومة خلال الأعوام 1973و1975 خطة التنمية الثلاثية لإتاحة الفرصة أمام المرأة للمساهمة في عملية التنمية من خلال التدريب والتأهيل المهني وما رافق ذلك من ارتفاع في معدل توظيف النساء لسد الفراغ الناجم عن هجرة الرجل للعمل في سوق الخليج عند ارتفاع أسعار النفط عام 1973 وتزايد الطلب لمهارتهن، الأمر الذي فتح أمامهن فرصة كبيرة لدخول مجال العمل من أوسع أبوابه.
المرأة والعمل السياسي
انعكس تطور أوضاع المرأة في مجال العمل على دورها في العمل السياسي، إذ استطاعت التقدم بخطوات متسارعة بهذا المجال منذ صدور مرسوما ملكيا بإعطائها حقها في الترشيح والانتخاب عام 1974.
وبناءً عليه أصدرت الحكومة في العام نفسه قانونا معدلا لقانون انتخاب مجلس النواب ينص على إعطاء المرأة حقها في الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس النواب، تلى ذلك مشاركتها بالمجلس الوطني الاستشاري من 1978 و 1982 بعضوية 9 نساء من أصل 190 عضوا وكانت هذه البداية لتقلدها لأول منصب بالسلطة التنفيذية عام 1979، وذلك عندما شغلت السيدة إنعام المفتي منصب وزيرة التنمية الاجتماعية كأول امرأة تدخل الوزارة.
وتوجت تشريعات هذه المرحلة بإعطاء المرأة ولأول مرة الحق في الانتخاب والترشيح لعضوية المجالس البلدية، بحلول عام 1982، مع أنها لم تمارس هذا الحق إلا عام 1995.
وكانت الانطلاقة الحقيقية لمشاركة المرأة انتخاباً وترشحاً عام 1989، الذي شهد عودة الحياة البرلمانية بانتخابات مجلس النواب الـ11، حيث ترشحت 12 امرأة من إجمالي المترشحين حينها 647، ولم تفز أي من المرشحات في تلك الانتخابات.
وفي انتخابات مجلس النواب الـ12 عام 1993، ورغم تراجع عدد المرشحات إلى 3 من إجمالي المترشحين 534، فازت إحداهنّ (توجان فيصل) لتصبح المرأة الأردنية الأولى التي تدخل مجلس النواب.
تأسست اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة كآلية وطنية للنهوض بوضع المرأة في الأردن بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 21/11/3382 في عام 1992 وبرئاسة الأميرة بسمة بنت طلال وعضوية الوزراء المعنيين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص. وقد قرر مجلس الوزراء بتاريخ 21/9/1996 اعتبار اللجنة المرجع لدى جميع الجهات الرسمية وممثلا للمملكة في كل ما يتعلق بالأنشطة النسائية وشؤون المرأة.
وشغلت منصب وزارتا التخطيط والتنمية الاجتماعية في عام 1994 امرأتان، أما عام 1995 فقد كان العام الذي مارست فيه المرأة ولأول مرة حقها في الترشيح لعضوية المجالس البلدية. بالرغم من أنها منحت هذا الحق في عام (1982)، والذي تكلل بفوز تسع نساء بعضوية المجالس البلدية وفوز إحداهن بمنصب رئيس البلدية. بينما بلغ مجموع النساء العاملات في مجال السلطة القضائية مع نهاية عام (1998) (5) فقط من بين (406) قضاة،.
الخطة الخمسية
دعمت الخطة الخمسية الممتدة ما بين 1999-2003 مسيرة المرأة في مختلف الميادين، لينعكس ذلك على أرض الواقع وخصوصاً في مجال السلطة التنفيذية بتعيين ريما خلف نائبا لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط، وتلا ذلك فوز نهى المعايطة عام 2001 في الانتخابات التكميلية للمقعد الشاغر في مجلس النواب.
وشهد العامان 2001 و2002. تمثيلا دبلوماسيا نسائيا واضحا بتعيين سيدتين بمنصب سفيرة، تزامنا مع تعيين رويدا المعايطة وزيرة للتنمية الاجتماعية عام 2002.
في انتخابات مجلس النواب الـ14 التي أجريت عام 2003، تم تخصيص كوتة للنساء لأول مرة، بموجب قانون الانتخاب رقم 34 لعام 2001 والذي عدّل عام 2003، وبلغت 6 مقاعد من إجمالي 110 مقاعد، وحينها ترشحت 54 سيدة من إجمالي المترشحين حينها 819 ولم تفز أي مرشحة بالتنافس وإنما بالمقاعد المخصصة للكوتة.
وشكلت انتخابات مجلس النواب الـ15 عام 2007، نقلة نوعية للأردنيات من حيث أعداد المرشحات، حيث ترشحت 199 امرأة من إجمالي المترشحين حينها 885، إلا أن هذه الزيادة لم تؤد إلى زيادة في عدد الفائزات بالتنافس، حيث فازت مرشحة واحدة بالتنافس إلى جانب المقاعد الستة المخصصة للكوتة النسائية.
وفي عام 2007 تم تعديل قانون البلديات الذي خصص ما نسبته 20% من مقاعد المجلس البلدي للنساء، وارتفعت نسبة المقاعد المخصصة للنساء إلى 25% عام 2013، كما نص قانون اللامركزيةِ لعام 2015 أن يضاف للنساء نسبة 10% من عدد المقاعد المخصصة لأعضاء المجلس المنتخبين؛ ومن المعينين 5%.
الترفيع في عدد المقاعد المخصصة للنساء
وفي انتخابات مجلس النواب الـ16 عام 2010، تم زيادة عدد مقاعد الكوتة المخصصة للنساء إلى 12 مقعدا من أصل 120 مقعدا، حيث ترشحت 134 سيدة من إجمالي المترشحين حينها 763 ولم تتمكن سوى مرشحة واحدة من الفوز بالتنافس في حين فازت 12 مرشحة بالمقاعد المخصصة للكوتة النسائية.
وفي انتخابات مجلس النواب الـ17 العام 2013، بلغ عدد المتقدمين بطلبات للترشح 1528 مرشحاً ومرشحة، من بينهم 208 سيدات، وفازت 18 امرأة من بينهنّ واحدة على القوائم و2 بالتنافس، فيما فازت 15 سيدة بالكوتة.
وكانت نسبة التمثيل النسائي في هذا المجلس 12% (زاد عدد مقاعد الكوتة للنساء في هذا المجلس إلى 15 من أصل 150 عضوا بموجب قانون الانتخاب المعدل لعام 2012.
وفي انتخابات مجلس النواب الـ18 عام 2016، صدر قانون الانتخاب لمجلس النواب لعام 2016، وبموجبه تم تخفيض عدد مقاعد المجلس إلى 130 خصص منها 15 مقعداً للكوتة النسائية.
وبلغ عدد المترشحين حينها 1252 منهم 257 مرشحة، وتمكّنت 5 نساء من الفوز بالتنافس إلى جانب مقاعد الكوتا الـ 15، وبهذه النتيجة ارتفع عدد النساء إلى 20 نائبا، من أصل 130 نائبا، وهي أعلى نسبة تمثيل نسائي في تاريخ مشاركة النساء في الحياة البرلمانية.
الاستراتيجية الوطنية للمرأة
صادقت الحكومة الأردنية بتاريخ 8 مارس/آذار 2020 على الاستراتيجية الوطنية للمرأة في الأردن للأعوام 2020-2025 وتضمنت الاستراتيجية 4 أهداف رئيسية تتناول تحقيق المشاركة الفاعلة للنساء وشمولهن في العملية التنموية وحصولهن على حقوقهن الإنسانية في الفضاءين العام والخاص، وأهدافا تتركز بشكل أساسي على دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وضرورة تبني الأعراف والأدوار الاجتماعية الإيجابية للنساء والرجال لضمان فعالية الجهود في مجابهة العنف والتمييز القائم على أساس الجنس.
وفي مجال المرأة والتعليم، حقق الأردن إنجازات متميزة ويعزى ذلك إلى نجاح السياسات التربوية في توفير فرص التعليم للجميع ذكورا وإناثا وإلى فعالية النظام التربوي في الاحتفاظ بالطلبة دون تسرب.
وارتفعت نسب التحاق الإناث بمراحل التعليم بدرجة فاقت الذكور في معظمها، إذ بلغت نسبة الإناث إلى الذكور في مرحلة التعليم الأساسي 97.8 طالبة لكل 100 طالب.
وفي مرحلة التعليم الثانوي الأكاديمي 118 طالبة لكل 100 طالب، بينما تمثلت الإنجازات التربوية ببعدها النوعي بتميز نتائج التحصيل التعليمي للطلبة الإناث وتفوقهن وفقا لما تشير إليه نتائج الاختبارات الوطنية في مختلف المباحث والمستويات التعليمية.
مجال التعليم العالي
وفي مجال التعليم العالي؛ فإن تعدد وتنوع مؤسسات التعليم العالي من جهة؛ وعددها 30 جامعة، منها 10 جامعات رسمية و20 جامعة ومعهدا وأكاديمية خاصة، إضافة إلى 43 كلية مجتمع حكومية وخاصة تقدم مختلف البرامج والتخصصات العلمية، وارتفاع معدلات الإناث في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة في مختلف المسارات؛ أدى ذلك كله إلى ارتفاع نسب التحاق الإناث في مؤسسات التعليم العالي بمختلف مستوياتها بدرجة فاقت الذكور أيضا.
وبلغت نسبة الإناث إلى الذكور في مستوى التعليم الجامعي 104 طالبات لكل 100 طالب، بينما بلغت نسبة الطالبات في التعليم العالي المتوسط (كليات المجتمع) 137 طالبة لكل 100 طالب حسب إحصاءات التعليم العالي للعام الدراسي 2010/2009.