رحلة هاري وين.. حين تجد المليارات تحت أكوام القمامة
عندما ولد هاري وين في العام 1937، لم يكن يحمل معه سوى المشاكل تقريبا، لكنه حقق ثروة ضخمة من لا شيء.
ما وجده هاري وين منذ النشأة مشاكل دراسية ومشاكل عائلية ومشاكل اجتماعية، وكل شيء يمكن أن يخطر ببالك عاش فيه الطفل هاري.
لكن آخر شيء ممكن تخيله ان يتحول هذا الطفل إلى أي شيء ناجح، ناهيك إلى واحد من كبار مليارديرات العالم.
مر هاري وين بمأساة في عمر المراهقة حيث تفرق والداه، بسبب العنف الأسري، هذا الوضع جعله يضطر، وهو ابن الخامسة عشر أن يعمل كل شيء يمكن أن يخطر ببالك.
عمل الصبي كسائق سيارات، ثم كعامل في محطة وقود، ولم يكمل تعليمه بالطبع، ثم ترك كل شيء والتحق بالجيش لمدة عام على أمل أن يستمر فيه ويضمن وظيفة مستمرة، ولكنه سُرح من الجيش، فعاد مرة أخرى لرحلة البحث عن عمل.
كنوز أكوام القمامة
عمل هاري وين عدة وظائف مؤقتة، ثم استقر على وظيفة يمكن أن يراها الكثيرون أنها وضيعة. حيث انضم للعمل إلى شركة جمع قمامة، وكان دوره هو اقناع العملاء للتعاقد مع الشركة التي يعمل بها، حيث يخرج كل يوم ليطرق أبواب الأشخاص والشركات والأفراد، محاولاً اقناعهم بأن تتولى شركة القمامة التي يعمل لديها عملية جمع قمامة منازلهم وشركاتهم مقابل اشتراك شهري أو سنوي.
والواقع أن الشاب كان ماهراً، فبدأ في حصد الموافقات من الجميع تقريباً، هنا طرأت في ذهنه الفكرة، لماذا لا يبدأ شركته في هذا المجال "مجال القمامة" بعد أن حصل على خبرة كبيرة فيه، وعمل فيه عدة سنوات مكنته من أن يتزوج؟
عانى هاري من مشاكل نقص رأس المال، إلا أنه وجد أخيراً فرصة، عندما استطاع شراء سيارة جمع قمامة رخيصة ومستعملة بحالة لا بأس بها، بمبلغ 5 آلاف دولار اقترضها من حماه ، الذي وافق على مضض.
وبدأت هاري رحلته في العام 1962.
يعمل كل شيء بنفسه
تحول هاري في تلك الفترة إلى سوبرمان كان يستيقظ من الساعة الثالثة صباحاً، ليعمل على جمع القمامة عبر قيادة السيارة التي اشتراها بنفسه حتى الظهيرة، ثم يعود إلى منزله، يتناول الغداء ويستبدل ملابسه، ويخرج ويذهب إلى سكان الأحياء في المدينة ليطرق أبوابهم ليقنعهم بالتعاقد مع شركته.
بنفسه يقوم بكل شيء، يجمع القمامة بنفسه، ويقنع الزبائن بالانضمام. أي أنه يقوم بالعمليات بنفسه، ويقوم أيضاً بالتسويق والتواصل مع العملاء المحتملين بنفسه.
هذا السلوك، جعل سكان الأحياء وأصحاب الشركات يوافقون التعامل معه، مع دماثة خلقه واصراره وتنفيذه لما يقوله بالضبط ، وتقديمه لأفضل جودة ممكنة لخدمته.
زاد المال فاشترى سيارة أخرى ثم ثالثة ورابعة
بدأ هاري في توظيف السائقين، وافتتاح مكتب لمتابعة عمليات جمع القمامة وتلقي أية شكاوى، وأيضاً التواصل مع الزبائن المحتملين بشكل أكثر كثافة واحترافية.
بدأت الامور تتصاعد بشكل ممتاز، وتحول شركة هاري إلى شركة صاعدة.
رحلة الصعود الكبرى لهاري وين
في ذلك التوقيت، وبقدوم العام 1968، كان أحد أصدقاء هاري قد بدأ شركة جمع قمامة هو أيضاً، فقرر كلاهما الاندماج سوياً تحت شركة جديدة باسم "إدارة النفايات".
بعد 3 سنوات وبحلول العام 1971، طرحت اسهم الشركة الناشئة في البورصة، ساهمت في جمع رأس مال جيد جداً.
في تلك الفترة، بدأ هاري حملة استحواذات عديدة، حيث كان يستحوذ على أي شركة ناشئة صغيرة تعمل في جمع القمامة، ويبدو أن مستواها مرتفع.
وخلال سنوات بسيطة، اشترى هاري أكثر من 100 شركة جمع قمامة صغيرة في مدن وبلدات مختلفة في أمريكا.
بعد عشر سنوات، من بدء مسيرة عمله بسيارة جمع قمامة واحدة، كانت شركة هاري قد حققت عوائد إجمالية قيمتها 82 مليون دولار، ويعمل بها أكثر من 60 ألف عامل نظافة، ولديها أكثر من نصف مليون عميل نظامي.
التوسع إلى مجالات أخرى
نمت ثروة هاري وين، بشكل جعله يميل إلى تجربة أعمال أخرى في عالم البيزنس بدلاً من حصر نفسه في عالم بيزنس جمع القمامة، فقام بحشد عدد من المستثمرين والمساهمين لشراء واحدة من كبريات شركات الفيديو في تلك الفترة – الثمانينيات -، وهي شركة بلوكباستر لاشرطة الفيديو، وجمع حوالي 18 مليون دولار من المستثمرين، واشترى حصة كبيرة في الشركة أهلته لتكون رئيس مجلس إدارتها.
كانت بلوكباستر مكونة من 8 محلات فقط في مدينة شيكاغو ، لبيع شرائط الفيديو، بعدها بعامين فقط، طرح هاري الشركة في البورصة، وجمع رأس مال جعله يتوسع سريعا لافتتاح 19 متجرا للفيديو حول أمريكا.
بعد سنوات بسيطة، ارتفع عدد فروع بلوكباستر في أمريكا والعالم لأكثر من 3000 فرع موزعين على حوالي 10 دول حول العالم.
في منتصف التسعينيات، بيعت شركة بلوكباستر بصفقة ضخمة قدرت بـ 8 مليارات دولار.
المزيد من الأعمال
لم يتوقف هاري وين عن المغامرات في الأعمال، فبعد شركة جمع القمامة، وشركة بلوكباستر ، خاض هاري تجربته الثالثة عبر تأسيس وكالة بيع سيارات باسم "أوتو نيشن" Autonation في العام 1996، قام على أثرها بافتتاح مئات الفروع في أمريكا. لاحقا.
أسس هاري سلسلة فنادق كبرى في أمريكا، باعها سنة 2004 بمبلغ ضخم، حتى الأندية الرياضية، قام هاري وين بشراء بعضها وبيعها بأضعاف أسعارها في وقت لاحق.
غادر "هاري وين" الحياة في العام 2018 عن 81 عاماً، وهو يحتاز ثروة قدرت بحوالي ملياري دولار على الأقل، ويعتبر واحداً من أروع النماذج العصامية التي يتم تدريسها والإشارة لها، بدأ حياته العملية كجامع للقمامة، ورحل عن الحياة مليارديراً يملك أصولاً مالية هائلة ، وشهرة وسمعة طيبتين حول العالم.
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز