الصورة التقليدية للمدرب في الماضي كانت صورة الرجل العجوز العابس الصارم وآحياناً المتأمل الذي ينظر إليه جميع لاعبيه برهبة وتوقير..
كانت الصورة المعتادة للمدرب في الماضي هي شخصية الرجل العجوز العابس الصارم وأحياناً المتأمل، الذي ينظر إليه اللاعبون صغيرهم وكبيرهم برهبة وتوقير، من أجل الاسترشاد والتعلم مؤمنين بما تحتويه جعبة خبراته.
هناك نوعان من المدربين.. مدرب يدرب فكرة ومدرب يفند عيوبا.. هذا فقط ليس تقسيما للمدربين لكنه تقسيم بشري
ومع مرور الوقت بدأت الأمور تتغير وأنماط المدربين تتغير، سواء من حيث السن أو طريقة التعامل أو العلاقة مع اللاعبين، وكذلك من حيث الفلسفات.. لكن لماذا كان المدرب عابساً وسيظل؟!
في المعتاد أن الشخص العجوز يكون أكثر خبرة وتجربة.. لقد عاش حيوات أكثر ومر بتجارب أصعب، حرقة مشجع الدرجة الثالثة ليست عنده، لقد كانت تجارب قديمة وانتهى منها ومر عليه الكثير، ولن يعيش هذا الفيلم مجدداً.
لكن هناك نوعين من المدربين.. مدرب يدرب فكرة ومدرب يفند عيوبا، هذا فقط ليس تقسيما للمدربين لكنه تقسيم بشري.. هناك أشخاص يستمتعون بتفنيد عيوب الآخر وأشخاص يستمتعون برسم صورة جميلة، ورصيد كل منهما يحسمه مدى إشباع رغبته، والأفكار الطيبة تكون مدة الإيمان بها أطول.
المدرب الذي يقود فكرة هو عاشق لفريقه وطالب للنجاح ومتأثر بالفشل أكثر من مشجع الدرجة الثالثة، لذلك هو يعمل على رسم الصورة على أكمل وجه لكن من منظوره.
حين تتأمل مؤتمرات جوسيب جوارديولا الصحفية ستجده إما يتجاهل النظر للصحفيين أو يرد باقتضاب أو يعجبه أحد الأسئلة؛ فيسهب في الرد عليه بما يخدم تقديم وجهة نظره أو في أسوأ الظروف يرفض السؤال أو يترك المؤتمر.
على الجانب الآخر، هناك مدرب يبحث عن الجانب الإنساني بشكل أكبر من الفكرة، وهذا المدرب لديه القدرة على تفنيد عيوب فريقه مثلما يمتلك القدرة على تفنيد عيوب الخصم، ليس الفنية فقط بل والشخصية، وجر المنافسين لحروب كلامية ونفسية أملاً في أن يكون لتلك الحروب دور في حسم المسألة الكروية وفي أحيان كثيرة ينجح.
نوع جوارديولا لا يفضله اللاعبون أصحاب "الأنا" العالية التي تقترب من الغرور، أمثال زلاتان إبراهيموفيتش وصامويل إيتو، وهم يفضلون أمثال جوزيه مورينيو، فاللغة بينهم مشتركة وواضحة، فالمدرب هنا يدرك كيف يلعب على الوتر النفسي ويستفيد منه لأقصى درجة.
أما نوعية جوارديولا فهي لا تلعب على نفس الوتر بل تلعب على وتر آخر، ولذلك فشكل الفكرة يتغير بشكل المؤدي، فالأداء مع ليونيل ميسي يختلف عن أريين روبين يختلف عن كيفن دي بروين، لكن هناك لمسة جمال دائمة.
أمثال المدرب الذي يفند العيوب يصلون لذروة النجاح عندما يكونون مطالبين بإثبات وجودهم (مورينيو 2005 و2010)، أما مدربو الأفكار فتحكم نجاحاتهم الكتيبة التي يقودونها وفقط، إما أن يتصاعد النجاح للذروة بامتلاك ميسي وجيل إسبانيا الذهبي، وإما أن يكون الفشل هو التأهل لنصف النهائي الأقوى في العالم 3 مرات.. الفكرة متعتها أكبر ومفعولها أكثر تأثيراً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة