رحلة ملحمية بعد 100 عام.. محاربون بريطانيون يقتفون أثر «لورانس العرب»
![الجنود البريطانيون خلال الرحلة](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/14/61-145531-lawrence-arabia-trek-middle-east_700x400.jpg)
في مغامرة استثنائية تمزج بين التاريخ والتحدي، انطلق أربعة من قدامى المحاربين في القوات الخاصة البريطانية في رحلة ملحمية.
وحاول المحاربون الأربعة، تتبع مسار القائد العسكري الشهير توماس إدوارد لورانس، المعروف بلورانس العرب، عبر صحراء الشرق الأوسط، في رحلة امتدت لمسافة 1126 كيلومترا من الوجه في السعودية إلى العقبة في الأردن، بمناسبة الذكرى التسعين لوفاته.
هذه الرحلة كانت بمثابة تكريم لأحد أبرز الشخصيات التي غيرت مجرى تاريخ المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى.
بدأت الرحلة بفكرة من هوارد ليدهام، وهو جندي سابق في الخدمة الجوية الخاصة (SBS)، الذي استلهم المشروع خلال جلسة ودية مع أصدقائه في أحد المقاهي بلندن، وقرر نشر إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي على غرار الإعلان الشهير لمستكشف القطب الجنوبي إرنست شاكلتون، الذي دعا فيه المغامرين إلى خوض تجربة خطيرة وصعبة.
ووفقا لصحيفة "تليغراف" البريطانية، تلقى ليدهام 40 طلبًا من جنود سابقين في القوات الخاصة. وبعد مراجعة دقيقة، اختار ثلاثة رجال، هم جيمس كالدر، وكريغ روس، ومارتن تومسون.
ورغم أن أيا منهم لم يسبق له ركوب الجمال، فإنهم قبلوا التحدي وخضعوا لدورة تدريبية مكثفة لمدة 10 أيام، تعلموا خلالها كيفية التعامل مع الجمال في ظروف صحراوية قاسية.
رحلة عبر الزمن: من الوجه إلى العقبة
انطلقت الرحلة في 14 يناير/كانون الثاني من بلدة الوجه الواقعة على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، حيث سار الفريق عبر الصحراء القاسية، متبعين خطى لورانس العرب خلال ثورة 1916.
وقطع الفريق نحو 30 ميلًا يوميًا على ظهور جملين لكل شخص، برفقة فريق طبي وطهاة ومرشد بدوي كان مسؤولًا عن العناية بالجمال.
استمرت الرحلة 8 ساعات يوميًا وسط حرارة شديدة نهارًا وصقيع ليلا، وجمعوا عينات رملية من فجر، والجوري، وباير، والعقبة، لنثرها على قبر لورانس في بريطانيا.
نظرًا للوضع الحدودي الحالي، اضطر الفريق إلى تعديل المسار قليلًا لاختيار نقطة مناسبة لعبور الحدود بين السعودية والأردن، ولكنهم عادوا سريعًا إلى المسار الأصلي.
وعند دخولهم الحدود الأردنية، تلقى الفريق عددا من جمال شرطة الحدود، التي تتميز بسرعتها الفائقة مقارنة بالجمال التقليدية التي استخدموها في السعودية.
إعادة تمثيل معركة لورانس
في اليوم قبل الأخير، انضم 40 شخصا من السكان المحليين إلى الفريق لإعادة تمثيل هجوم لورانس على قطار عثماني.
المثير أن موظفي القطار كانوا على علم بالمخطط، لكن بعض الركاب السياح كانوا "مندهشين" عندما بدأت العملية المفاجئة!
ولدى وصولهم إلى العقبة في 7 فبراير/شباط، حظي الفريق بتكريم من الملك عبدالله الثاني شمل عروضًا احتفالية وموسيقى تقليدية واستعراضًا مهيبًا.
جمع التبرعات وتكريم لورانس
وبحسب الصحيفة، لم تكن الرحلة مجرد استعادة لذكرى بطل تاريخي، بل كانت أيضًا مبادرة إنسانية تهدف إلى جمع التبرعات لمساعدة قدامى المحاربين الذين يواجهون تحديات بعد انتهاء خدمتهم العسكرية.
حتى الآن، جمع الفريق 430 ألف جنيه استرليني لصالح صندوق القوات الخاصة الخيري، ويأملون في الوصول إلى 500 ألف جنيه قبل إقامة مراسم نثر الرمال على قبر لورانس في 19 مايو/أيار، في الذكرى الـ90 لوفاته إثر حادث دراجة نارية.
وُلد توماس إدوارد لورانس عام 1888، وكان عالم آثار وضابطًا بالجيش البريطاني، وأحد الشخصيات المحورية في الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى.
في عام 1916، قاد القبائل العربية عبر الصحراء وصولًا إلى العقبة، مستخدمًا حرب العصابات لإلحاق الهزائم بالقوات العثمانية، وهو ما أسهم في تغيير المشهد السياسي في المنطقة.
وروى إنجازه الرائع في سيرته الذاتية التي كانت تحمل عنوان "أعمدة الحكمة السبعة" التي جسّدها الفيلم الكلاسيكي "لورانس العرب".
تُوفي لورانس عام 1935 إثر حادث دراجة نارية بالقرب من بوفينغتون، دورست ببريطانيا، ودفن في موريتون، ليظل اسمه خالدًا في التاريخَيْن العسكري والسياسي.