هدنة غزة .. تفاهمات "هشة" ورهان على الدور المصري
يبدي الفلسطينيون رهانًا كبيرًا على الدور المصري، للحفاظ على وقف إطلاق النار الذي وصفه خبراء بالـ"الهش" مع إسرائيل.
ونجحت القاهرة، في التوصل لوقف إطلاق نار بين إسرائيل وغزة بدأ فجر 21 مايو الماضي، بعد 11 يومًا من مواجهة عسكرية دامية على خلفية التوتر في القدس الشرقية.
ويؤكد الخبير العسكري الفلسطيني اللواء متقاعد يوسف الشرقاوي، أن وقف إطلاق النار هو لصالح جميع الأطراف، مبينًا أن الإسرائيليين والفصائل الفلسطينية يحاولون الحفاظ على وقف إطلاق النار بينهما لأن الحرب مؤلمة للجميع.
شروط صعبة
وتطالب حماس والفصائل الفلسطينية بوقف التصعيد الإسرائيلي في القدس، بما في ذلك الاقتحامات للمسجد الأقصى، ومحاولات التهجير الجماعي من حي الشيخ جراح.
ووفق مصادر متطابقة؛ فإن وقف إطلاق النار المعلن "متبادل ومتزامن" دون تفاهمات محددة، على أن يجري لاحقا مباحثات غير مباشرة للوصول إلى اتفاق لضمان تهدئة دائمة.
ويرى الشرقاوي أن الدور المصري مهم جدا في الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع انهياره، من بين المطلوب لتثبيت وقف إطلاق النار تأمين المنح المالية لإعادة الإعمار في غزة؛ وتوفير الدعم المالي تعمل عليه مصر على الصعيد العربي.
جهود مصرية
ويصف الدكتور محمود العجرمي الخبير السياسي الفلسطيني، اتفاق وقف النار بأنه "هش"؛ لأنه وقف إطلاق نار مقابل وقف إطلاق نار، دون أن يكون هناك اتفاق تهدئة بين الطرفين.
ويتساءل العجرمي في حديثه لـ"العين الإخبارية": إسرائيل 4 مرات سابقا لم تلتزم باتفاقيات تهدئة مع الفصائل بغزة منذ 2006، فهل ستلتزم اليوم بوقف اطلاق نار دون اتفاق كما المرات السابقة؟"، ويجيب "هذا أمر يخضع لاعتبارات داخلية وخارجية عديدة".
عوامل التفجير
ويوضح أن الأسباب التي تهدد وقف إطلاق النار بالانهيار كثيرة، لعل أبرزها، استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في القدس وخصوصا في حي الشيخ جراح وسلوان واستمرار اقتحام المسجد الأقصى والاستيطان بالضفة واستمرار الممارسات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة كإغلاق المعابر والحصار.
وحتى الآن تواصل إسرائيل إغلاق معابر غزة، وفعليا تراجعت عن تسهيلات كانت قائمة قبل التصعيد الأخير، وتشترط إعمار غزة باستلام جنودها المحتجزين بغزة (4 إسرائيليين، منهم جنديان فقدوا في حرب 2014 وتقول إسرائيل إنهم قتيلان، وتلمح حماس بخلاف ذلك).
ويرى العجرمي أن استمرار هذه الانتهاكات تبقي الأمور على حالها والانفجار يكون أقرب من الهدوء، كما أن هناك موضوع المسؤولية عن إعادة إعمار غزة مهدد أيضا، لأن حماس تريد أن يكون الإعمار من خلال حكومة غزة بينما السلطة تريد أن يمر الاعمار من خلالها، وفق قوله.
ويقول إن المطلوب لمنع انهيار وقف إطلاق النار، أن يعمل المجتمع الدولي والإقليم بجدية عالية لتحقيق هدوء في المنطقة وعدم تجدد المواجهات.
وأشار إلى وجود موقف أمريكي واضح بدعم الجهود المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار ولتحقيق اختراق يؤدي لتقدم على صعيد القضية الفلسطينية برمتها وليس اقتصارا على وقف إطلاق نار فقط.
وذهب إلى أن هناك ضغوطا أمريكية وأوروبية ومصرية حقيقية وكبيرة على إسرائيل لوقف ممارساتها ضد الفلسطينيين خصوصا في القدس، هذه الضغوط لا بد أنها ستنجح في ثني إسرائيل عن ممارساتها.
وأضاف: "أيضا هناك مطلب آخر لمنع الانهيار وهو توفير الدعم الدولي لإعادة الإعمار في غزة وفق آليات جديدة، وهذا ما تعمل مصر عليه لضمان توفيره لتجنيب المنطقة مواجهات جديدة".
ومن المقرر أن يعقد أمناء الفصائل الفلسطينية اجتماعا في القاهرة الأسبوع المقبل لبحث ترتيبات المرحلة المقبلة، وسط حراك مصري متعدد الاتجاهات لإنجاز مصالحة فلسطينية والعمل على التوصل لهدنة طويلة الأمد وإنجاز صفقة تبادل أسرى.
تحذيرات فصائلية
وشدد القيادي في الجبهة الديمقراطية والذي حضر اجتماع الوفد الأمني المصري برئاسة وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل مع وفود الفصائل الفلسطينية بغزة، في تصريحات صحفية على ضرورة تشكيل مجلس وطني لإعادة إعمار قطاع غزة من القوى السياسية والوزارات المختصة تحت مظلة م.ت.ف. مؤكداً دعوة الجبهة لفك الحصار عن قطاع غزة، ورفضها لأية اشتراطات إسرائيلية لإعادة إعمار قطاع غزة.
وقال الشرقاوي لـ"العين الإخبارية": "وقف إطلاق النار يمكن أن يصمد، لكن الشروط التي وضعها كل طرف قبل الوقف غير هينة وتسبب لكل طرف حرج داخلي، لذلك الأمر يتطلب تدخل الوسطاء لتثبيت وقف إطلاق النار".
ونفذ وفد أمني مصري جولات مكوكية بين غزة وتل أبيب ورام الله، توجه بزيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، مع حركة اتصالات دبلوماسية بين القاهرة وواشنطن وعواصم أخرى، ضمن جهود حثيثة لاحتواء التوتر.
وأكدت مصادر فلسطينية متطابقة لـ"العين الإخبارية" أن الفصائل الفلسطينية وجهت تحذيرات لإسرائيل بأن أي تصعيد في القدس أو تنفيذ عملية اغتيال سيجابه برد فوري وكبير تجاه العمق الإسرائيلي.
وبحسب المصادر، فإن رئيس حماس في غزة يحيى السنوار، عندما تحدث عن رقم 1111 فإنه قصد عدد الصواريخ التي ستطلق على إسرائيل بعد أي تصعيد قادم من طرفها خاصة إذا أقدمت على خطوات كبيرة في القدس ضد الفلسطينيين.
وأضافت المصادر أن الفصائل طالبت إسرائيل بالتراجع عن الإجراءات العقابية التي فرضت بعد التصعيد الأخير، محذرة من العودة للأدوات الخشنة.
في السياق أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين زياد جرغون أن وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل المتبادل والمتزامن، ما زال هشاً، محذراً من انهيار وقف إطلاق النار في حال استمر العدوان الإسرائيلي على شعبنا في الضفة والقدس والحصار على القطاع.