لماذا يتعمد الأمير هاري فضح العائلة البريطانية المالكة؟ (خاص)
أثارت تسريبات مذكرات الأمير البريطاني هاري خلال الأيام القليلة الماضية، ضجة واسعة عقب تداولها من جانب عدد من الصحف البريطانية.
تحدث هاري خلال مذكراته، المقرر طرحها في العاشر من يناير/كانون الثاني الجاري، عن أدق تفاصيل حياته داخل الأسرة المالكة، مسلطًا الضوء على عدد من المشكلات التي دخل فيها مع والده الملك تشارلز الثالث، وشقيقه الأمير ويليام، بحسب ما كشفت الستار عنه كل من "تليغراف" و"سكاي نيوز" و"ذا غارديان".
نوه هاري في صفحات مذكراته، التي تحمل اسم "سبير" أو "الاحتياطي"، بأن شقيقه ويليام اعتدى عليه بسبب خلاف نشب بينهما، كما اعترف بتعاطيه المخدرات في فترة المراهقة، وقتله عناصر من حركة طالبان خلال فترة خدمته في الجيش البريطاني بأفغانستان، كما تحدث عن رفضه زواج والده من كاميلا.
حظيت التسريبات سالفة الذكر باهتمام واسع من جانب وسائل الإعلام على مستوى العالم، محققةً أصداءً واسعة ما زالت تدوي حتى كتابة هذه السطور.
وسط كل ما يدور في هذا الشأن ثمة سؤال طرحه كثيرون، مفاده: لماذا يعشق الأمير هاري فضح الأسرة المالكة؟ وهو ما سعت "العين الإخبارية" إلى الإجابة عنه خلال السطور التالية.
البزنس يتحكم
قال الدكتور عثمان فكري، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن فكرة تعمد الأمير هاري كشف أسرار الأسرة المالكة لا يمكن لأحد أن يمتلك بشأنها إجابة دقيقة، لكن المنطق بحسب رأيه يشير إلى أن مثل هذه العائلات "متشددة في الحفاظ على أسرار العائلة وكل أمورها الشخصية، ولا تسمح للإعلام أو لغيره بأن يطلع على مثل هذه الأسرار".
استدرك "فكري"، خلال تصريحه لـ"العين الإخبارية": "حالة هاري مختلفة كونه تنازل عن لقبه ومخصصات العائلة. هو لا يعتبر فردا منها وغير ملتزم بمثل هذه القيود واللوائح الملكية، وبالتالي هو يلعب اللعبة من وجهة نظره".
أضاف: "المذكرات ربما تكون مربحة ماديا له ويتحصل من ورائها على أموال ودعاية وغيرها من مثل هذه الأمور، بخلاف اللقاءات التلفزيونية والصحفية والتي جميعها تكون مدفوعة الأجر".
ما سبق، أكد عليه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية في القاهرة، قائلًا: "العائلة المالكة يطلق عليها أحيانًا مصطلح (الشركة)، التي تهدف إلى تقاضي الأموال".
أردف "صادق" تصريحه لـ"العين الإخبارية": "هم يتقاضون أموالًا ضخمة. مثلًا هاري وميغان تحصلا على أموال من وراء حوارهما الأخير عبر نتفليكس، وهي وسيلة أيضا للترويج للنظام الملكي".
سر اهتمام الجمهور بفضائح الأسرة المالكة
أوضحت الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن حياة القصور كثيرًا ما كانت مثار قصص وخيال لدى العامة، مضيفةً أنه كلما أغلقت الأسر الملكية الأسوار حول نفسها، أثارت فضول العامة وحفزتهم لمعرفة المعلومات عنها.
ذكرت "نهى"، في تصريحها لـ"العين الإخبارية"، أن الأسرة الملكية البريطانية كان لها قواعد صارمة، إلى أن ظهرت الأميرة ديانا وكسرت هذا الحاجز، بشكل دفع العامة إلى معرفة المزيد عنها، حتى استفادت كذلك الصحف والإعلام من تداول هذه الأنباء وزادت مبيعاتها: "أصبحت هذه العائلة سلعة للكسب وإشباع فضول العامة".
من جانبه، أردف الدكتور عثمان فكري تصريحه لـ"العين الإخبارية"، قائلا: "الطبيعة البشرية تبحث دائما عن الأسرار والفضائح الخاصة بالحياة الشخصية، خاصةً للشخصيات العامة والمعروفة، فما بالك بأنها عائلة ملكية تحظى بتقدير وسمعة عالمية داخل بريطانيا وخارجها".
أضاف: "الأمر حينما يتعلق بفضائح كالتي كشف عنها هاري من الطبيعي أن تكون محل اهتمام الرأي العام العالمي والصحف، التي بدورها تعكس أجندة الرأي العام والقضايا التي يهتم بها، فكان واجب عليها من هذا المنطلق أن تلقي الضوء بشكل كبير على هذه المذكرات".
فيما أكد الدكتور سعيد صادق، لـ"العين الإخبارية"، أن الفضائح الشخصية لها جمهورها، وبالتحديد لو كانت تتعلق بالمشاهير: "من خلالها يشعر الجمهور بأن هؤلاء الأشخاص غير محميين ويرتكبون أخطاء مثلهم ويشعرون بأنهم أناس عاديون، وهذا سر الانجذاب لمثل هذه النوعية من الأخبار".
هل تؤثر التسريبات الأخيرة على النظام الملكي؟
أجابت الدكتور نهى بكر على هذا السؤال بقولها: "لا أعتقد وجود أي تأثير بموجب التسريبات الأخيرة، فالأسرة الملكية والنظام الملكي هو جزء من التراث الذي له من يؤيدونه من المحافظين في بريطانيا، ورمز لتماسك العرش الملكي، للمملكة المتحدة المكونة من 14 دولة تعرف بـ(دول التاج البريطاني) أو ما يعرف بـ(دول الكومنولث)".
أضافت: "الذين ينظرون للنظام الملكي باعتباره أثرًا إقطاعيًا فذلك ليس الوضع على أرض الواقع، فالملك يملك ولا يحكم، والنبلاء يدفعون الضرائب كعامة الشعب، كما أن هناك ملكيات في العالم، فلا يزال النظام الملكي قويًا حول الحافة الغربية لأوروبا، ومن ضمنها الدنمارك والنرويج والسويد وبلجيكا ولوكسمبورج وهولندا وإسبانيا، وأخيراً المملكة المتحدة".
أردفت: "رغم أن أغلبية الملكيات الأوروبية الأخرى اختفت عند نهاية الحربين العالميتين الأولى أو الثانية، نجت الملكيات المتبقية من خلال السماح لسلطتها السياسية بالتقلص إلى قرابة الصفر سياسيًا، ومن خلال الاستجابة الشديدة للرأي العام، كما أن الملكية البريطانية مصدر لجذب السياحة لبريطانيا".
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز