هجوم جربة بتونس.. تحذيرات رئاسية ووعيد ونفي لمعاداة السامية

هجوم أدمى أوصال تونس ونكأ جراحًا لم تندمل، وأطلق تحذيرات من يد تنظيم الإخوان التخريبية التي عاثت في البلد الأفريقي فسادًا طيلة العشرية المنصرمة.

ذلك الهجوم الذي وقع الثلاثاء وأسفر عن ستة قتلى، بينهم منفذ الهجوم، قوبل بإدانات دولية، واستدعى تحركات محلية، لتحييد أي خطر مستقبلي قد يهدد البلد الأفريقي.

آخر تلك التحركات، ما طالب به الرئيس التونسي قيس سعيد، بضرورة تطهير الإدارة العمومية من كل من اندس داخلها ويعمل على تعطيل السير العادي لها، قائلا: "فالوزارات والمنشآت العمومية وغيرها لا يمكن أن تقوم بوظيفتها وهناك من يعمل داخلها لفائدة جهة معينة لا لفائدة المصلحة العامة، فالظل لن يستقيم إذا كان العود أعوج".

تحذيرات ووعيد

جاء ذلك خلال اجتماع عقده قيس سعيّد، الجمعة بقصر قرطاج، مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، وزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الدفاع الوطني عماد مميش، ووزير الداخلية كمال الفقي، ووزير الشؤون الخارجية نبيل عمار.

الاجتماع تناول الوضع العام في البلاد إثر العملية الإجرامية التي جدّت الثلاثاء بجزيرة جربة جنوب شرقي تونس خلال ختام حج اليهود في معبد "الغريبة" والتي أسفرت عن مقتل 3 أمنيين ومدني تونسي من الديانة اليهودية وسائح فرنسي.

وأثنى سعيد على الجهود التي بذلتها وتبذلها "قواتنا المسلحة العسكرية والأمنية في إحباط كل المخططات التي تستهدف مؤسسات الدولة والسلم الأهلية"، مشيرا إلى أن "الذين يخططون لسفك الدماء هم أنفسهم الذين يسعون إلى افتعال الأزمات بشتى السبل لتأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وللتنكيل بالشعب في قوته ومعاشه".

كما تم خلال هذا اللقاء تناول مواقف بعض العواصم من هذه العملية الإجرامية؛ فأعرب الرئيس قيس سعيد عن خالص شكره للدول التي أعلنت تعاطفها مع الشعب التونسي، وجدد التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي؛ لأن "سيادة تونس وسيادة الشعب داخل الوطن خطان ليس لأي جهة كانت أن تتجاوزها".

واستغرب قيس سعيد من المواقف التي وردت فيها اتهامات لتونس بمعاداة السامية مشيرا إلى أنه "من الغريب أننا في القرن الحادي والعشرين ما يزال البعض يتحدث على سام وحام، إلا إذا كان هؤلاء يريدون الإبقاء على بذور التفرقة والاستفادة من هذا الخطاب".

 والأربعاء أدانت سفارة ألمانيا بتونس الحادث، قائلة إن "كنيس الغريبة والحج السنوي هما ركيزتان ثابتتان للحياة اليهودية في تونس"، مضيفة: "نحن ملتزمون بحماية الحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية وأي شكل من أشكال التمييز في جميع أنحاء العالم".

رسالة للقضاة

من جهة أخرى، تعرض الرئيس التونسي إلى عدد من النصوص القانونية المتعلقة بحرية المعتقد وبحرية ممارسة الشعائر الدينية؛ قائلا: "توجد نصوص أخرى من بينها بالنسبة إلى اليهود القانون عدد 78 لسنة 1958 المتعلق بنظام الشعائر للديانة الموساوية. فكبير الأحبار في تونس يُعيّن بعد الاستشارات العرفية بأمر، وهو الرئيس الروحي لليهود القاطنين بتراب الجمهورية، وهو يراقب البيعات ومعاهد التعليم الديني إلى جانب عدد من الاختصاصات الأخرى.

كما تطرق رئيس الدولة إلى نصوص أخرى كمجلة الالتزامات والعقود ومجلة المرافعات المدنية والتجارية التي تمنع إجراء أي عمل من أعمال التنفيذ ضد اليهود يوم السبت وفي عدد من أيامهم الدينية، كما تمنع إجراء نفس هذه الأعمال بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين، كما ورد ذلك بالفصل 292 من المجلة المذكورة.

وشدد قيس سعيد على "ضرورة الانخراط الكامل للقضاة في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة التي تعيشها تونس لمحاسبة كل من سولت له نفسه أو لا تزال تسول له المساس بالسلم الأهلية أو العبث بمقدرات شعبنا ووطننا العزيز".

وكان تنظيم الإخوان تمكن بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي سنة 2011، من التغلغل في الإدارات التونسية وتمكين أنصارهم من مناصب متقدمة بها، إضافة إلى توظيف جماعتهم من العفو التشريعي العام (الخارجين من السجون بتهم انتماء لتنظيم إرهابي) بالإدارات، في إطار مخطط التمكين.

كما أخذ وزير الداخلية التونسي الإخواني علي العريض (يقبع حاليا في السجن في قضايا إرهابية) على عاتقه، تنفيذ مشروع الإخوان التخريبي وانطلقوا بالمؤسسة الأمنية فقاموا بزرع الأمن الموازي داخلها.

ماذا نعرف عن معبد الغربية؟

ويقع معبد "الغريبة" في قرية صغيرة بجزيرة جربة، سكنها اليهود في الماضي، وتسمى "الحارة الصغيرة" حالياً، ويقطنها قرابة 1300 يهودي تونسي، ويحظى هذا المعبد بأهمية كبيرة بالنسبة لليهود باعتباره يحتوي على أقدم نسخة للتوراة.

ويزور اليهود من مختلف دول العالم معبد "الغريبة"، الذي يعد الأقدم في أفريقيا، ويعود تاريخه إلى قرابة 2600 عام.

وتعود تسمية المعبد بـ"الغريبة" وهي امرأة يهودية قدمت إلى المنطقة واستقر بها الحال في جربة، وأسست كنيس الغريبة. وسمي "الغريبة" نسبة إلى هذه المرأة حيث كانت غريبة على المكان وأهله.

ويتوافد اليهود إلى هذا المزار سنوياً من مناطق شتى من العالم في شهر مايو/أيار كل عام من اليوم الـ33 من تقويم الفصح اليهودي، فيقيمون شعائر دينية ومراسم وطقوساً متنوعة.

aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA==

جزيرة ام اند امز