زيت مقدس وصليب.. سر احتياج "تشارلز" لتتويج الكنيسة
بعيدا عن الأبهة الملكية التي يشتهر بها البريطانيون، سيكون الملك تشارلز حريصا عند تتويجه بإبراز جانب ديني متجذر في تقاليد تعود لقرون.
وخلال بضعة أسابيع، سيشهد الملايين بشتى أنحاء المملكة المتحدة حدثا نادرا، ففي حين اعتاد البريطانيون على الأبهة والحشود والحفلات في الشوارع التي ترافق الاحتفالات الملكية واليوبيل، فقد مرت 70 عاما منذ أن شاهدوا تتويجا.
ويشبه بعض الخبراء التتويج بحفل زواج -لكن بدلا من زوجة سيتزوج الملك بالدولة- وسيسأل الـ2000 شخص الذين سيشاهدون تتويج الملك تشارلز في وستمنستر آبي ما إذا كانوا يعترفون به ملكا، ثم سيمنح خاتم تتويج ويطلب منه أداء القسم.
وإذا بدا كل ذلك وكأنه شيء من عصر مضى، فهذا لأن مراسم التتويج في المملكة المتحدة تغيرت قليلا على مدار الألف عام الماضية. وبموجب القانون، لا حاجة إلى المدعوين، حيث يخلف الملك تلقائيا سلفه الذي يتوفى.
ويقول الدكتور جورج غروس، الذي يقود مشروعًا بحثيًا عن التتويج في كينجز كوليدج لندن، لكنها لفتة رمزية تضفي الطابع الرسمي على التزام الملك بهذا الدور.
ويعتقد أن الوعود التي يقطعها الملك "لتطبيق القانون والعدالة برحمة" في بيان عام تعتبر لحظة فريدة ومميزة.
الماضي والحاضر
ما يحدث بعد ذلك ربما يخلص ماهية التتويج.. مناسبة دينية في الأساس، وترسم خطوط الصليب على رأس الملك ويديه وصدره باستخدام زيت مكرس، ويسكب على ملعقة ترجع إلى القرون الوسطى.
ويقول الدكتور غروس إن عملية الدهن ترفع "الملك إلى مرتبة كاهن"، وتشير إلى دور الملك كرأس للكنيسة.
ويضيف ديفيد تورانس، الذي كتب ورقة بحثية برلمانية عن التتويج: "إنها احتفالية أنجليكانية، ويعتبر مسح (الملك) بمثابة منح مباركة الرب للملك. كما أنها تذكير من كنيسة إنجلترا للجميع بأنها إحدى الكنائس الرسمية في المملكة المتحدة وأن الملك هو الحاكم الأعلى لها".
وتقول الدكتورة إيلينا ووداكري مديرة شبكة الدراسات الملكية، إن هذه اللحظة تتم بشكل خاص حيث تعتبر لحظة حميمة، ولأسباب عملية نظرا إلى أن الملك يرتدي ملابس أقل في هذه المرحلة.
وبدلا من استخدام الزيت من التتويج السابق -كما فعل بعض الملوك- تم تصنيع كمية جديدة هذا العام.
وتضيف ووداكري: "التتويج هو فرصة الملك للاندماج في قوة الماضي وتشكيل مستقبله. كل هذه التقاليد القديمة مثل (وستمنستر) آبي واستخدام الملعقة تساعد في تعزيز مكانته".
تتويج القرن الـ21
يتساءل غراهام سميث، من مجموعة الضغط "ريبابليك" التي تدفع من أجل رئيس دولة منتخب، عما إذا كان التقليد حجة مقبولة في حين "تغير التتويج من حيث الحجم والنطاق والمحتوى في كل مرة".
ويضيف: "لا يتذكر معظم الناس آخر مرة، لذا فإنه ليس تقليدا يعني أي شيء لأي شخص. ليس له قيمة دستورية، وليس مطلوبا، وإن لم نفعله، سيظل تشارلز الملك".
وفي الواقع، لا يحتاج تشارلز التتويج للحكم، حيث تمكن قليلون من كرسي العرش دون تنظيم مراسم تتويج، مثل إدوارد الثامن، الذي تخلى عن العرش قبل تتويجه.
كما تخلص الملوك الأوروبيون من مراسم التتويج قبل وقت طويل، ويرجح الرأي العام أن الاهتمام به ربما يتضاءل في المملكة المتحدة.
ووجد استطلاع أجرته شركة "يوغوف" لأبحاث السوق أن 22% من المشاركين لا يخططون لمشاهدة التتويج على الإطلاق، في حين قال 58% إنهم من غير المرجح نسبيا أو تماما أن يفعلوا ذلك.
ومع ذلك، يبقى أن الجزء الأساسي من الاحتفال مرتبط بالإيمان، بحسب البروفيسور آنا وايتلوك، مديرة مركز دراسة الملكية الحديثة، فالمشكلة هي أن في جوهر الأمر المسح والقسم الذي يتعلق بالالتزام تجاه كنيسة إنجلترا.
وتتفق وايتلوك على أنه كانت هناك محاولات لتحديث التتويج مثل جعله أصغر بالمقارنة مع الأخيرة، وتشغيل موسيقى جديدة، ومشاركة مختلف الضيوف، "لكنها محاولة لتغيير الأسلوب (في حين) لا يمكنك تغيير الجوهر".