تدخل روسيا بكازاخستان.. ضرورات جيوسياسية ورسالة قوية
قال تقرير أمريكي، السبت، إن روسيا تدخلت بقوات عسكرية في أزمة كازاخستان، انطلاقا من ضرورات وأهداف جيوسياسية واضحة.
ويعتبر التدخل الروسي في كازاخستان أمرًا فريدًا مقارنة بالعمليات العسكرية السابقة لروسيا في المنطقة السوفيتية السابقة، خاصة ما حدث في جورجيا عام 2008 وأوكرانيا منذ عام 2014.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية خلال تحليل منشور عبر موقعها الإلكتروني أن أحد الجوانب الفريدة في العملية الروسية بكازاخستان، هو أنها تأتي تحت مظلة منظمة معاهدة الأمن الجماعي؛ وهي تحالف عسكري يتكون من روسيا وأقوى حلفائها الأمنيين في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي، مثل أرمينيا، وبيلاروس، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان.
وعلى عكس العمليات الروسية في جورجيا وأوكرانيا، استند نشر قوات المنظمة، ومعظمهم من روسيا، إلى طلب صريح من الرئيس الكازاخستاني قاسم توكاييف.
ومع خروج الوضع بسرعة عن السيطرة إثر احتجاجات وأعمال شغب، شعر توكاييف بالحاجة إلى مساعدة منظمة الأمن الجماعي، من أجل تأمين المواقع الاستراتيجية والمنشآت، بما في ذلك المباني الحكومية، والمطارات في مدن رئيسية مثل ألماتي.
بينما تركز قوات الأمن الكازاخية على التعامل مع المتظاهرين مباشرة، بحسب تحليل المجلة الأمريكية.
وتعتبر العملية العسكرية المتعددة للجنسيات في كازاخستان، أول عملية نشر مشترك لقوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في تاريخ التكتل الأمني الممتد على مدار 30 عامًا.
لكن السبب وراء نشر القوات بقيادة موسكو في كازاخستان، يتشابه مع الأعمال العسكرية الروسية السابقة في أوكرانيا وجورجيا، بحسب "فورين بوليسي".
جذور العملية
وأوضحت المجلة الأمريكية أن جذور أي تدخل روسي في دول ما بعد الاتحاد السوفيتي ترجع إلى الضروريات الجيوسياسية الأساسية لموسكو؛ مثل الحفاظ على الاندماج السياسي الداخلي، وحماية روسيا من الدول المجاورة المناوئة أو القوى الخارجية، وترسيخ نفوذها في المنطقة مع الحد من نفوذ اللاعبين المنافسين.
وفي حين كان منطق التدخل الروسي في جورجيا وأوكرانيا هو تقويض الحكومات الموالية للغرب المعادية لمصالحها، وفق فورين بولسي، كان تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة موسكو في كازاخستان، يخدم العكس: دعم الحكومة الموالية لروسيا التي تتماشى استراتيجيا مع الكرملين.
وتريد روسيا بشكل لا يقل أهمية عن الضرورات الاستراتيجية، إرسال رسالة تفيد بأنها مستعدة للعمل على كبح مثل تلك الاضطرابات العنيفة والسياسية في دول أخرى صديقة لموسكو، وربما داخل روسيا نفسها كذلك، بحسب المجلة الأمريكية.
ووفق التقرير ذاته، تفيد المؤشرات الحالية بأنه لن يكون هناك رد فعل عكسي اقتصادي أو سياسي كبير من الغرب ردًا على التدخل الروسي في كازاخستان.
ونتيجة لذلك، تصرفت روسيا بسرعة وحسم في إرسال قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي فورًا بعد طلب توكاييف ذلك منهم.
وبدون هذه الظروف المواتية، لربما أخرت موسكو نشر القوات، أو أرسلت عددًا أقل، أو حتى تجاهلت الطلب بلباقة، وفق المجلة الأمريكية.
إلا أنها قالت أيضا "لا يعني هذا أن تدخل منظمة معاهدة الأمن بقيادة روسيا في كازاخستان لن يأتي بمشاكله الخاصة، كما أن نجاحه في تحقيق أهدافه، التي تتمثل في استعادة النظام، غير مضمون".
وتابعت: "في حين يوجد دعم محلي لتدخل روسيا على المستوى الحكومي، هناك بعض العناصر داخل كازاخستان، من بينهم العديد من المتظاهرين، والشخصيات المعارضة، عارضت الأمر، وقد تتخذ قرارًا بالمقاومة الآن أو في المستقبل".
ورأت "فورين بوليسي" أنه إذا لم تتمكن قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا من السيطرة على الوضع واستعادة النظام في كازاخستان؛ وربما في بؤر ساخنة بالمستقبل في دول المنظمة، قد يضر ذلك بشدة بسمعة الكرملين داخليا وفي دول الاتحاد السوفيتي السابق.