تفاصيل آخر أيام الروائي المصري صنع الله إبراهيم

في صباح الأربعاء، أسدل الروائي المصري الكبير صنع الله إبراهيم الستار على فصل حياته الأخير، تاركا خلفه إرثا روائيا حافلا بالتمرد على القوالب الجاهزة وتوثيق تفاصيل الهامش والواقع، كما لو كان يكتب روايته النهائية بصمته.
الشهور الأخيرة من حياة صاحب "ذات" و"شرف" بدت كأنها استراحة ثقيلة قبل الرحيل. في مارس/آذار الماضي، أدخله نزيف حاد في المعدة المستشفى.
بعدها بأسابيع سقط إبراهيم (88 عاما) داخل منزله ما تسبب في كسر في عنق الفخذ الأيمن. أُجريت الجراحة، لكن الجسد بدأ يخسر معاركه الصغيرة.
ومع بداية فصل الصيف اشتد المرض. التهاب رئوي حاد ألزمه أجهزة التنفس، ومضاعفات في الكلى أضافت عبئًا آخر على أيامه.
وسط هذه المعركة الطبية، كان لا يزال يحمل كتابا بين يديه، فقبل ساعات من النهاية، كان يقرأ رواية "نسب" للكاتبة الأمريكية أوكتافيا بتلر، كأنه يصرّ على أن تكون القراءة آخر طقس في حياته.
وتابع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حالة صنع الله إبراهيم عن قرب، موجّهًا بتقديم الرعاية الطبية اللازمة تقديرًا لعطائه الثقافي والأدبي الممتد لعقود.
وفي فجر 13 أغسطس/آب، توقف قلبه بعد فشل مفاجئ في الجهاز التنفسي. لم تنجح محاولات الإنعاش.
وبعد عصر اليوم تجمّع أصدقاؤه ومحبوه في مسجد آل رشدان بمدينة نصر، وشيّعوه إلى مثواه الأخير في مقابر وادي الراحة بطريق العين السخنة.
ونعى رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي بعميق الحُزن والمواساة، الأديب والروائي الكبير، مُتقدماً بخالص التعازي إلى عائلة الفقيد، ومحبيه، وأسرة الأدب العربي قاطبة.
وأكد مدبولي تقديره للإرث الأدبي الزاخر الذي قدمه الأديب الراحل على مدار تجربته الروائية المُمتدة لعقود، من النصوص الأدبية التي تُرجم بعضها إلى إنتاج فني مرئي، الأمر الذي سيجعل منه أيقونة خالدة في مسيرة الإبداع العربي وأحد رواد الأدب المصري المعاصر.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الإنتاج الغزير الذي أثرى به الفقيد الراحل المكتبة الأدبية العربية، يُمثل مرآة صادقة للمُجتمع بكل تناقضاته، حيث اتسم قلمُه بالعُمق في منظور تناوله للقضايا المُجتمعية الشائكة، والقدرة الفائقة على السرد، وخلق شُخوصٍ من لحم ودم، مع ربط الوقائع بالسياق المحيط، ليكون بحق أحد مؤرخي العصر الحديث في قوالب أدبية فريدة.
وعبر وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو عن حزنه العميق في بيان رسمي، مؤكدًا أن الراحل كان من أبرز أعمدة السرد العربي، وتميزت رواياته وقصصه بعمق المعالجة الفكرية وارتباطها الوثيق بقضايا المجتمع، مما جعله من الأسماء المؤثرة في تشكيل وعي القراء والكتّاب على حد سواء.