فيلم "الضحك الأخير".. أداء مشوق عن الحياة والموت في آخر العمر
فيلم "الضحك الأخير" يقدم حكاية عن متقاعديْن تمردا على كبر سنهما ليصنعا ما يثبت أنهما لا يزالان فاعلين في الحياة.
يقدم فيلم "الضحك الأخير" أوراقه بلا جديد نظرياً، فهو حكاية عن متقاعدين تمردا على كبر سنهما ليصنعا ما يثبت أنهما لا يزالان فاعلين في الحياة وبوسعهما تحقيق المزيد.
تلك "تيمة" حكاية لطالما شاهدناها في أكثر من فيلم سينمائي، لكن فيلم "الضحك الأخير" يكررها وهو يدرك أن لديه ما يميزه، أو على الأقل ما يجعله يدخل تحدياً ضد الملل، وهنا لا نقصد اشتغاله على البناء الكوميدي للحكاية، وإنما الحضور الجاذب لنجمي العمل تشيفي تشيس وريتشارد دريفوس.
يروي الفيلم حكاية "آل هارت" وهو مدير أعمال متقاعد لعدد من فناني "الستاند أب كوميدي"، يحاول التملص من محاولة حفيدته جيني لإقناعه بالانتقال للعيش في منتجع "بالم صن شاين" المخصص لكبار السن.
ومع استسلامه لرغبة حفيدته، وانتقاله هناك على مضض، يلتقي مصادفة واحداً من عملائه القدامى "بودي غرين"، وهو فنان "ستاند أب كوميدي" قديم كان تخلى عن مهنته قبل 50 عاماً حين كان يستعد لتقديم أعتاب أهم عرض فني في حياته الفنية في برنامج "ايد سوليفان" ليعمل مطبب أقدام.
يحاول "آل هارت" بداية إقناع "بودي غرين" بالعودة إلى العمل، لكنه يصطدم برفض هذا الأخير، إلى أن تموت صديقته، فنجده هذه المرة هو من يعرض على "آل" مواصلة العمل، وسرعان ما يغادران المنتجع ليبدآ رحلة عروضهما من لوس أنجلوس إلى نيويورك، قبل أن يطرأ تطور دراماتيكي على مسار عروضهما الناجح، إذ يكتشف آل هارت أن صديقه غرين مصاب بسرطان البنكرياس، فيبدأ فعلياً بالتفكير بإيقاف مشوار عملهما وإجباره على التقاعد وإعادته إلى المنتجع.
ولكن غرين يكون وقتها اكتشف معنى آخر لحياته، غير انتظار الموت بمرض السرطان الذي بات في مرحلته النهائية، فيدفع صديقه "آل" لمواصلة عملهما، يقول غرين: "لم أندم يوماً على القرارات التي اتخذتها يا آل، لكن إن انسحبنا الآن، فسيكون هذا الأمر الوحيد الذي سيندم عليه هذا الرجل المحتضر بحق"، وعندها يجيبه آل، في إشارة منه إلى موافقته على استئناف عملهما: "إنها طريقة سديدة للاستفادة من هذا المرض".
هنا نحن أمام حكاية ببناء درامي بسيط، لا تحولات جذرية فيها ولا انقلابات مفاجئة في مسار حبكتها، وهي تكاد تكون أشبه بحوار هادئ حول أسئلة حياتية، رغم ما تثيره من ضحك وما فيها من أجواء استعراضية في بعض فصولها.. أسئلة تأتي كما حكاية الفيلم، بسيطة بلا تعقيد، بل تكاد تكون الأسئلة الأزلية والوحيدة ذاتها، التي تتعلق عادة بكبار السن، حين يقفون ويلتفتون للنظر إلى العمر الذي بات خلف ظهورهم، ويسعون لتدارك ما فاتهم خلالها.. فيشرح بودي غرين لابنه "تشارلي" سبب إصراره على العمل، والمخاطرة بحياته رغم إصابته بسرطان البنكرياس، قائلا: "لقد حظيت بحياة رائعة.. لم أعشها بالطريقة التي اعتقدت أنني سأعيشها بالضبط، ولكن على الأقل دعني أموت بالطريقة التي أريدها".
فيما يعرض "آل هارت" على عميله السابق الكوميدي ماكس بيكر، شراء فقرته في برنامج "ذا لايت شو" لصالح "غرين" شارحاً سر إصراره على ذلك بالقول: "أنا واحد من هؤلاء الرجال الذين لم يعملوا ليعيشوا، بل أعيش لأعمل، لكنني الآن لا أعمل، مما يعني أنه يجب عليّ معرفة كيف أعيش.. لذلك ليس لدي حياة الآن يا ماكس.. لكنني أريد حياة".
يُشكل النجمان "تشيفي تشيس" و"ريتشارد دريفوس" ثنائياً منسجماً في أداء تلك الحكاية وطرح أسئلتها الوجودية، وهما ينجحان في القبض على المشاهد والعبور به نحو نهاية الفيلم رغم تيمته التقليدية، جاعلين من سحر أدائهما عنصر التشويق الأساسي في الفيلم، ولاسيما "دريفوس" الذي يدخل عقده السابع ولم يزل يمتلك سحر الأداء، حتى لو كان ذلك من موقع الثبات كما فرضت عليه شخصيته كستاند أب كوميدي في الفيلم.
"الضحك الأخير" واحد من أفلام "نتفليكس" التي أصدرتها مطلع هذا العام، ومرت دون ضجيج، ولكنه بلاشك وجبة ترفيهية عائلية مناسبة، ولا سيما في ظل كمية العنف والخيال وتقنيات "CGI" التي تتصدر شباك التذاكر اليوم، وتجعلنا أبعد ما نكون عن العالم حولنا.
aXA6IDE4LjIyMS4xMi42MSA= جزيرة ام اند امز