لجأ بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى فسحة الانشغال المحلي والعالمي بيوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية المنشود ليقيل وزير الدفاع يوآف غالانت كما كان متوقعاً.
وعلى الفور عين يسرائيل كاتس، وزير الخارجية بدلاً عنه، ليضع حقيبة السياسة الخارجية بعهدة المنافس السابق والحليف المؤقت الحالي جدعون ساعر، إلى حين.
والسؤال الذي يطرح نفسه، من هو كاتس هذا الذي يفضله نتنياهو على الدوام، ويضعه في مناصب وزارية متعددة خلال السنوات القليلة، ويكاد يكون الوزير المطيع و المنفذ لكل أوامر رئيس الحكومة، والأكثر نفوذاً في حزب الليكود الذي ينتمي له غالانت المقال.
أولاً: كنت في عام 2018 من بين مجموعة صحفية عربية محدودة ومقيمة في الغرب قد اجتمعت بالوزير كاتس في فندق بمدينة تل أبيب، وكان وقتها وزيراً للنقل و3 وزارات أخرى بالوكالة، وكان يتحدث بقناعة تامة عن كل خطط نتنياهو ومشاريعه داخل إسرائيل وفلسطين المحتلة وعلى مستوى الإقليم.
ثانياً : ومع أن كاتس يميني حتى النخاع، إلا أنه براغماتي إلى حد كبير، يختار معاركه السياسية بناءً على توجهات نتنياهو، ويؤمن بمسيرة الزعيم الإسرائيلي الأشهر في هذا الزمان، ويولي أهمية مطلقة لأفكار عابرة للحدود الإسرائيلية، ترسخ الانفتاح والقوة الإسرائيلية الضاربة بآن معاً.
وهذا توثيق لتلك المرحلة وتوصيف محايد - من وجهة نظري - للرجل، حتى يفهم القارئ الكريم طبيعة إدارة الملفات المعقدة داخل إسرائيل بعيد السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وما خلفه هجوم حماس ورد إسرائيل المستمر حتى اللحظة.
ثالثاً: وبوسعي القول إن "أهم ميزات كاتس كوزير وصانع سياسة في حضرة نتنياهو، أنه مهتم جداً بقضايا خلافية لا يريد نتنياهو لربما الحديث عنها، ويترك لنفسه بحبوحة الغموض، بينما يقولها ويرددها كاتس كجزء من مخطط سياسي وحتى اقتصادي وربما أمني، يعطينا نظرة أكثر شمولاً لما ستؤول إليه الأوضاع في إسرائيل والمنطقة مستقبلاً.
رابعاً: وصحيح أن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد كاتس لا يتمتع بخلفية عسكرية تشبه ما كان عليه غالانت الضابط السابق والمخضرم بحسب محبيه، إلا أن نتنياهو يريد وزيراً للدفاع يستطيع جسر الهوة مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كون الجيش هو المسؤول الأول عن تنفيذ برنامج المستوى السياسي في الحكومة، وأوامر المجلس الأمني المصغر، وهو المجلس المنوط به إدارة الحرب وتحديد الأولويات.
خامساً: و حساسية الموقف الإسرائيلي في التعامل مع إدارة أمريكية جديدة، ووزير دفاع أمريكي جديد، تتطلب من نتنياهو الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة لعمل وزير دفاعه، سيما وأن نتنياهو قد سبق له إلغاء لقاء في واشنطن كان مقرراً بين غالانت المقال، ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، بل منع غالانت من المغادرة وقتها أو السفر للولايات المتحدة الأمريكية.
سادساً: ربما بمقدور كاتس ترويض رئيس الأركان الإسرائيلي الحالي هرتسي هليفي أو من سيخلفه في حال قرر نتنياهو المضي قدماً بإقالة الأخير وتعيين بديل عنه، على غرار ما فعله بـغالانت، والأمر هنا منوطٌ كذلك بالوزير كاتس الذي ما انفك يتحدث وهو وزير لـ الخارجية ، عن رؤية الحكومة الإسرائيلية لليوم التالي في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار.
سابعاً: وسيكون هناك المزيد من المفاوضات مع الجنرالات أصحاب الخطة الإسرائيلية الشهيرة الآن في قطاع غزة، وبوسعه تدوير الزوايا والتلاقي عند منتصف الطريق، ضمن إطار خطة يقبل بها نتنياهو ويقرها الجنرالات بصيغ معدلة وربما مختلفة عن السابق.
أخيرا، لابد أن يقدم نتنياهو على خطوات واضحة نحو الحل السياسي بعد الانتخابات الأمريكية، وهذا سيحدث ويجعل كاتس واجهة عسكرية وسياسية، تناقش مفهوم دعاية الحرب الوجودية التي تخوضها إسرائيل بحسب فلسفة نتنياهو، الذي يرغب بالقتال على 7 جبهات، هي غزة و لبنان والعراق واليمن والضفة الغربية وإيران وكذلك سوريا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة