ترحيل أسانج لأمريكا.. فصل مثير برحلة مؤسس ويكيليكس
بعد أن اقتربت رحلة مؤسس موقع ويكيليكس من نهايتها بإعطاء بريطانيا الضوء الأخضر لترحيله، بدا الأخير وأسرته غير قابلين على تقبل الخسارة.
فبعد أن أعلنت وزارة الداخلية البريطانية موافقتها على تسليم مؤسس ويكيليكس، جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أطلقت عائلته وفريقه القانوني تحذيرات من تدهور صحته العقلية، والتي قالوا إنها ستتعرض لخطر أكبر إذا تم تسليمه إلى واشنطن.
وقال شقيق أسانج، جابرييل شيبتون، في مقابلة مع "إن بي سي نيوز"، إن عائلته تخشى ألا ينجو أسانج من تسليمه إلى الولايات المتحدة، مضيفًا: "نحن نعيش في خوف من أن جوليان لن ينجو من هذا".
وبدأ جوليان أسانج معركة قضائية في بريطانيا تنتهي بعد 14 يومًا من قرار المحكمة بتسليمه، ليكون مصيره معلقًا بيد المحكمة البريطانية العليا، التي إن وافقت على النظر في الطعن فإن الجلسة لن تعقد على الأرجح قبل العام المقبل.
لكن ماذا سيحل بجوليان أسانج إذا خسر المعركة القضائية وجرى ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يلاحق بتهمة "التجسس".
ما الاتهامات بحقه؟
تأخذ الولايات المتحدة على الأسترالي أنه نشر العام 2010 عبر موقعه ويكيليكس 250 ألف برقية دبلوماسية ونحو نصف مليون وثيقة سرية تتناول أنشطة الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان.
وفي 2013، قضت محكمة عسكرية بسجن المحلل العسكري السابق تشيلسي مانينغ 35 عاما لوقوفه خلف هذا التسريب الهائل. لكن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عمد إلى تخفيف هذه العقوبة قبل أن يتم الإفراج عن مانينغ الذي بات رمزا لقضية التحول الجنسي في مايو/أيار 2017.
وأظهر القضاء حذرا أكبر بالنسبة إلى أسانج، وأطلقت ملاحقات بتهمة "القرصنة المعلوماتية" في شكل سري نهاية 2017. لكن تهمة "التجسس" لم توجه إليه سوى في مايو/أيار 2019 بموجب قانون أقر العام 1917 لمنع كشف معلومات سرية في زمن الحرب.
وفي حال نقل إلى الولايات المتحدة، سيحاكم أسانج أمام محكمة فيدرالية في فرجينيا بعد توجيه 17 اتهاما إليه؛ بينها الحصول على معلومات تتصل بالدفاع الوطني وكشفها، في وقائع ستدفع به إلى السجن حتى 175 عاما.
ويتوقع أن ترافق المحاكمة معركة شرسة محورها التعديل الأول للدستور الأمريكي والذي يحمي حرية الصحافة، إلا أنه في محاولة للإفلات من هذه المعركة، تؤكد السلطات الأمريكية أن أسانج ليس "صحفيا" و"لا ناشرا صحفيا"، وقد عرض عملاء ومصادر عسكرية للخطر.
لكن الملف يثير أسئلة قانونية صعبة في وقت ينشط المواطنون الصحفيون عبر الإنترنت. ويرجح أن يلجأ أسانج إلى الطعن وصولا إلى المحكمة العليا.
ما الضمانات الأمريكية؟
في يناير/كانون الثاني 2021، رفضت محكمة بريطانية طلب التسليم الأمريكي، معتبرة أن شروط الاعتقال في الولايات المتحدة قد تغذي توجهات انتحارية لدى أسانج، غير أن الحكومة الأمريكية تمكنت في نهاية المطاف من إقناع محكمة استئناف بالوقوف في صفها عبر إعطاء ضمانات عدة.
وأكدت واشنطن خصوصا أن أسانج سيتلقى علاجا ملائما، ولن يعتقل في سجن في كولورادو تسري فيه تدابير أمنية مشددة.
ووعدت -كذلك- بألا يخضع مؤسس ويكيليكس لـ"تدابير إدارية خاصة" قبل المحاكمة وخلالها وبعدها، ويشمل ذلك خصوصا نظام عزلة شبه تامة غالبا ما نددت به جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان.
وبعد استنفاد كل الطعون، سيتمكن أسانج من طلب تنفيذ عقوبته في أستراليا، لكن الحقوقيين لا يثقون بالولايات المتحدة ويتهمونها بأنها "لم تف غالبا بوعودها في موضوع الاعتقال".
هل سيحظى بدعم شعبي؟
انتقدت جمعيات الدفاع عن حرية الصحافة اتهام الأسترالي جوليان أسانج بـ"التجسس"، لما يشكله ذلك من خطورة على الصحفيين. وثمة تعبئة متوقعه لصالحه.
لكن في بلد يحظى فيه الجيش بأهمية قصوى، تباينت ردود الفعل حيال ما كشفه ويكيليكس. فبعض الأمريكيين أيدوا كشف الأخطاء العسكرية، في حين وجه آخرون انتقادات شديدة إلى التعرض لأمن العملاء الميدانيين.
وخلال الحملة الانتخابية في 2016، أثار أسانج أيضا استياء فئة من اليسار عبر نشره رسائل إلكترونية سرقها قراصنة روس من فريق المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون، الأمر الذي منح أفضلية آنذاك للمرشح دونالد ترامب.
وأظهر استطلاع أجري في أبريل/نيسان 2019 أن 53% من الأمريكيين يؤيدون تسليمه للولايات المتحدة، في حين يعارض 17% هذا الأمر.
هل يمكن عدم تسليمه؟
أمام الأسترالي 14 يوما ليطعن أمام المحكمة البريطانية العليا بقرار التسليم الذي وقعته وزيرة الداخلية بريتي باتل. وإذا وافقت المحكمة على النظر في الطعن فإن الجلسة لن تعقد على الأرجح قبل العام المقبل، كما أنه يمكنه اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن عملية مماثلة تستغرق عادة وقتا طويلا.
وبمعزل عن الطعون القانونية، فإن تسليمه قد يتأخر لدواعٍ طبية في حال تدهور صحته، فيما أكدت زوجة أسانج أنه تعرض لسكتة دماغية محدودة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
aXA6IDMuMTM4LjEwMS4yMTkg جزيرة ام اند امز