الانهيارات الأرضية تهدد السودان.. خبير يكشف الأسباب ويطرح الحلول (حوار)

في نهاية أغسطس/آب الماضي، تحولت قرية ترسين في جبل مرة بالسودان إلى مسرح لكارثة إنسانية مروعة.
وانهارت في تلك الحادثة المفجعة الصخور والأتربة من المنحدرات المحيطة لتدفن عشرات المنازل تحتها، مخلفة أكثر من ألف ضحية.
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها، لكنها كانت الأكبر والأشد وقعا، لتعيد إلى الواجهة سؤالا ملحا حول أسباب تكرار الانهيارات الأرضية في تلك المنطقة، وكيف يمكن منع تكرار المأساة.
حول هذه القضية وأبعادها العلمية والإنسانية، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور كارم عبدالمحسن، الباحث بقسم العلوم الجيولوجية والبيئية بجامعة أريزونا الأمريكية.
كيف تُعرف الانهيارات الأرضية من الناحية العلمية؟
وفق الاتحاد الدولي للهندسة الجيوتقنية، الانهيارات الأرضية هي انتقال كتلة من التربة أو الصخور أو خليط منهما على طول منحدر تحت تأثير الجاذبية الأرضية، وقد يحدث ذلك بانزلاق أو سقوط أو دحرجة أو تدفق.
ما العوامل التي ساهمت في تسريع الانهيارات في جبل مرة؟
هناك عوامل طبيعية وبشرية، فطبيعيا، التغيرات المناخية وهطول الأمطار الغزيرة تزيد من احتمالية الانهيارات.
أما بشريا، فالنزاعات المسلحة أجبرت الكثير من السودانيين على الهروب إلى الأخاديد والوديان في جبل مرة ليؤسسوا قرى مؤقتة، وقام السكان بإزالة الغطاء النباتي، فتح طرق عشوائية، وحفر المناجم دون تخطيط هندسي، وهذه الممارسات كلها أضعفت التربة والصخور، وجعلت الأمطار الغزيرة بمثابة "ضغطة الزناد" التي تطلق الكارثة.
تحدثت عن أن إزالة الغطاء النباتي، كانت أحد الأسباب، كيف؟
الغطاء النباتي يعمل كخط دفاع أول، فجذور الأشجار تربط ذرات التربة وتمنع انزلاقها، بينما أوراق النباتات تقلل من قوة سقوط المطر، والجذور تمتص جزءا من مياه الأمطار وتطلقه تدريجيا.
هذه العمليات مجتمعة تزيد من تماسك التربة وتحد من الانهيارات. هناك تجارب ناجحة لذلك مثل منطقة عسير في السعودية.
هل وقعت تحذيرات سابقة قبل كارثة ترسين؟
نعم، في عام 2018 تسبب انزلاق أرضي في قرية تربا بمقتل 18 شخصا، وكان ذلك إنذارًا واضحا. لكن الكارثة الكبرى جاءت في أغسطس 2025 بوفاة أكثر من ألف شخص في ترسين، ما يعكس خطورة الوضع المتصاعد.
ما الذي تتوقعونه في المستقبل القريب بالنسبة للمنطقة؟
المناخ المتطرف في المنطقة يعني أننا سنشهد المزيد من الأمطار الغزيرة خلال السنوات المقبلة. إذا لم تُتخذ إجراءات وقائية، فإن السودان سيكون على موعد مع "ضغطة زناد" جديدة وانهيارات أخرى مدمرة.
هل تقتصر المشكلة على جبل مرة وحده؟
لا. هناك مناطق أخرى معرضة للخطر مثل جبل النوبة في جنوب كردفان، وجبال البحر الأحمر شرق السودان، حيث تعيش قرى صغيرة على سفوح منحدرات وأودية ضيقة، وهذه المستوطنات أيضا مهددة بانهيارات مشابهة.
ما أبرز الإجراءات الوقائية التي توصي بها لتجنب تكرار المأساة؟
أوص بأربعة اجراءات هي:
- تهجير القرى المقامة على المنحدرات الجبلية.
- إعادة الغطاء النباتي لتثبيت التربة.
- تخطيط القرى والمدن بعيدا عن الأخاديد شديدة الانحدار.
- استخدام المسح الجيولوجي وأجهزة الإنذار المبكر لرصد حركة التربة والتدخل قبل وقوع الكارثة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز