في حرب أوكرانيا.. الألغام والمدفعية تستعيد أمجادها

حرب أوكرانيا أظهرت قوة أسلحة ظن الغرب سابقًا أن الزمن عفا عليها قبل أن تنبشها الجبهات المشتعلة أقصى شرقي أوروبا.
وخلال الحرب في أوكرانيا، أثبتت الألغام والمدفعية أهميتها إلى جانب التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة، مما دفع دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمحاولة اللحاق بالركب في سباقها لإعادة التسلح.
والأسبوع الماضي، أصبحت فنلندا أحدث دولة أوروبية تُلغي حظرًا دام عقودًا على استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد، وفقا لما ذكره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.
وأشار الموقع إلى انسحاب بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا من معاهدة أوتاوا لعام 1997 التي حظرت استخدام وتصنيع وبيع الألغام الأرضية المضادة للأفراد.
وبحسب الموقع، تستعد هذه الدول لتحصين حدودها مع روسيا باستخدام الألغام الأرضية، ورغم أن الحرب تتضمن أمثلة على أحدث التقنيات، إلا أنها تُبرز أيضًا أهمية أسلحة مثل القذائف والألغام.
منعطف نحو الماضي
ومع دخول أوروبا "حقبة إعادة التسلح"، فإنها تُدرك حاجتها إلى الاستثمار في تكنولوجيا كانت تعتقد سابقًا أنها ستكون زائدة عن الحاجة في حروب سريعة التطور تعتمد على التكنولوجيا، لكن حرب أوكرانيا أثبتت أهمية هذه الأسلحة التقليدية.
وقد استخدمت أوكرانيا الألغام لإبطاء تقدم الجيش الروسي الأكبر حجمًا في شرق وجنوب البلاد ولتوجيه قوات العدو إلى مناطق تستطيع قواتها الدفاع عنها.
وفي حين أن الصواريخ المتطورة دقيقة التوجيه التي قدمها حلف الناتو لأوكرانيا عرضة للتشويش الإلكتروني الروسي الذي يعطل الإشارات المستخدمة لتوجيهها، فإن القذائف البدائية والرخيصة نسبيًا لا تعاني من هذا العيب.
ورغم تعزيز حلفاء أوكرانيا الأوروبيين إنتاج القذائف، صرّح القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي الأسبوع الماضي للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بأن روسيا في طريقها لبناء مخزون من القذائف "أكبر بثلاث مرات من مخزون الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين".
وفي ورقة بحثية حديثة، ذكر المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن الحكومات الأوروبية توقعت من شركات الدفاع التابعة للقطاع الخاص "حل مشكلة" إنتاج الذخيرة، لكنها لم تقدم "أي حوافز أو بيئة تنظيمية تسمح لها بذلك".
أكثر فاعلية
في تصريحات لـ"بيزنس إنسايدر"، قال بول فان هوفت، قائد أبحاث الدفاع في مركز الأبحاث "راند أوروبا" إن التهديد الروسي كان مختلفًا تمامًا عما خطط له القادة العسكريون الغربيون.
وأضاف "على مدار 3 عقود، لم تكن الجيوش الغربية تركز على الحرب البرية واسعة النطاق والدفاع الجماعي الإقليمي لحلف الناتو، لذا لم يُنظر إلى هذه الأسلحة مثل القذائف والألغام الأرضية على أنها ذات قيمة وخاصة في أوروبا الغربية".
وأوضح أن خوض حرب برية ضد جيش كبير يتطلب الدفاع عن مساحات شاسعة من الأراضي والسيطرة عليها، مشيرا إلى أن المدفعية قد تكون تقنية قديمة، لكنها أكثر فعالية عند استخدامها جنبًا إلى جنب مع تقنيات المراقبة الأحدث مثل الطائرات المسيرة.
من جانبه، قال مارك كانسيان، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بوزارة الدفاع والأمن، إنه مع تزايد ثبات الحرب في أوكرانيا، أثبتت القذائف والألغام الأرضية مرة أخرى أنها لا غنى عنها.
وتابع: "تصبح هذه الأسلحة مفيدة، بل مهيمنة، كلما استقرت خطوط المواجهة"، لافتا إلى أنه يصعب استخدامها عندما تكون الجيوش في حالة مناورة، لكن من السهل استخدامها عندما تكون الجيوش في حالة جمود وتحصن.
وحذّر كانسيان من أن يصبح المخططون العسكريون "مُغرمين بالمفاهيم البراقة لحرب المستقبل" في ظل ضخ المليارات بميزانيات الدفاع الأوروبية، وتنافس شركات التكنولوجيا العسكرية الناشئة على صفقات بيع الطائرات المسيرة والأسلحة المُدمجة بالذكاء الاصطناعي.
وقال "لا تزال الذخائر غير الموجهة التي تُطلق المدفعية أمرًا بالغ الأهمية"، معتبرا أنه "لم يتبين صحة فكرة أن الحرب القادمة ستخوضها فرق صغيرة تُطلق ذخائر دقيقة".