شبح "بني صدر" يحاصر روحاني في مواجهة مرشد إيران
حدة الخلافات تصاعدت في الآونة الأخيرة بين مرشد النظام الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني
"حلق شاربه وارتدى الزي الرسمي للقوات الجوية وهرب إلى باريس بعد أن تم إعدام أصدقائه".. هكذا كانت نهاية أول رئيس لإيران بعد ثورة 1979، أبو الحسن بني صدر، الذي تم عزله في 22 يونيو 1981 على يد مرشد الثورة روح الله الخميني، الذي اتهمه حينها بالتحرك ضد رجال الدين في السلطة، وتعريض البلاد لخطر الانقسام، ليؤكد انفراد المرشد بالسلطة في إيران.
ويبدو الأمر وكأن شبح المصير الذي لاقاه بني صدر يحاصر الرئيس الإيراني حسن روحاني في هذه الأيام بعد أسابيع قليلة من فوزه في انتخابات هزلية بفترة رئاسة ثانية، بلا صلاحيات فعلية في ظل المرشد علي خامنئي الذي لا يجد أي غضاضة في توبيخ "الرئيس" علنا
خطاب التحذير
"إيجاد القطبية الثنائية، وتقسيم المجتمع إلى شقين، تجربة خطيرة مضرة بمصالح البلاد، ويجب تجنب تجربة 1981". بهذه الجمل وجه "خامنئي"، رسالة إلى روحاني ملوحا بالعزل، في أقوى تهديد علني للرئيس الإيراني، رغم العديد من جولات السجال المتبادل بين الطرفين خلال العامين الأخيرين.
جاء إنذار "خامنئي" بعد تصريحات "روحاني" حول صعوبة الحفاظ على السلام وسهولة شن الحروب، محذرا من تجربة "الخميني" في الحرب العراقية الإيرانية، وقرار رقم "598" الصادر من مجلس الأمن في عام 1988، عندما فرضت على إيران دفع تعويضات للعراق، وسميت حينها بـ"تجرع كأس السم" لقبول السلام وتفضيل المصالح الوطنية.
ومع ذلك، يرى يوسف بدر، الباحث في الشؤون الدولية لـ"العين"، أن من الصعب تكرار سيناريو عزل بني الصدر في الوقت الحالي مع روحاني، معتبرا أن ما يحدث حتى الآن بين طرفي النزاع، خامنئي وروحاني، يقتصر على تبادل الرسائل والتصريحات فقط، ولا يوجد أي تحرك على أرض الواقع.
وأضاف بدر أن تصريحات خامنئي الهدف منها هي التأكيد على أن نتيجة الانتخابات الرئاسية ليست انتصارا لروحاني، وإنما انتصار لنظام ولاية الفقية، وهذا ما يريد أن ينفيه روحاني في خطاباته، عبر حديثه المستمر عن الفساد داخل المؤسسات التابعة بشكل مباشر لخامنئي، ومنها الحرس الثوري.
هل الصراع مُصطنع؟
يقول محمد عباس ناجي، خبير الشؤون الإيرانية ورئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ"العين"، إن الصراع بين المرشد وروحاني هو أقرب للأداء المسرحي وتبادل الأدوار.
وأضاف ناجي أن روحاني ليس بعيداً عن سياسات النظام القمعية، وليس بوجه ملائكي كما يحاول أن يصور البعض، فهو من تلاميذ المرشد الحالي ومقرب له، بخلاف أنه يلبس الوجه الإصلاحي، لكن الحقيقة هي أن الجميع في نظام الملالي يدعم سياسات ولاية الفقية.
وأكد أنه في حالة وجود صراع حقيقي "إن وجد"، فمن الصعب الإطاحة بروحاني، لأن خامئني ليس بقوة وشخصية الخميني، فهو يريد أن تصل رسالة واحدة فقط لروحاني، وهي أن الانتخابات ونتيجتها ليست سنداً.
الضغط والابتزاز
بعد فوز روحاني بولاية ثانية، وقع 88 نائباً على عريضة تدعو الرئيس إلى المثول أمام البرلمان وتوضيح الأسباب التي دعت المصرف المركزي إلى عدم وضع برنامج لمراقبة صارمة على المؤسسات المالية التي أعلن بعضها الإفلاس، ما تسبب بهدر أموال المواطنين.
ويرى محللون أن هذه الخطوة مؤشر على رغبة في ابتزاز "روحاني" قبل إعلانه عن تشكيل حكومته، بعد أدائه القسم الدستوري في أغسطس/آب المقبل.
سجال على مواقع التواصل الاجتماعي
لم يتوقف الأمر عند حد المنابر والخطب والتصريحات، بل تبادل الطرفان سجالاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتداداً لنقاش نشأ خلال مشاركتهما في مأدبة إفطار، ففي 12 يونيو الجاري، عرض روحاني خلال اللقاء وجهة نظره في شأن الأوضاع الاقتصادية والخدمية والسياحية والتعليمية، مما دفع "خامنئي" إلى الرد متسائلًا عمن يفترض أن يكون الكلام موجهاً إليه، طالما أن المتحدث هو الذي يرأس الحكومة وهو الذي يفترض أن يكون معنياً بـ"ما يجب عمله".
وبعد يومين نشر خامنئي مقطع فيديو لخطاب "روحاني"، تحت عنوان "من المعني بالخطاب" على صفحته الخاصة في موقع "أنستقرام"، الأمر الذي دعا "روحاني" إلى نشر مداخلة على الموقع ذاته، مع مقاطع من الفيديو الذي وضعه المرشد.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg جزيرة ام اند امز