كازاخستان.. من احتجاجات الوقود لـ"قتل دون إنذار"
تواصلت أعمال العنف في كازاخستان، الجمعة. وأمر بـ"إطلاق النار بهدف قتل" المحتجين، في ظل مواجهة الدولة الواقعة بآسيا الوسطى مظاهرات مناهضة للحكومة.
ودخلت القوات الروسية البلاد بموجب اتفاقية عسكرية، الخميس، ولا يزال الإنترنت محجوبا، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه خلال أقل من أسبوع أدى الغضب من ارتفاع أسعار الوقود إلى حملة قمعية مميتة في البلد الذي يعيش فيه 19 مليونا.
ورفعت كازاخستان، البلد الغني بالنفط، أسعار الغاز المسال، الذي يستخدم في تشغيل معظم المركبات، وتسببت الحركة في رفع أسعار الوقود ارتفاعا حادا، لتتضاعف تقريبا بين ليلة وضحاها.
وأجج ذلك حالة الغضب، لا سيما بالمناطق الأقل ثراء من منطقة مانجيستاو، حيث اندلعت الاحتجاجات نهاية الأسبوع.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الاحتجاجات نادرة نسبيا في كازاخستان حيث تشدد الحكومة قبضة حديدية على الحكم واستخدمت العنف لقمع المعارضة. في 2011، أطلقت الشرطة النار على متظاهرين في مانجيستاو، مما أسفر عن مقتل العشرات.
لكن انتشرت الانتفاضة غرب البلاد إلى مناطق أخرى، وبحلول ليل الثلاثاء، تجمع حوالي 5 آلاف شخص في ألماتي، أكبر مدن كازاخستان. ولم تعد المظاهرات تركز على قرار رفع أسعار الوقود -الذي قالت الحكومة، الثلاثاء، إنها ستتراجع عنه- بل عدم الرضا عن المسؤولين.
ويوم الأربعاء، تصاعدت حدة المظاهرات، وحاول المحتجون إسقاط تمثال الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف، وأشعلوا النيران في المباني الحكومية. ومع حجب الإنترنت وتطبيقات التراسل في العديد من المناطق، وصف الرئيس قاسم توكاييف المتظاهرين بـ"إرهابيين دوليين"، وطلب من روسيا المساعدة في السيطرة على الاحتجاجات.
ويوم الخميس، استجابت روسيا لتلك النداءات، وأرسلت "قوات حفظ سلام" -جزء من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تشكلت بعد حل الاتحاد السوفيتي- إلى كازاخستان. ولم يتضح عدد القوات التي تم إرسالها، أو المدة التي ستبقاها هناك.
وأطلقت قوات الأمن المحلية النار على المحتجين، الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل العشرات، بحسب مسؤول كازاخستاني.
وتصاعد العنف مع استمرار الاحتجاجات، وأمر توكاييف بـ"إطلاق النار بهدف القتل بدون تحذير" في محاولة لقمع الانتفاضة. وقالت السلطات إنه بالإضافة إلى مقتل العشرات، تم سجن حوالي 4 آلاف "مشارك في أعمال الشغب".
ورفض الرئيس إمكانية التحدث مع المحتجين، قائلًا خلال خطاب متلفز: "أي مفاوضات يمكن عقدها مع مجرمين وقتلة؟".
وكان أيجيرم توليوزانوفا، ناشط بالحزب الديمقراطي غير المسجل في كازاخستان، إنه كان ضمن حشد من حوالي 200 محتج في ساحة الجمهورية بألماتي في 6 يناير/كانون الثاني عندما أطلقت مجموعة من الجنود الذخيرة الحية عليهم.
وكان الحشد الكبير يقف على مرأى من مكتب رئيس بلدية ألماتي، الذي كان لا يزال مشتعلًا بعدما أضرم حشد غاضب النيران فيه باليوم السابق، عندما بدأ إطلاق النار.
لكن لم يعلم أحد شيئا عن الحادثة الدموية بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد وقطع خدمات الهاتف المحمول، ومن ثم عدم وصول أصوات المحتجين في كازاخستان إلى التقارير الإعلامية الدولية.
ومنح ذلك فرصة لظهور رواية الحكومة عن الأحداث باعتبارها الرواية المهيمة، بالرغم من عدم وجود أدلة تدعم ادعاءات توكاييف بشأن أن الاحتجاجات مدفوعة بـ"إرهابيين دوليين تلقوا تدريبا خاصا في الخارج".
وأصر توليوزانوفا خلال حوار مع "إذاعة أوروبا الحرة" على أن أولئك الذين تم إطلاق النار عليهم في ألماتي بعد وقت قصير من غروب شمس 6 يناير/كانون الثاني، كانوا نشطاء شباب كازاخستانيين غير مسلحين.
وفي محاولة للرد على رواية توكاييف، رفعت المجموعة لافتات تقول: "لسنا إرهابيين" و"توكاييف، لا تطلق النار علينا".
وفي نفس السياق، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن أسباب الأزمة الدموية في آسيا الوسطى ما زالت غامضة، لكن يقول الخبراء إن السخط الشعبي قد يخفي صراعا قديما داخل الفصيل الحاكم.
وطبقًا للصحيفة الأمريكية، لم تكن مفاجأة كبيرة عندما اندلعت الاحتجاجات في غرب كازاخستان، الأحد الماضي، بعد عشرة أعوام على قيام قوات الأمن هناك بقتل العديد من العمال الذين أضربوا عن العمل بسبب الرواتب وسوء الأوضاع.
لكن لم يتضح بعد كيف انتشرت فجأة الاحتجاجات السلمية على رفع أسعار الوقود نهاية الأسبوع في زاناوزن إلى أكثر من ألف ميل عبر أكبر بلد في آسيا الوسطي، لتحول أكبر المدن الكازاخية وأكثرها ازدهارا إلى منطقة حرب يملأها الجثث والمباني والسيارات المحترقة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن العنف هذا الأسبوع في ألماتي، العاصمة الكازاخية السابقة ومركزها التجاري والثقافي، كل الناس تقريبا، ليس فقط زعيمها، الذي تحصن بالقوات الروسية، وأمر يوم الجمعة قوات الأمن بإطلاق النار دون تحذير لاستعادة النظام، لكن أيضا منتقدي الحكومة الذين لطالما رفضوا الفساد المستشري والقمع في الدولة الغنية بالنفط.
وقالت "نيويورك تايمز" إن الأزمة تزامنت مع صراع على السلطة داخل الحكومة، ما أدى إلى تأجيج الحديث عن أن الناس الذين يقاتلون في الشوارع هم وكلاء لفصائل متناحرة من النخبة السياسية، بالإضافة إلى تكهنات محمومة حول تدخل الكرملين ومجموعة من الأسباب الغامضة المحتملة الأخرى.
وأضافت الصحيفة أن الأمر الوحيد الواضح تقريبا هو أن الاضطرابات في البلاد تنطوي على أكثر من مجرد اشتباكات مباشرة بين المحتجين الساخطين والجهاز الأمني للنظام المستبد.