"ختايم حضرموت".. تقليد متجذر يصنع فرحة الأطفال في اليمن (صور)
أمام مسجد باعبود بمدينة المكلا، حاضرة حضرموت، يتدافع الأطفال لشراء الألعاب من الباعة فيما يؤدي الكبار رقصات شعبية احتفالا بختم القرآن.
يسمي الحضارم اليمنيون هذه التقاليد المتجذرة بـ"الختايم" إشارة للاحتفال لدى ختم أحدهم القرآن الكريم خلال أيام شهر رمضان ليشاركه ذووه ومحبوه البهجة والتي تصل إلى صناعة الفرحة بوجوه الأطفال كونهم مصدر سعادة الكبار من النساء والرجال.
وتحيي غالبية مناطق محافظة حضرموت (شرق) عادة الختايم خلال شهر رمضان رمضانية كعادة توارثتها الأجيال عن أجدادهم منذ القدم، فيما يعيد مؤرخون هذا التقليد المتجذر إلى إبان الإمارة الكسادية (1731م).
صناعة فرحة الأطفال
ويمارس الحضارمة خلال ختم القرآن الكريم طقوسهم الخاصة بدءا من الرقصات الشعبية التي تفوح منها رائحة البخور والممزوجة بالأهازيج الشعرية لإحياء الود والتقارب والألفة خلال الشهر المبارك وإسعاد الأطفال.
المواطن الحضرمي وأحد أبناء المكلا سالم سليمان يؤكد أن الختم في رمضان هي عادة سنوية تكون غالبا في أحد المساجد لتلاوة القرآن الكريم وعند الختم يتم دعوة الأهالي للإفطار أو كما يسميه الأهالي "عزائم".
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الاحتفال بختم القرآن يشهد ضرب الباعة الشعبيين البساط على الأرض أمام المساجد لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال وبيع الألعاب كون الختايم تركز على فرحة الأطفال والتقارب الأسري.
وأضاف: "تورثنا هذه التقاليد والعادات أبا عن جد ويسودها الرقصات الشعبية والأهازيج الرمضانية وصولا إلى الكرنفالات والاحتفالات الجماعية".
ويتفق مع سليمان، المواطن سالم باجابر، الذي قال لـ"العين الإخبارية" إن "الختم الحضرمي يعني فرحة الطفل وفرحة الأطفال مصدر لسعادة الكبار".
وأضاف أن "ختم مسجد باعبود يعد أحد أشهر الختايم المتوارثة في المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إذ تقام الفعاليات والألعاب وفرحة الأطفال والرقصات الشعبية التي تحتضنها باحة المسجد خلال شهر رمضان المبارك".
صلة الرحم
الختايم الحضرمية تقليد ديني واجتماعي لا يركز على فرحة الأطفال وحسب لكنه يعزز صلة الرحم والتقارب الأسري والمجتمعي عندما يتشارك الأقارب على مائدة إفطار واحدة فيما توزع الألعاب والمكسرات والحلويات.
ووفقا للناشط اليمني والإعلامي مرعي باوزير فإن الختايم الحضرمية "بدأت في الإمارة الكسادية في حضرموت قبل قرون من الزمن وتجددت في السلطنة القعيطية واستمرت إلى يومنا هذا".
وقال باوزير لـ"العين الإخبارية"، "كل سنة من شهر رمضان يحاول الأهالي في الحارات والمساجد تجديد الفعاليات مع تنويع المسارح والأغاني والأهازيج والأمور الفرايحية التي تملأ شوارع حضرموت بالتوازي مع الختايم".
وأضاف أن "الختايم هي موروث شعبي منذ القدم ولا يزال الأهالي متمسكين به وهو ما يميز الحضارم عن بقية اليمنيين وهي طابع جميل تجمع الأهل والأحبة وتنشر الفرحة لدى الأطفال".
وأشار إلى أنه في "يوم الختم هنا في حضرموت يجتمع الأقارب والأهالي عند أهل خاتم القرآن تقوية لصلة الرحم والمحبة والأخوة الأسرية"، وحث الأهالي على الاستمرار في هذه العادات التي تحفظ تماسك المجتمع وتطويرها وعدم السماح باندثارها لتنقل كتراث دائم للأجيال.
تقليد ديني
من جانبه، يقول رجل الدين الشيخ عقلان يسلم إن "ختم القرآن يبدأ منذ عصر كل يوم في رمضان حيث يعمل الأهالي في تنظيف المساجد وإعادة تأثيث المساجد، ثم الإفطار وصلاة المغرب والعودة للبيوت للعشاء".
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الكثير يعود لصلاة التراويح والتي تفتتح بسورة الضحى ويكبر المصلون بعد الإمام ثم صلاة الوتر ودعاء الختام ثم يبدأ في ختم القرآن، ثم ترديد التواشيح مع أحد المنشدين حتى الساعة الـ11 مساء ثم يزف الأهالي إلى المقبرة ومن هناك يتفرق الجميع نحو بيوتهم، وفقا لرجل الدين اليمني.
وأكد أن الختايم هي تقليد ديني متوارث عن الأجداد في رمضان، مضيفا: "ما زلنا نحتفظ ببعضها ونوجه تحدي عصرنة هذا التراث في ظل موجة التحديثات التي طرأت وتهدد هذه الموروث الجميل".
ويمنح هذا التقليد اليمنيين فسحة فرح لدفن آلام حرب الحوثي التي تركت انعكاسات إنسانية واقتصادية كارثية، لكن الحضارم يتمسكون هنا أقصى شرق البلاد بطقوسهم المتوارثة لتوطيد أواصر القربة وتغذية الود الاجتماعي.