اختطاف نائب ليبي.. 17 شهرا تكشف نفوذ مليشيات «الردع» (وثائق)
استمرارا لفوضى المليشيات الخارجة عن القانون بغرب ليبيا، تواصل مليشيات الردع، أكبر مليشيات العاصمة، اعتقال نائب منذ 2023.
ولم يوجه اتهام واضح للنائب حسن الفرجاني، كما لم يتم إطلاق سراحه، رغم المطالبات المتكررة من البرلمان وجهات أخرى بالإفراج عنه.
- ليبيا والصومال وغزة تتصدر مباحثات السيسي وأردوغان
- أزمة «المركزي» تصل إلى أروقة القضاء في ليبيا.. حكم يُغذي مسار الحل
ووفق بيان أصدرته المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، الأربعاء، ووصل "العين الإخبارية" نسخة منه، فإن الفرجاني اعتقلته "الردع" في 27 فبراير/شباط 2023 بطرابلس، رغم الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها، وفقا للقانون رقم (4) لسنة 2014، وصدور أمر من النائب العام يُطالب بإخلاء سبيله.
كما نشرت المؤسسة صورة من بيان لمجلس النواب، موقّع بتاريخ 2 سبتمبر/أيلول 2024، يطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج دون قيد أو شرط عن الفرجاني، عضو المجلس عن مدينة ترهونة.
وأكدت عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضده؛ لما يتمتع به من حصانة نيابية، إلا بإذن كتابي من مجلس النواب، بناءً على طلب من النائب العام، وسبق أن طالب المجلس بالإفراج عن الفرجاني في مارس 2023.
"الردع" تتحدّى القانون
وسردت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا حججها القانونية لبطلان احتجاز الفرجاني، وقالت في بيانها إن "الردع" أحالت النائب إلى القضاء العسكري، بالمخالفة للقانون، كما تمتنع منذ نحو 8 أشهر عن نقله للمثول أمام القاضي، للفصل في مشروعية احتجازه.
كما لفتت إلى أن عناصر "الردع" اعتقلت كذلك، في 31 يوليو/ تموز 2023، شقيق النائب وهو، محمد الفرجاني سالم "فقط لكونه شقيق النائب، وقد جرى اعتقاله تعسفيا من داخل النيابة العسكرية، وما زال هو أيضا معتقلا تعسفيا خارج إطار القانون".
وفي هذا الإطار، حمَّلت المؤسسة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة (المنتهية ولايتها) والمجلس الرئاسي، المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة ومصير الأخوين.
ما هي مليشيا الردع؟
و"الردع" من أبرز المليشيات التي تتصارع حول بسط النفوذ والسيطرة على الموارد والثروات في طرابلس، ويرأسها عبدالرؤوف كاره، الشهير بـ"الشيخ الملازم".
وهي ذات توجّه متطرف، وتتمركز في مجمع معيتيقة، شمالي شرقي العاصمة، إذ تسيطر على المطار الوحيد الذي يعمل فيها، وعلى سجن حربي.
وتعد مليشيات الردع هي الأكثر تسليحا وعددا في طرابلس، ويبلغ عدد عناصرها نحو 5 آلاف مسلح، غالبيتهم من الشباب، كما تمتلك أسلحة ثقيلة ومتوسطة بالمخالفة للقانون الليبي، وتورّطت في عمليات الاتجار بالبشر والعمل مع عصابات الجريمة في تهريب السلاح والمخدرات إلى داخل ليبيا، ومنسوب لها العديد من جرائم الاختطاف.
ومن اللافت أن هذه المليشيات تُسمى في طرابلس بشكل رسمي "جهاز لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب"، وهو اسم على النقيض من الجرائم المتهمة بارتكابها.
الإفلات من العقاب
ويرى متخصّصون في الملف الليبي أن قوّة نفوذ المليشيات في طرابلس، وصلت إلى حد جرأتها في اختطاف أشخاصٍ من أصحاب الحصانات النيابية والقضائية؛ ما يؤشر لاطمئنانها على الإفلات من العقاب.
وبجانب مثال اعتقال النائب الفرجاني، فإن مليشيات "الردع" لا تزال تعتقل وكيل النيابة، محمد المبروك أحمد الكار، رغم إصدار المحكمة العسكرية الدائمة بطرابلس أمرا بالإفراج عنه.
وكذلك تعتقل وكيل النيابة العسكرية، منصور نور الدين دعوب، رئيس نيابة مكافحة الإرهاب بمكتب المدعي العام العسكري، رغم إصدار المدعي العام العسكري أمرا بالإفراج عنه بتاريخ 1 سبتمبر أيلول الماضي.
وفي هذا السياق، أشارت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، في بيان بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول الجاري، بشأن موجة الاختطافات، إلى أن منطقة الساحل الغربي، وتحديدا مدن وبلدات ومناطق الزاوية والعجيلات وصبراتة وصرمان وزوارة والجميل، تشهد انفلاتا أمنيا كبيرا وتصاعدا لمؤشرات الجريمة والجريمة المنظمة وحالات الاختطاف والقتل خارج إطار القانون "جراء غياب دور وزارة الداخلية ومديريات الأمن بهذه المدن والمناطق".
وشهدت ليبيا انتشار ظاهرة المليشيات المسلحة التي اقتنصت السيطرة على العديد من المؤسسات الرسمية، عقب سقوط نظام حكم الرئيس، معمر القذافي، عام 2011.
وانحسرت هذه الظاهرة عن شرق ليبيا بالمعارك التي خاضها الجيش الوطني الليبي ضدها منذ عام 2014، وتمركزت في غرب ليبيا؛ إذ وجدت دعما من كيانات سياسية محلية ومن بعض الدول.