خيري شلبي.. "راوي المهمشين" ما زال يحكي
الذكرى الثامنة لرحيل الأديب المصري خيري شلبي تحل، الاثنين، وعلى الرغم من مرور السنوات على غيابه، فإن أعماله ما زالت تخلد اسمه
لم تكن فقط غزارة إنتاجه اللافتة هي السمة الوحيدة لمشروعه الضخم، فالأديب المصري الراحل خيري شلبي كان صاحب قبعات عدة في الإبداع، ما جعل الألقاب تتوالى عليه خلال مسيرته تتويجا للمحبة والشعبية الكبيرة التي تمتع بها على مدار عمره.
وحظي شلبي بحضور إنساني لا يمكن تجاوزه، وكان يحرص على الكتابة في صخب المقاهي والاختلاط بالناس والمثقفين، وهى الأمور التي تركت بصماتها في صميم مشروعه الذي تفاعلت فيه فلسفته الحياتية مع الأسطورة والسخرية والنقد.
وتساءل يوما أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ ردا على سؤال صحفي له عن سبب عدم كتابته عن القرية: "كيف أكتب عن القرية ولدينا خيري شلبي؟"، وكانت إجابة محفوظ على حسمها، تجسيدا لقدر شلبي في مملكته، وهي العالم الشعبي والريفي المصري، وحكايا المهمشين، وتنقله ما بين ذلك وحُمى المدينة وتحولاتها اجتماعيا وفكريا، فاستحق ألقاب كـ"صاحب الوتد"و"إسطاسية" و"مؤرخ المهمشين" وغيرها.
ولد خيري شلبي في 31 يناير/كانون الثاني عام 1938، وتحل الاثنين الذكرى الثامنة لرحيله عن عمر ناهز الـ73 عاما، حيث توفي في 9 سبتمبر/أيلول 2011، وعلى الرغم من مرور السنوات على غيابه، إلا أن أعماله ما زالت رهن طلب القراء، لا سيما أعماله الشهيرة كـ"صالح هيصة" و"الوتد" و"السنيورة"، أو "الأوباش" و"الشطار" وغيرها من العناوين في الرواية والقصة والمسرح والنقد التي تصل إلى نحو 80 عملا.
ولعل رواية "وكالة عطية" واحدة من عيون أعمال خيري شلبي، فقد صدرت عام 2008، وتم عدها كواحدة من أفضل 100 رواية عربية، وحصلت على جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجعل شلبي "وكالة عطية" ملتقى للمهمشين والصعاليك والأشقياء في المدينة، ليكشف من خلالها عن عالم مدهش في تفاصيله، رغم شدة واقعيته، وقد تم تحويلها لعمل تلفزيوني يحمل الاسم نفسه.
ولم تكن هذه الرواية هي الوحيدة التي تمت الاستفادة منها دراميا، فقد وجد صناع الدراما في أعمال شلبي مواد ثرية لنقلها للشاشة، منها "الشطار" وقصته القصيرة "سارق الفرح" اللتان تحولتا لفيلم سينمائي، كما تم تحويل "الوتد" لمسلسل تلفزيوني، وكذلك مسلسل "الكومي" المأخوذ عن ثلاثية "الأمالى".
وتميز مشروع شلبي بقدرته على نسج شخصيات روائية متفردة، ويمكن قياس ذلك على عشرات الشخصيات التي تمر في أعماله، منها مثلا شخصية "صالح هيصة" الذي يقول عنه شلبي "صالح هيصة هو شخصية فوضوية، رجل متفتح للحياة ويفعل ما يريد ويضع نفسه فوق البشر وينتقد الناس، ويستعلي عليهم. كما أنه صاحب قيمة، يقول الحق دائما في زمن ندرت فيه الحقيقة، ولذلك استحق أن أجسده في روايتي؛ لأنه شخصية حقيقية تحمل نفس الاسم عرفتها على أحد المقاهي الصغيرة بوسط القاهرة، وبالتحديد في حي الأنتيخانة بمعروف في حقبة الستينيات".
ويعد خيري شلبي أبرز من مال لاستخدام ما يُطلق عليه "الواقعية السحرية" في الرواية العربية، وظهر ذلك في روايته الرائدة "رحلات الطرشجى الحلوجي"، ونجد في أعماله حديثا يدور على ألسنة الأشجار والحيوانات، وترويضا للأسطورة وتفاعلها على الأرض والأحداث، كما قدم في "بغلة العرش"، و"الشطار" اللتين تدور أحداثهما على لسان كلب، يتفاعل مع ما يرويه القارئ.
وما زال حضور خيري شلبي دامغا رغم الرحيل، فقد تم الإعلان عن تنظيم عدة فعاليات للاحتفاء بذكراه في عدد من المكتبات بالقاهرة، كما تم الإعلان عن اقتراب صدور كتاب جديد بعنوان "خيري شلبي الكاتب والإنسان" الذي من المتوقع صدوره خلال الدورة المقبلة من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وترجمت الكثير من أعمال خيري شلبي عدة لغات، منها الإنجليزية والروسية والفرنسية والصينية والأوردية والعبرية والإيطالية وغيرها، ومنها رواياته: الأوباش، الوتد، بطن البقرة، وكالة عطية، وصالح هيصة.
وحصل الراحل على عدد من الجوائز، أبرزها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2005، والتي حصل قبلها على جائزة الدولة التشجيعية عام 1980، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980، وجائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993، ونال الجائزة الأولى لاتحاد الكتاب للتفوق عام 2002، كما حصل على جائزة أفضل كتاب عربى من معرض القاهرة للكتاب عن رواية "صهاريج اللؤلؤ" 2002، علاوة على جائزة نجيب محفوظ عن "وكالة عطية".
aXA6IDE4LjIyNi45My4xMzgg جزيرة ام اند امز