"إعلان جوبا".. خارطة طريق لإحلال السلام في السودان
الروح التي تم بها اتفاق إعلان المبادئ تعطي مؤشرات قوية بأن الطرفين على استعداد لتقديم أكبر تنازلات ممكنة.
جاء الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة السودانية، وحركات المعارضة المسلحة، في عاصمة جنوب السودان جوبا، ليمهد الطريق لسلام دائم في البلاد التي تعاني مرارات الحروب الأهلية منذ سنوات.
ووقع وفد حكومة السودان، مساء الأربعاء، اتفاق "إعلان جوبا" مع تحالف الجبهة الثورية الذي يضم نحو 6 فصائل مسلحة، واتفاق مماثل مع الحركة الشعبية (قطاع الشمال) قيادة عبدالعزيز الحلو.
وتضمنت الاتفاقيتان إجراءات تمهيدية لبناء الثقة توطئة للدخول في مفاوضات بحلول منتصف أكتوبر/تشرين أول المقبل، على أن تنتهي في أو قبل 14 ديسمبر، في جوبا وبرعاية مباشرة من حكومة دولة جنوب السودان.
طبقا لوثيقة الاتفاق الأولى التي وقعت عليها الأطراف بوساطة مباشرة من رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وأطلق عليها "إعلان جوبا" فإنه تقرر الشروع الفوري في إجراءات بناء الثقة وفقا للوثيقة الدستورية ووضع الآليات المناسبة للتنفيذ.
واتفقت الأطراف، بحسب الوثيقة التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، على عرض الاتفاق على مجلس السلم والأمن الأفريقي ليصدر بموجبه تفويضا جديدا بشأن مفاوضات السلام السودانية، كما طلبت الأطراف من الاتحاد الأفريقي السعي لاعتماد التفويض في المؤسسات الدولية على رأسها مجلس الأمن.
ونصت الوثيقة الموقعة مع الجبهة الثورية على أهمية إشراك الاتحاد الأفريقي ودول تشاد ومصر والسعودية والإمارات والكويت ومنظمة إيغاد ودول الترويكا والاتحاد الأوروبي كأطراف مهمة لا بد من إشراكها في مراحل صناعة السلام وبنائه.
كما نصت على تكوين لجان مشتركة تعمل إحداها على متابعة إطلاق سراح الأسرى والمحكومين منهم ما لم يكن هناك حق خاص، بجانب لجنة أخرى لمتابعة إجراءات وقف العدائيات والمسائل الإنسانية مع اعتماد آليات المراقبة.
كما تم الاتفاق على إرجاء تشكيل المجلس التشريعي لحين التوصل إلى اتفاق سلام، وبحسب معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" فإن الحركات المسلحة ستحصل على 33% من مقاعد البرلمان.
وشمل الاتفاق كذلك تكوين لجنة لمتابعة الترتيب لمفاوضات السلام والإعداد لها والتنسيق بين مسارات التفاوض بآليات مناسبة.
ووافق وفد الحكومة السودانية بموجب الاتفاق المبدئي على إلغاء قوائم حظر السفر المحددة لأسباب ذات صلة بالحرب، مع مراجعة القرارات بشأن أراضي السدود وتلك التي منحت لمستثمرين في الولاية الشمالية.
كما تقرر أن تكون أطراف التفاوض مع الحكومة هي "الحركة الشعبية" بزعامة الحلو والجبهة الثورية، وتجمع قوى دارفور، وحركة تحرير السودان -قيادة عبدالواحد نور- وأي قوى أخرى يتم ضمها بالاتفاق بين حكومة السودان وأي من الأطراف الأساسية الموقعة على إعلان جوبا.
وفي وثيقة منفصلة، وقع عضو مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان، على اتفاق مبدئي مع عبدالعزيز الحلو تضمن موافقته على بدء التفاوض مع الحكومة السودانية في 14 أكتوبر/تشرين أول المقبل في جوبا برعاية حكومة جنوب السودان.
وتعد الحركة الشعبية شمال، قيادة عبدالعزيز الحلو، من أكبر الفصائل المسلحة في السودان، حيث تسيطر على مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان.
وقال الصحفي والمحلل السياسي، عمرو شعبان، إن الروح التي تم بها اتفاق إعلان المبادئ بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، تعطي مؤشرات قوية بأن الطرفين على استعداد لتقديم أكبر تنازلات ممكنة لتحقيق عملية السلام في البلاد.
واعتبر شعبان، خلال حديث لـ"العين الاخبارية" أن ما حدث في جوبا تقدم تاريخي يمهد طريق السلام، حيث حسم مبادئ عامة كانت محل خلاف الحكومة السابقة والحركات المسلحة خلال جولات تفاوض جرت بينهما.
وتمنى أن تخاطب المحادثات التي ستستأنف أكتوبر/تشرين ا|لأول المقبل بعاصمة جنوب السودان جوبا، جذور الأزمة بحيث يتم تضمين معالجات فعلية للقضايا التي دفعت الحركات إلى حمل السلاح في وجه نظام الحكم.
وأضاف: "هناك مطالب عادلة، يجب الوفاء بها لضمان عدم الانتكاسة والعودة للوراء، فالبلاد سئمت الحرب".
وبذات النظرة المتفائلة رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، آدم محمد أحمد، أن أمام السودانيين فرصة تاريخية لطي صفحة الحرب إلى الأبد، وبدء مرحلة السلام المستدام والتنمية والرفاه.
وقال أحمد لـ"العين الاخبارية" إن إحلال السلام يتطلب الاعتراف بالقوى المسلحة، وهو الشيء الذي لم يحدث من قبل، ولكن وثيقة إعلان المبادئ المبرمة في جنوب السودان دفعت بشكل إيجابي في هذا الاتجاه.
وأشار إلى أن "الفرصة مواتية للسلام أقرب من أي وقت سابق، فأسباب الحرب ربما انتفت بسقوط نظام الحركة الإسلامية، وأن احتضان جوبا للمحادثات سيكون له وقع إيجابي على إكمال عملية السلام، باعتبارات الروابط التاريخية بين البلدين".
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز