رسائل الملك عبدالله الثاني.. معالم طريق المئوية الثانية
يشاء القدر أن يدخل الأردن المئوية الثانية للدولة وهي تطوي صفحة أزمة عابرة، ولكن غير مسبوقة كادت تهدد أمن واستقرار البلاد.
الملك عبدالله الثاني في رسالته الأحدث إلى الشعب الأردني أعلن وأد الفتنة، ودخول أخيه الأمير حمزة بن الحسين في رعايته، وهو بين أسرته في قصره.
ولم تخل رسالة الملك إلى الأردنيين كما رسائله المتتابعة من الدعوة إلى دخول المئوية الثانية، بالتماسك، والتراص والوحدة لبناء مستقبل الأردن.
وفي رسائل وتصريحات توالت على مدى شهور السنة الحالية وصف العاهل الأردني المئوية الثانية بأنها ستكون "مئوية التعزيز والتطوير والإنجاز"، راسما بذلك خارطة طريق مستقبل البلاد.
ويحتفل الأردنيون هذه الأيام بمئوية الدولة التي تأسست عام 1921، وهم يتطلعون لتحقيق المزيد من الإنجازات تحت قيادة الملك عبدالله الثاني وبلادهم تتجه نحو المئوية الثانية.
ولا يكاد يخلو تصريح أو مقابلة أو خطاب أو توجيه للعاهل الأردني على مدار الشهور القليلة الماضية، من التعبير عن طموحات بلاده في المئوية الثانية، ومن استخلاص الدروس من المئوية الأولى.
توجيهات ترسم في مجملها خارطة طريق تتحفز الأردن على تنفيذها في مائة عام قادمة ويحث الملك عبدالله شعبه على المشاركة في تجسيد أبرز معالمها.
رسائل الملك وما تضمنته من توجيهات ومبادئ تعد معالم طريق للمئوية الثانية تستعرض "العين الإخبارية" أبرزها فيما يلي:
الوحدة والتماسك
تعد وحدة الأردنيين وتماسكهم أهم المبادئ التي دعا العاهل الأردني مواطني بلاده للالتزام بها وهم يتجهون للمئوية الجديدة، مؤكدا أنها كفيلة بمواجهة أي تحديات.
وفي رسالة وجهها الملك عبدالله الثاني للشعب الأردني7 أبريل/نيسان الجاري، قال:"يواجه وطننا تحديات اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كورونا، وندرك ثقل الصعوبات التي يواجهها مواطنونا.
"نواجه هذه التحديات وغيرها، كما فعلنا دائما، متّحدين، يدا واحدة في الأسرة الأردنية الكبيرة والأسرة الهاشمية، لننهض بوطننا، وندخل مئوية دولتنا الثانية، متماسكين، متراصين، نبني المستقبل الذي يستحقه وطننا"، يقول العاهل الأردني.
ويردف الملك عبدالله في حثه الشعب الأردني: "سيبقى الأردن، بهمة النشامى وعزيمتهم وإخلاصهم، شامخا، كبيرا بقيمه وبإرادته وبمبادئه. نبراسنا الحزم في الدفاع عن الوطن، والوحدة في مواجهة الشدائد، والعدل والرحمة والتراحم في كل ما نفعل."
مشاركة الجميع
المبدأ الثاني الذي أكد عليه العاهل الأردني لتنفيذ خارطة المئوية الجديدة هو مشاركة الجميع في تنفيذها.
وفي هذا الصدد أكد الملك عبدالله الثاني خلال لقائه في قصر الحسينية في الثاني من مارس /آذار الماضي شخصيات من محافظات عدة، على "أهمية العمل بتشاركية لرسم خارطة طريق للمئوية الثانية للدولة الأردنية"
.مشددا في هذا الصدد "على ضرورة المضي قدما وبكل ثقة في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن، التي تتقدم على كل شيء".
ولافتا في ذات الوقت إلى "أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في مواصلة تطوير أداء المؤسسات وتحسين الخدمات فيها."
الاجتهاد والإخلاص
هذا المبدأ أكد عليه الملك عبدالله الثاني معتبرا إياه الطريق لتحقيق الأهداف.
وفي رسالة العاهل الأردني إلى مدير المخابرات العامة أحمد حسني ١٧ فبراير/ شباط الماضي، قال الملك عبدالله الثاني :"بلدنا الغالي يتقدم بخطى ثابتة وواثقة إلى مئويته الثانية، والتي تستدعي منا جميعاً العمل المخلص الجاد لتحقيق الرفاه والتنمية والحياة الأفضل لمواطنينا، وترسيخ قيم المواطنة المنتجة والاستحقاق على أساس الكفاءة والقدرة، وتعزيز مبدأ سيادة القانون على جميع الأفراد والمؤسسات، وفقاً للمرتكزات العظيمة التي نص عليها دستورنا، والتحديد الدقيق للاختصاصات التي وضعها للسلطات الدستورية، التشريعية والتنفيذية والقضائية".
الاستفادة من دروس المئوية الأولى
دعا الملك الأردنيين إلى الاستفادة من دورس الماضي، وهم يتجهون للمئوية الجديدة.، وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية في 30 يناير / كانون ثاني الماضي، قال العاهل الأردني: إن "الحديث عن مئوية الدولة، هو الحديث عن مئة عام من البناء والإنجاز، وتعزيز النموذج الأردني في المحبة والإرادة والمنعة والوفاء، برغم التحديات المستمرة".
وأضاف أن "ذكرى مئوية الدولة تحمل معها مشاعر الفخر والاعتزاز بوطن بني بسواعد الأردنيين وعزيمتهم وتكاتفهم".
وشدد في هذه المقابلة على "الحاجة لإعادة إحياء الروح التي بني بها وعليها الأردن قبل 100 عام، داعيا الأردنيين اليوم، وهم يمضون نحو المئوية الثانية، أن يتذكروا دائما ما يجمعنا كشعب بنى أقوى المؤسسات، وأنشأ دولة كان البعض يراهن على أنها لن تقوم، وأن يتذكروا ما مررنا به ومر به آباؤنا وأجدادنا من تحديات وصعاب، وظلم أحيانا، وما دفعناه ثمنا لمواقفنا العروبية وما تمليه علينا أردنيتنا وهويتنا، التي انصهرت فيها كل المنابت والأصول".
طموحات وأهداف
ووضع الملك عبدالله الثاني جملة من الطموحات والأهداف لتحقيقها في المئوية الجديدة، قائلا في هذا الصدد: "ما أتمنى أن أراه في المئوية الثانية للدولة الأردنية، هو أن نحتفي بدولة تكبر بأبنائها وبناتها وتكبر أكثر بمنجزاتها، دولة ذات اقتصاد إنتاجي يعتمد على ذاته، وقوى بشرية مدربة ومؤهلة، وقطاع عام رشيق وحيوي يخدم مواطنيه، وقطاع خاص قوي وفاعل وشريك حقيقي لمؤسسات الدولة".
وتابع الملك عبدالله أمنياته بالقول: "أحب أن أرى الأردن مستمرا في حمل رسالته الوطنية والعربية، جيشه ثابت على مبادئه الراسخة في الدفاع عن أرضه وعن قضايا أمته، يتمتع فيه الجميع بأرقى خدمات الصحة والتعليم والنقل، ويكون مضربا للمثل في تميزه، وكلي ثقة وتفاؤل وأمل، أن مئويتنا الثانية ستكون مئوية التعزيز والتطوير والإنجاز".
السياسة الخارجية
على صعيد السياسة الخارجية، تظل القضية الفلسطينية، بالنسبة للأردن، هي القضية المركزية الأولى، وسط تأكيدات متتالية بالاستمرار بدعمها في مئوية الدولة الثانية.
وخلال اجتماع الملك عبدالله الثاني برؤساء البعثات الدبلوماسية الأردنية ١٤ فبراير/ شباط الماضي، أكد أن مئوية الدولة الثانية ستكون عنواناً لاستمرار التنمية والعطاء في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأكد أن القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس على رأس أولويات الدبلوماسية الأردنية.
وخلال كلمة له في 25 من الشهر ذاته أمام مؤتمر "الشرق الأوسط والإدارة الأمريكية الجديدة"، قال العاهل الأردني: "يحتفل الأردن هذا العام بالذكرى المئوية لتأسيس الدولة. خلال المئة عام الماضية، تعلمنا كيفية التعامل مع العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، واكتسبنا صمودا وثقة، يحثان خطانا اليوم نحو الأمام".
لكننا -يقول العاهل الأردني- "تعلمنا أيضا أن استمرار غياب العدالة في منطقتنا سيقوض تقدمنا جميعا، فالازدهار في الشرق الأوسط لا يمكن أن يؤتي أكُله دون السلام، علاوة على المكاسب الإيجابية التي سيحققها ذلك للعالم بأسره."
واعتبر ملك الأردن أنه "حان وقت العمل على حل النزاعات بدلا من إدارتها، والتركيز على الهدف النهائي، بدلا من فقدان البوصلة في حيثيات العملية. نحن مدينون بهذا لعالمنا، فلنتعلم من أخطاء الماضي، ولنسلك الطريق الأسمى، طريق السلام."
وفي مقابلته قبلها بنحو شهر مع وكالة الأنباء الأردنية، قال الملك عبدالله الثاني: "لا يمكن لمنطقتنا والعالم أن يحققا الأمن والاستقرار والسلام الذي ننشد، دون التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق القانون الدولي، والمرجعيات المعتمدة، ومبادرة السلام العربية".
ويرى العاهل الأردني أن "القضية الفلسطينية، بالنسبة للأردن، هي القضية المركزية الأولى. ونحن مستمرون بالوقوف، بكل طاقاتنا وإمكانياتنا، إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، في مساعيهم لنيل حقوقهم العادلة والمشروعة، ونحن على تواصل وتنسيق مستمرين معهم. شهداؤنا رووا ثرى فلسطين بدمائهم الطاهرة، وستتواصل جهودنا التي لم تنقطع، لتفعيل العملية السلمية وضمان وصولها إلى حل الدولتين، سبيلا وحيدا لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل".
ويختم الملك عبدالله الثاني رؤيته بشأن القضية الفلسطينية بالتأكيد على على الاستمرار "بحمل شرف مسؤولية حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية التاريخية على هذه المقدسات، نكرس كل إمكاناتنا لحمايتها وحماية هويتها العربية الإسلامية والمسيحية."
رسائل الملك المتتابعة تحمل خطة مستقبل، من مهندس سياسية يدرك اعوجاج المسارات وتحديات البناء، دون إهمال التأسيس على الماضي، والتعامل مع تطورات الحاضر.