نقص الحرفيين يؤخر ترميم كاتدرائية نوتردام
النقص في اليد العاملة الماهرة يشكّل عنصرا أساسيا من شأنه تحديد وتيرة العمل والتأثير حتى في بعض القرارات المتّخذة خلال عملية الترميم
قد يشكّل نقص الحرفيين الأكفاء والخلاف حول آليات ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس أبرز العقبات في وجه هذا المشروع الضخم.
ويقول فرنسيس مود، مدير مكتب "دونالد إنسال أسوسييتس" الهندسي في لندن، والذي شارك في ترميم قصر ويندسور: "إيجاد ما يكفي من الحرفيين الذين يحترفون صناعة الحجر والخشب والرصاص والزجاج يعد تحديا يواجه القطاع في أوروبا برمتها".
وأردف: "تواجه مشاريع أخرى ضخمة الصعوبات عينها، مثل ورشة مبنى البرلمان في ويستمنستر الذي نقوم بترميمه حاليا".
وقد يشكّل هذا النقص في اليد العاملة الماهرة "عنصرا أساسيا من شأنه تحديد وتيرة العمل والتأثير حتى في بعض القرارات المتّخذة خلال عملية الترميم"، بحسب رنسيس الذي تمّ اللجوء إلى خدمات مكتبه لتأهيل قصر ويندسور في غرب لندن.
ففي عام 1992 اجتاح حريق مقرّ الإقامة المفضّل للملكة إليزابيث الثانية المشيّد في القرن الـ21، وتم ترميم الموقع خلال سنتين بكلفة 36,5 مليون جنيه إسترليني وأنجزت الأعمال في 1997، وأعيدت أجمل القطع إلى شكلها الأصلي في حين حدّثت قطع أخرى.
وفي نظر مود، قد تثير مسألة احترام التصاميم الهندسية الأصلية في الكاتدرائية "نقاشا حادا" خلال ورشة الإعمار، وقال: "يظنّ البعض أن الطريقة الوحيدة لترميم نوتردام تقضي بإعادتها إلى شكلها الأصلي".
غير أن القائمين على هذه الورشة قد يستوحون بعض الأفكار من أعمال الترميم التي أجريت بعد الحرب العالمية الأولى لكاتدرائية رينس الفرنسية، حيث استخدم الفولاذ المضاد للحرائق في هيكلية السقف.
لمسات فنية عصرية
وشهدت كاتدرائية نوتردام تغيّرات عدّة على مرّ التاريخ، بحسب مود الذي أشار إلى أعمال المهندس الفرنسي أوجين فيوليه-لو-دوك في القرن الـ19.
ومن الممكن تحديث أجزاء مختارة بعناية من الكاتدرائية الباريسية لجعلها أكثر أمانا، لكن لا بدّ من الانتظار لأشهر قبل انتهاء أعمال تنظيف هذا الصرح وإنجاز دراسة تقييمية لمعرفة ما يمكن فعله تحديدا.
ولفت مود إلى أنه ينبغي الأخذ في الحسبان أن جزءا كبيرا من الكاتدرائية مشيّدا من الحجر الجيري، فهذا الحجر الكلسي "يتحلّل نتيجة تفاعل كيمائي" وقت تعرضه لحرارة مرتفعة جدا تفوق 800 درجة، "فيصبح من الصعب جدّا إعادة استخدامه"، بحسب المهندس.
أما الهيكلية الداخلية للكاتدرائية البسيطة التصاميم، فمن السهل ترميمها مقارنة مثلا بقصر ويندسور، حيث أدت قرون من إعادة التقسيم إلى إنشاء شبكة معقدة خلف الجدران، بحسب مود.
ولا يخفي المهندس المعماري حماسته في حال دعي للمشاركة في أعمال ترميم نوتردام التي ستشكّل في رأيه فرصة لإضفاء زخم جديد على هذا الصرح الكبير.
وقد يكون الحريق في هذه الحال أتاح "مناسبة لتجديد" نوتردام، على حدّ تعبيره، مع فتح آفاق جديدة لوضع "لمسات فنية عصرية" على هذا المعلم التاريخي.