صور.. "حارس الأسوار" تغتال 100 ألف كتاب في غزة
أوراق متناثرة وبقايا كتب ممزقة وكومة كبيرة من الركام، هذا ما تبقى من أكبر دار نشر فلسطينية في قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي.
30 عاماً من العمل الدؤوب والجهد المتواصل، ركّز فيها سمير منصور على حلمه بإنشاء مكتبة ضخمة توفِّر الكتب القيمة والموسوعات العلمية والثقافية لأبناء غزة.
بمرور السنين كان الحلم يكبر شيئاً فشيئاً، فأنشأ دار نشر تتبنى إصدار شهادة ميلاد لمؤلفات الكتاب في جميع المجالات، وباتت مكتبة سمير منصور قبلة المثقفين والكتاب وطلبة الجامعات ففيها كتب ومراجع في شتى علوم المعرفة.
حلم ضائع
هذا الحلم والإنجاز الكبير بات أثراً بعد عين بعدما سوّت غارة إسرائيلية البناية التي تضم المكتبة بالأرض وحولتها إلى كومة ركام خلال عملية "حارس الأسوار".
ويؤكد سمير منصور، مالك مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع، وهو نائب رئيس اتحاد الناشرين في فلسطين، أن الخسائر الثقافية للمكتبة الأكبر هي خسارة ثقافية قبل أن تكون مالية.
ويقول منصور لـ"العين الإخبارية" إن المكتبة كانت تخدم جميع فئات الشعب فهي خسارة للكاتب والقارئ كونها مكتبة يقصدها كثيرون من مثقفي وكتاب وأدباء غزة منذ سنوات.
100 ألف كتاب متنوعة من روايات وقصص عالمية ومحلية وكتب ثقافية وعلمية كانت في المكتبة قبل أن يغتالها القصف الإسرائيلي وتسحق تحت أطنان من الركام.
أجواء حزن استثنائية تغلف المكان وبعض الكتب الناجية تبدو بين الركام، فهناك عائد إلى حيفا لغسان كنفاني وهناك كتب أخرى باللغة الإنجليزية.
يشاهد منصور الكتب الممزقة ويؤكد "تألمت عندما وجدت الكتب أكثر من الردم بعد القصف".
علاقة وطيدة
ورث منصور نشر الكتب والتوزيع عن والده قبل 40 سنة، وأنشأ هذه المكتبة قبل 20 عاماً.
يروي محطات هذا العمل قائلاً: "هي سنوات من العرق والجهد والعلاقة الوطيدة مع الكتاب والكلمة والحبر هذه العلاقة لا تقدر بمال وهي التي نحزن عليها".
ويتابع: "أنا أنظر للعمر الذي بذلته في بناء وتطوير المكتبة والآن ذهب في لحظة وأصبح أثراً بعد عين.. تقديرات الخسائر المباشرة تبلغ حوالي 700 ألف دولار".
الحلم لن يموت
ما يخفف قليلاً من ألم منصور، هو حملات التضامن الكبيرة معه إذ انطلقت مبادرة إقامة مكتبة بالاسم نفسه في حي الشيخ جراح بالقدس وفي لبنان "وهي خطوات ترد فينا الروح وتزيدنا عملاً لإعادة التأسيس"، وفق تأكيد منصور.
ويشير إلى أنه "طالما العقول حية فإن الحلم لن يموت، وبدعمكم ومساندتكم لنا سنعاود بنائها أفضل مما كانت عليه".
على صفحة المكتبة على "فيسبوك" نُشرِت العديد من صورها قبل التدمير فهذه صورة للطابق العلوي للمكتبة، كان عامراً بالكتب المتخصصة المتميزة؛ لا يقصده طالب علم إلاّ ويجد ضالته، التربية، الفلسفة، القانون، الإعلام، العلاقات العامة.
اغتيال الذاكرة
وزير الثقافة الفلسطينية، عاطف أبو سيف، استهجن اغتيال آلاف الكتب بغزة، معتبرًا أن "الاحتلال يتقصد إبادة كل نواحي الحياة".
وأشار في تصريحات صحفية إلى أن تدمير مكتبة سمير منصور وما جاورها من مكتبة اقرأ والنهضة وهي من المعالم الثقافية بغزة يمثل خسارة كبيرة.
وأضاف: "الثقافة والكتب من مكونات الوعي، وهذ التدمير للكتب يعكس أن هناك مَن لا يريد للذاكرة أن تستمر".
وبحسب وزارة الثقافة، فإن 44 مؤسسة ثقافية تضررت كلياً أو جزئياً جراء الهجوم الإسرائيلي بخسائر تقدر في القطاع الثقافي بنحو 3.4 مليون دولار.
وأشارت إلى تعرض خمس مؤسسات للتدمير الكلي منها مركزان ثقافيان فقدا مقريهما الموجودين في الأبراج التي تم تدميرها، مما نتج عنه خسارتهما لكل مقتنياتهما الفنية والمعدات والتجهيزات الموجودة فيهما.
وطال القصف والتدمير الكامل مقرات ثلاث شركات عاملة في قطاع النشر وتوزيع الكتب بشكل كبير، فإلى جانب الخسارة المادية في المباني المستأجرة خسرت هذه المؤسسات آلاف الكتب والوثائق النادرة.
واعتبرت أن استهداف هذه المؤسسات يرمي للمساس بقدرة الفلسطيني على الإبداع لأنه يدرك أن الحرب الحقيقة هي على الرواية.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA=
جزيرة ام اند امز