استبعاد لوبان من الانتخابات.. قبلة حياة أم ضربة قاضية لليمين الفرنسي؟

"يريدون موتي السياسي"، كان هذا تنبؤ زعيمة أقصى اليمين الفرنسي مارين لوبان الذي ثبتت صحته.
ففي زلزال سياسي، أخرج حكم قضائي زعيمة أقصى اليمين الفرنسي مارين لوبان من سباق الإليزيه عام 2027 بعد منعها من الترشح لمنصب عام لمدة 5 سنوات.
وكانت لوبان التي ترشحت للانتخابات الرئاسية الفرنسية 3 مرات المرشحة الأوفر حظا في الانتخابات المقبلة لكن الحكم الذي أعقب إدانتها بتهم اختلاس أموال الاتحاد الأوروبي واستخدامها لدفع رواتب موظفي حزبها قد يمثل "موتها سياسيا".
وبعيدًا عن القضاء على أقصى اليمين فإن الحكم قد يعزز حزب لوبان "التجمع الوطني" من خلال تأجيج المظالم الشعبوية وتسريع إعادة صياغة هوية الحزب، كما أن الحكم قد يحرر الحزب أخيرًا من اسم لوبان الذي عرّف هويته وأزعجه لعقود وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وقال معلق الشؤون الأوروبية في "سي إن إن" دومينيك توماس إنه "يجب أن نحتفل بأن نظامًا قضائيًا أصدر حكمًا مستقلًا، لكن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي قوي لدرجة أنه يوجد نقص أساسي في الثقة بالقادة".. وتساءل "هل يخرج الناس وهم يشعرون بالرضا عن هذا الحكم، أم يخرجون بشعور غامر بالاشمئزاز؟".
ويرى مؤيدو حزب "التجمع الوطني" الذي تقوده لوبان أن الحكم يُعزز الاعتقاد بأن النظام يستهدفهم ويرى البعض فيه اعتداءً على الديمقراطية، خاصة وأن لوبان تُصوّر الحكم على أنه هجوم على "إرادة الشعب" وتزعم أن النظام القضائي يُستخدَم كسلاح وهي نفس ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء محاكماته العام الماضي.
وسارع حلفاء لوبان إلى انتقاد حكم الإدانة بعبارات مثل "تجاوز صلاحيات القضاء" و"المخزي"، حتى أن بعض منافسيها أعربوا عن قلقهم إزاء تداعيات الحكم مثل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الذي أعرب عن "انزعاجه" من القرار.
ورغم تنديد أنصار لوبان علنًا بالقرار، فإن منعها من الترشح سيُسرّع عملية انتقال القيادة الجارية بالفعل داخل الحزب وسيتولى خليفتها الذي اختارته بنفسها، جوردان بارديلا، الآن قيادة الحركة التي أمضت سنوات في بنائها.
وأشار دومينيك مويسي، المحلل السياسي، إلى أن البعض داخل حزب التجمع الوطني قد يرحبون سرًا بهذا التطور وقال "سيصرخون في العلن.. سينددون وسيقولون: يا له من أمرٍ مُريع.. لكن في أعماقهم، قد يُسعد الكثيرون ويقولون: هذا مُرشّح أصغر سنًا.. إنه أكثر جاذبيةً لجمهورٍ أوسع.. ولا يحمل اسم لوبان".
كانت لوبان (56 عاما) قد اختارت بارديلا لقيادة الحزب في عام 2022 لتنهي بذلك حكمًا دام 50 عامًا لعائلة لوبان وهو ما أعطى دفعةً جديدةً لليمين الشعبوي الفرنسي.
وحظي بارديلا بإشادات واسعة باعتباره الحل لمحاولات تطهير الحزب وجذب جمهورٍ أصغر سنًا، وقد ساعد الشاب الذي يتمتع بالكاريزما، في إبعاد الحزب عن مؤسسه ووالد مارين، جان ماري لوبان.
من جهة أخرى، قد يُشجع خروج لوبان سياسيين آخرين على دخول السباق، مثل ابنة أخيها ماريون ماريشال، أو شخصيات محافظة بارزة مثل وزير الداخلية الحالي برونو ريتيلو، الذي يتمتع بخبرة أكبر بكثير من بارديلا.
والسؤال الآن هل سيتمكن بارديلا من الحفاظ على زخم الحزب بدون شعار لوبان؟
ووفقًا لخبير استطلاعات الرأي أنطوان بريستييل، يُعدّ ناخبو حزب التجمع الوطني من بين الأكثر ولاءً وتكشف نظرة على أنماط الناخبين أنهم كانوا الأكثر ثباتًا في نسبة المشاركة لحزبهم في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022، مقارنةً بالأحزاب الأخرى.
وتساءل بريستييل: "هناك ولاء لاسم لوبان وشعارها.. ولكن إذا لم تكن هي، فهل يمتلك بارديلا المقومات اللازمة للفوز في الانتخابات الرئاسية؟".
ولا يزال أمام لوبان خيار الاستئناف أمام المجلس الدستوري، الذي يجب أن يُقيّم القانون والحق المشروط في "حرية الانتخابات" كما أعلنت أنها ستستأنف حكم إدانتها كما يمكن لحزبها إسقاط الحكومة بدعمه تصويتًا بحجب الثقة.
وبحسب "سي إن إن"، ستكشف الأيام ما إذا كان "الموت السياسي" للوبان يُمثل نهاية حقبة أم مجرد فصل جديد لأقصى اليمين الفرنسي لكن الأكيد أن عام 2025 وجّه ضربة مزدوجة لسلالة لوبان أولًا بوفاة جان ماري لوبان في يناير/كانون الثاني الماضي، والآن برحيل ابنته مارين القسري عن الساحة السياسية.