تفجير مطار كابول.. اختبار صعب لـ"طالبان" في تأمين أفغانستان
رغم قواعدها الصارمة حاول كثير من الأفغان تقبل حركة طالبان لسبب واحد، وهو الاعتقاد بأنها ستوفر وضعا أمنيا أفضل من الحكومات السابقة.
ولكن صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أكدت أن محاولات الأفغان لتقبل طالبان تضررت بشدة أمس الجمعة بعد يوم على التفجير الانتحاري الذي تبناه تنظيم داعش-خراسان.
وأسفر التفجير الداعشي عن مقتل 13 جنديا أمريكيا و170 آخرين على الأقل بمطار كابول، في واحدة من أكثر الحلقات دموية بالبلاد.
وضعفت ثقة بعض الأفغان بقدرة طالبان أو استعدادها لمنع هجمات بالمستقبل.
وقال صادق (33 عامًا)، مصور فوتوغرافي، طلب استخدام اسمه الأول فقط خوفا من الانتقام: "عندما سيطرت طالبان على البلاد، وعدونا بالأمان".
وكان صادق ينتظر مع أقاربه قرب بوابات المطار وقت وقوع الانفجار. وفي حين لم يصب هو وزوجة شقيقه، ترك الانفجار شقيقه مصابا بجروح بالغة جراء الشظايا التي أصابت ساقيه.
وأضاف: "الهجوم أوضح لنا أنهم فشلوا في وعدهم.. لا أعتقد أنهم يمكنهم منع وقوع تفجيرات بالمستقبل".
وطبقًا للصحيفة الأمريكية، سلطت المذبحة الضوء على المشهد المعقد والمتقلب الذي تجد طالبان نفسها فيه، مما يثير تساؤلات بشأن قدرتها على تأمين أفغانستان من الهجمات الإرهابية وغيرها، لا سيما بالمناطق الحضرية المكتظة بالسكان.
وعلى عكس المرة الأولى التي سيطرت فيها طالبان على أفغانستان عام 1996، عندما بسطت سيطرتها بسرعة، تواجه الحركة هذه المرة تحديات لسلطتهم حتى قبل تشكيل الحكومة.
وقالت أشلي جاكسون، الخبيرة بشؤون طالبان في معهد التنمية لما وراء البحار: "كانت طالبان، حتى وقت قريب، الطرف الرئيسي الذي يشن هذه الهجمات ضد المدنيين.. الآن انقلبت الأدوار بسرعة، الآن.. هم المسؤولون عن توفير الأمن، وحماية السكان.. هذه مهمة كبيرة.. أمامهم وقت ضيق جدا للاستعداد لهذا الانتقال".
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه يتعين على طالبان اليوم التعامل مع عناصر المقاومة المناهضة لها وأيضًا الجماعات المتطرفة، مثل: تنظيم داعش، الذي زادت قوته خلال الشهور الأخيرة، ويريد أن تفشل طالبان في حكم أفغانستان.
وعلى عكس التسعينيات، فإن طالبان أكثر انقساما، وداخل الجماعة نفسها هناك قادة برؤى تنافسية حول كيفية الحكم وتحقيق الأمن، والذين يختلفون مع الصورة المعتدلة التي تحاول المستويات العليا من القيادة ترويجها أمام العالم.
جغرافيا، تواجه الحركة عقبات أيضا، فبفضل مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية والغربية، أصبحت كابول أكثر ازدهارا وتنوعا، أكبر بكثير وأكثر تطورا عما كانت عليه العاصمة التي حكمتها طالبان منذ عقود.
وأصدرت طالبان بيانا يدين تفجير الخميس، وتعهدت بالعثور على المسؤول ومعاقبته.
ويوم الجمعة، قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد لـ"واشنطن بوست" إن المنطقة "كانت تحت حماية الأمريكيين، لذا كانت مسؤوليتهم".
لكن قياديا كبيرا بطالبان أقر بأن الهجوم كشف مدى ضعف الحركة.
وقال القيادي الكبير المسؤول عن الأمن في كابول، وطلب عدم كشف هويته: "كان هذا حادثا سيئا، لكنه نبهنا لأننا في حاجة لتوخي مزيد من الحذر، نريد من الناس مساعدتنا في الحفاظ على الأمن في كابول، بدون الناس لا يمكننا فعل شيء".
وأضاف: "نطلب من السكان تقديم معلومات عن المسألة"، موضحا أن الحركة حافظت على الأمن بالمقاطعات التي سيطرت عليها فترات طويلة من خلال شبكة متماسكة من المخبرين.
واعترف القيادي بأن استخدام النموذج نفسه للسيطرة على مدينة بحجم كابول لن يكون مقبولًا، قائلًا: "أكبر اختلاف هو السكان، عندما يزيد عدد الناس تزيد المشاكل مثل الجريمة وانعدام الأمن، يصبح من السهل أكثر على الجماعات (الإرهابية) الاختباء بين العدد الكبير للسكان".
وقال القيادي بالحركة إنهم يحاولون مراقبة المكالمات الهاتفية، واستخدام الإنترنت، وغيرها من أشكال الاتصالات لمكافحة الإرهاب.
وأضاف مسؤول استخبارات أفغاني سابق إنه تفاجأ بمدى التقدم الذي أصبحت عليه طالبان الآن عسكريا، مقارنة بالفترة منذ 20 عاما، واصفا إياهم بـ"أكثر انضباطا وأفضل تدريبا".
وتابع: "يمكنهم التعامل مع (تنظيم داعش) إذا أرادو"، لكنه أشار إلى أنه رأى طالبان تنقل أفضل مقاتليها إلى كابول، مما يترك مدنا مثل جلال أباد، التي لطالما كانت موطنا لأنشطة داعش، أكثر عرضة للخطر.
ويرى محللون أن محاسبة داعش-خراسان على تفجير الخميس، هو اختبار رئيسي لقدرة طالبان على الحكم وتأمين البلاد.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA= جزيرة ام اند امز