«حرب رسوم» واسعة النطاق.. تحد عاصف أمام تجارة العالم
في وقت ينشد فيه العالم استقراراً في سلاسل إمداده، استبقت إدارة جو بايدن ما ستؤول إليه انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، لتضع شرايين التجارة أمام أزمات واضطرابات قد ترقى إلى حالة «حرب الرسوم والتعريفات الجمركية».
في 13 سبتمبر/أيلول الجاري، أقرت الولايات المتحدة رسمياً فرض زيادات في الرسوم الجمركية على سلع صينية بمليارات الدولارات تصل إلى 100% على المركبات الكهربائية و25% على بطارياتها، على أن تدخل حيز التنفيذ في غضون أسبوعين.
وكان البيت الأبيض قد أعلن في مايو/أيار الماضي، عن الزيادة الكبيرة في الرسوم التي تستهدف قطاعات رئيسية بينها المركبات الكهربائية وأشباه الموصلات والبطاريات والألواح الشمسية، ما أثار رداً غاضباً من بكين.
وتأتي الخطوة قبيل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الرئاسية التي يسعى الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء خلالها للتعبير عن موقف متشدد حيال الصين في ظل ازدياد حدة المنافسة بين البلدين.
اعتراض صيني.. وإجراءات دفاعية بالأفق
من جانبها قالت وزارة التجارة الصينية في بيان، السبت الموافق 14 سبتمبر/أيلول الجاري، إن بكين معترضة بقوة على رفع الولايات المتحدة لتعريفات جمركية على واردات صينية، وحثت واشنطن على أن تصحح على الفور ما وصفتها بأنها "مخالفات" وتلغي كل الرسوم الجمركية التي فرضتها على سلعها.
وأضاف البيان "ستتخذ الصين الإجراءات الضرورية للدفاع بحزم عن مصالح الشركات الصينية".
وجدير بالذكر أن الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي، كشفت أن الزيادات النهائية "ستستهدف سياسات وممارسات الصين التي تؤثر على العمال والشركات الأمريكية".
وفضلاً عن زيادة الرسوم الجمركية اعتباراً من هذا العام، أكّد مكتب الممثلة التجارية الأمريكية أيضاً أن فرض رسوم نسبتها 50% على أشباه الموصلات (في زيادة كبيرة عن السابق) سيدخل حيّز التنفيذ عام 2025.
واتُّخذت هذه الإجراءات بعد مراجعة للرسوم التي فُرضت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أعلن عن رسوم على منتجات صينية بقيمة 300 مليار دولار تقريبا.
- حكم قضائي بضم أموال مجمدة لإيلون ماسك لميزانية الدولة في البرازيل
- تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي في الصين.. ماذا حدث للعملاق الآسيوي؟
حرب رسوم واسعة النطاق
وتترقب الصين قراراً في 25 سبتمبر/أيلول الجاري، من الاتحاد الأوروبي يحسم مسألة فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين.
مؤخراً، وانطلاقاً من قاعدة "المعاملة بالمثل"، لجأت بكين إلى سياسة العصا والجزرة في التعامل مع التكتل المؤلف من 27 دولة، فهددت بالانتقام من خلال إجراءات تجارية، لكنها في الوقت نفسه قدمت إغراءات لدول رئيسية في التكتل بإجراء محادثات منفردة حول صفقات واستثمارات.
وستطال ضربة الرسوم الجمركية الانتقامية المحتملة في الغالب دولاً مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا التي عبرت عن دعمها للرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية وستصبح صادراتها من لحوم الخنزير ومنتجات الألبان ومشروب البراندي الكحولي إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم معرضة للخطر.
وقد يشعر أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفنلندا والسويد التي لم تضغط من أجل فرض الرسوم الجمركية بتأثير أقل، نظراً لأن حجم الضرر من سلع التصدير التي حددتها الصين لا يكاد يذكر.
وما زالت الصين تعاني من وطأة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة خلال إدارة ترامب. ولا تريد بكين حرباً تجارية مع الاتحاد الأوروبي، لكنها أوضحت أنها سترد إذا فرضت بروكسل رسوماً جمركية إضافية على السيارات الكهربائية تصل إلى 35.3%.
وارتفعت صادرات السيارات الكهربائية الصينية إلى أوروبا 38% في عام 2023، لتصل إلى 656 ألف وحدة متضمنة الشحنات إلى دول أوروبية من خارج الاتحاد الأوروبي. وشكلت أوروبا أكثر من 40% من السيارات الكهربائية التي صدرتها الصين العام الماضي، وفقا لحسابات "رويترز" استناداً إلى بيانات من رابطة سيارات الركاب الصينية.
وتحتاج الصين إلى معارضة 15 دولة على الأقل من أعضاء الاتحاد الأوروبي يمثلون 65% من سكان التكتل لمنع زيادة الرسوم الجمركية في التصويت المقرر في سبتمبر/أيلول 2024.