السعوديون رأوا كذلك الشعوب التي استجابت لما يُسمى الربيع العربي، وماذا حلَّ بهم وبأمنهم واستقرارهم من مآس يشيب منها الوليد.
قضية خاشقجي، وردة الفعل الهستيرية إعلامياً على تلك الحادثة، والتفاف الشعب السعودي حول القيادة، أكّدت للأصدقاء قبل الأعداء، مدى شرعية الأسرة المالكة، وتشبث أهل البلاد بهم. فأولئك الذين كانوا يحلمون بإلحاق المملكة بثورات الربيع العربي، اكتشفوا أن من يُنظرون لهم، ويُزيّنون لهم سوء أعمالهم، هم أعداء لهم، قبل أن يكونوا أعداء لنا. نعم الدول الهشة، التي بلا شرعية تاريخية ضاربة في أعماق أرضها، قد يُؤثِّر فيها الإعلام التحريضي، ويهز أمنها واستقرارها، أما تلك الدول التي يقوم عقدها الاجتماعي على توافق بين القمة والقاعدة، فستكون حتماً عصيّةً على المؤامرات والمخططات وتربص المتربصين.
أقول لعقلاء قطر، الذين جعلهم نظام حكمهم في هذا الموقف المحرج والمخزي والمفضوح: لقد ثبت لكم، وللمرة الثانية بعد أن تسرّبت في الأولى أشرطة لقاءات الحمدين بالقذافي، أن قيادتكم لم تتعلّم من التاريخ، ولم تتعظ منه، وأن من يتحلقون حول قيادتكم، خاصة حمد بن خليفة والد الأمير الحالي، سيقودونكم إلى التهلكة.
السعوديون رأوا كذلك الشعوب التي استجابت لما يُسمى الربيع العربي، وماذا حلَّ بهم وبأمنهم واستقرارهم من مآس يشيب منها الوليد، فزاد إيمانهم إيماناً، وتماسكهم تماسكاً، وثبت لهم أن قيادتهم مستهدفة، وأن هناك من يسعى بكل ما يملك من قوة لإسقاط هذا البنيان الشاهق العظيم. وها هي تلك الهجمة الإعلامية الشرسة تعود سلبياتها على أصحابها، وتضعهم في موقف ضعيف أمام شعوبهم أولاً ومن ثم أمام الشعب السعودي ثانياً، الذي ضرب لهم أروع الأمثال أن هذا الوطن، الذي وحَّده أبناؤه، بدمائهم، ولم يعرف الاستعمار أو الانتداب في تاريخه، هو من حيث القوة والمنعة وتلاحم القمة بالقيادة، ليس كما كانوا يظنون.
سقطت المخططات، وانكشفت الأحقاد، وعرف مواطنو المملكة من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء؛ وأكبر الخاسرين على الإطلاق هم نظام الحمدين في قطر، الذي ما إن حدثت قضية خاشقجي حتى اعتبروها الفرصة السانحة التي لا تعوّض، فسلطوا علينا كلاب قناتهم النابحة طوال ثلاثين يوماً، تحريضا وتحليلا وترويجا للشائعات، وفي النهاية ها هي المملكة شامخة لم تتأثر، ولم تهتز، ولم يتحقق من أهدافهم ولو هدف واحد، وانكشفت لنا أحقادهم، بل إن إسرائيل متمثلة في موقف رئيس وزرائها، قال الحقيقة التي تجاهلوها، عندما صرح: أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط باستقرار المملكة.
ودعوني أقول لعقلاء قطر، الذين جعلهم نظام حكمهم في هذا الموقف المحرج والمخزي والمفضوح: لقد ثبت لكم، وللمرة الثانية بعد أن تسرّبت في الأولى أشرطة لقاءات الحمدين بالقذافي، أن قيادتكم لم تتعلّم من التاريخ، ولم تتعظ منه، وأن من يتحلقون حول قيادتكم، خاصة حمد بن خليفة والد الأمير الحالي، سيقودونكم إلى التهلكة.
أعرف أن أغلبكم غير راضين عن رهانات الحمدين المجنونة، وغير المدروسة، لكنني على ثقة أن لديكم كثيراً من أساليب الضغط، التي لا تحتاج منكم إلا إلى التفعيل ثم التنظيم، لكبح جماح هذا الجنون غير المبرر. وأصدقكم القول بأننا لو افترضنا جدلاً أن المقاطعة تم رفعها، هل تعتقدون أن الأمور ستعود إلى مجاريها؟.. من قال لكم ذلك فهو لم يقل الحقيقة، فهناك شعور متجذّر ومنتشر بين السعوديين مؤداه أن القطريين أعداء، ومعروف أن العامة لا يفرّقون بين القيادات والشعوب، ولدينا تجربة غزو صدام للكويت مثلاً لما أقول، فقد بقي الكويتيون يكنون للعراقيين عداءً استمر إلى ربع قرن قبل أن ينحسر قليلاً، رغم أن مسؤولية الغزو تقع على صدام، أو على حزب البعث الذي ينتمي إليه وليس كل العراقيين.
النقطة الثانية تحالفكم مع جماعة الإخوان التي سقطت في عقر دارها، وتخلّى عنها وعن أطروحاتها الكثيرون وأولهم المصريون، فما السبب والمبرر الذي جعلكم تضعون بلادكم ملاذاً آمناً لهم، وتشرعون لهم أبواب ثرواتكم للصرف عليهم وعلى مخططاتهم، وتضحون بسمعتكم إرضاءً لهم؟..
وختاماً أقول: إذا اجتمع الحقد والأهواء في ذهن السياسي، وصار يتصرف في سياساته بناءً عليها، فقل على بلده السلام.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة