مطالبات لعون والحريري بموقف إزاء تفرد حزب الله بقرار الحرب
سياسيون لبنانيون يؤكدون أن تصريحات نصرالله تشكّل خروجاً خطيراً على الدستور وأهمية تحييد لبنان عن نزاعات المنطقة.
أثارت تصريحات أمين عام حزب الله حسن نصرالله، الثلاثاء، رفضا واستنكارا لبنانيا ودعوات من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري لوضع حد له منعا لجرّ لبنان إلى حروب بالوكالة.
ووضع رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع تصريحات أمين عام حزب الله أمام الرئيس اللبناني، حيث أعاد نشر ما قاله نصرالله على حسابه بموقع "تويتر"، مرفقا إياه بعبارة "برسم فخامة رئيس الجمهورية، مع كامل الاحترام".
وأكد جعجع، عقب لقائه اليوم مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، أن "تسلسل الأحداث الأمنية الأخيرة لا يدعو إلى الاطمئنان، وهناك قلق لمسته أيضا عند الجانب الأمريكي".
وفي سياق متصل، طالب وزير الداخلية السابق والنائب نهاد المشنوق الرئيس اللبناني والحريري برد واضح على كلام نصرالله.
وأكد المشنوق أنّ "هذا الكلام يجب ألا يمرّ دون ردّ واضح ومحدّد من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اللبنانية، لا سيما أنّ موقف لبنان الرسمي، باعتراف نصرالله، وفّر الغطاء الشرعي لمقاومة الاعتداءات الإسرائيلية، ضمن مشروع حزب الله، دون غيره من المؤسسات العسكرية الشرعية".
وقال المشنوق: "كنّا نظن أننا نطالب حسن نصر الله بالاستراتيجية الدفاعية، حماية للبنان ولوحدة اللبنانيين في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، فتبيّن أنّنا يجب أن نطالبه بحقّ تقرير المصير، بعد أن حسم مصائرنا في حروب وأزمات المنطقة، بما لا يترك مجالاً للتمايز، بالحدّ الأدنى".
واعتبر أنه "يحقّ لنصر الله التأييد السياسي لهذه الدولة أو تلك، لكن لا يحقّ له إعلان سياسة عسكرية تورّط لبنان وتربط مصير لبنان عملياً بمصير إيران وصراعاتها".
وأكد أن "قول نصر الله إنّه يقاتل بقيادة خامنئي يعرّض الشرعية الدولية للبنان لمخاطر كبيرة سياسيا واقتصاديا في هذه المرحلة بالذات".
وتساءل: "إلى متى ستبقى الدولة تتفرّج على جرّ لبنان إلى محاور وحروب ونيران؟ وهل سنبقى نضحك على أنفسنا وعلى المجتمع الدولي بالقول إنّ القرار 1701 بخير؟"
وأضاف: "ليسمح لنا نصرالله، لبنان ليس ساحةً للسياسة الإيرانية ولا لغيرها. لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه دفعنا لأجل استقلاله وسيادته أرواح أشرف الناس وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وعلّق النائب ميشال معوّض أيضا على ما قاله نصرالله، مؤكدا أنه "يشكّل خروجاً خطيراً على الدستور والميثاق وعن أهمية تحييد لبنان عن نزاعات المنطقة ويعرّض لبنان لمخاطر لا تُحصى".
وأضاف: "نصرّ على سياسة النأي بالنفس وعلى حياد لبنان الإيجابي ونشدّد على ضرورة إقرار استراتيجية دفاعية تحصر قرار الحرب والسلم بالمؤسسات الدستورية الشرعية ونؤكد رفضنا التبعية لأي محور خارجي".
كذلك، وصف وزير العدل السابق أشرف ريفي، الصمت الرسمي اللبناني بـ"التواطؤ المخجل".
وكتب عبر حسابه على "تويتر" قائلا: "عندما كنا نقول إن لبنان بات تحت وصاية إيران كنا نتهم بالمبالغة. بعد كلام نصرالله ووعده الصادق بالتبعية لإيران والاستعداد لتوريط لبنان للدفاع عن نظام الملالي، سقطت كل الأقنعة".
وأضاف "لبنان أسير ولا يمكنه أن ينهض اقتصاديا، دوره مغيب ويجب تحريره، والصمت الرسمي تواطؤ مخجل".
من جهته، أكد النائب السابق والقيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش أن "حزب الله وأمينه العام لا يعتبران لبنان إلا محطة في مسلسل ولاية الفقيه".
وقال علوش، في حديث إذاعي، إنه "على مدى العقود الأربعة من وجود حزب الله في لبنان نعلم أن القرارات التي ينفذها هي قرارات إيرانية، وبالأمس أكد نصرالله أن مرجعيته الاجتماعية والسياسية والعقائدية والعسكرية هي علي خامنئي".
ولفت علوش إلى أن "حزب الله لا يريد ترسيم الحدود لتكون هناك ذريعة لوجوده، وقد بدا واضحاً الأسبوع الماضي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونصرالله يريدان المحافظة على قواعد الاشتباك".
بدوره، اعتبر النائب السابق فارس سعيد أن حزب الله "نفّذ انقلابه الكامل على لبنان"، بكلام نصرالله الأخير.
وكتب على حسابه بـ"تويتر" قائلا: "لا يوجد في الدستور ولا في الطائف لا في القرارين 1559 و1701 أي نص يقول نقاتل تحت راية خامنئي".
ودعا سعيد اللبنانيين "إلى مواجهة الانقلاب سلميّاً كما واجهنا سلاح سوريا بانتفاضة سلميّة، ولن نقاتل إلاّ تحت راية لبنان فقط.. لبنان ومن يقاتل تحت أية راية أخرى لا يشبهنا".
وكان نصرالله قد حذر في ذكرى عاشوراء، في كلمة وجهها إلى أنصاره عبر شاشة في الضاحية الجنوبية لبيروت، من أن أي حرب ستطال إيران ستؤدي إلى إشعال المنطقة بكاملها وإنهاء إسرائيل قائلا: "لسنا على الحياد ولن نكون على الحياد".
وأضاف: "من لبنان نقول للعالم إن إمامنا وقائدنا وسيدنا وحسيننا في هذا الزمان هو السيد علي الخامنئي، وإيران هي قلب المحور ومركزه الأساسي وداعمه الأقوى"، ما أثار غضب اللبنانيين.
يأتي ذلك بعد تصعيد عسكري في الفترة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.
وكانت طائرتا استطلاع إسرائيليتان سقطتا في الضاحية الجنوبية لبيروت في 25 أغسطس/آب الماضي، أعقبها استهداف حزب الله آلية عسكرية إسرائيلية بعد أسبوع، ليعود قبل يومين ويسقط طائرة مسيّرة إسرائيلية فوق المنطقة الجنوبية، عند الحدود.
وفي موزاة ذلك لم تتوقف الخروقات الإسرائيلية والتحليق المكثف للطائرات فوق مختلف المناطق اللبنانية، في الوقت الذي يطلق فيه نصرالله تهديدات مستمرة تظهر تفرده بقرار الحرب والسلم في لبنان.