"لا أحد يقتل الموتى".. شربل وهبة "يفلت" من العقاب
صبت تصريحات وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة المسيئة لدول عربية زيتا على نار الأزمة السياسية، وفتحت الباب لتضرر علاقات البلاد الخارجية.
وقوبلت تصريحات وهبة بالاستنكار في لبنان من قوى سياسية وسلطات تنفيذية، حيث تبرأت منها رئاسة الجمهورية، وشجبتها رئاسة حكومة تصريف الأعمال، حيث اتصل رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب بالمعني لاستيضاح ما ورد في التصريحات.
هذا الإجماع عالي المستوى على معارضة تصريحات الوزير، طرحت تساؤلات دستورية حول صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال في اتخاذ إجراء ضد الوزير "المسيء"، وعن إمكانية إقالته، أو مساءلته.
ويتضح من بيان المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء أن رئيس حكومة تصريف الأعمال محدود الصلاحية في اتخاذ موقف ضد عضو حكومته المستقيلة.
إذ أشار البيان إلى أن دياب اتصل هاتفياً بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال لاستيضاحه عن حيثيات المواقف التي أدلى بها، واكتفى رئيس الوزراء المستقيل في المكالمة بتأكيد حرصه على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومع جميع الدول الشقيقة والصديقة، وعدم الإساءة إليها.
رئاسة الجمهورية التي تبرأت من تصريحات وزير الخارجية "المسيئة" شددت أيضا على عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة، وشددت على أن ما صدر على لسان وهبة يعبر عن رأيه الشخصي، ولا يعكس موقف الدولة والرئيس ميشال عون.
لا أحد يقتل الموتى
طول أمد الأزمة السياسية، المستمرة من أشهر، وتعطل تشكيل الحكومة رغم تكليف رئيس الوزراء سعد الحريري بتأليفها، يبدو أنه أقعد السلطات في لبنان عن محاسبة شربل، الذي يلوذ بحضن الفراغ الدستوري من العقاب.
فالدستور اللبناني أهمل محاسبة الوزراء في حكومات تصريف الأعمال التي تتكرر في لبنان كثيرا، بموجب تعقيدات الوضع السياسي، وإصرار الأطراف على مبدأ المحاصصة في تسيير دفة الحكم.
وتتداول الأوساط القانونية في لبنان عادة عند إثارة هذا الموضوع مقولة لقانوني فرنسي شهير تقول: “لا أحد يقتل الموتى؛ لا أحد يطيح حكومات مستقيلة".
هذا نفسه ما ينطبق على محاسبة الوزير الذي لا يخضع بحكم الوضع الدستوري الذي يتخبط فيه لبنان لسلطة رئيس الوزراء ولا رئيس الجمهورية، وبالتالي لا ينتظر الإقالة، وهو في حالة المستقيل دستوريا وسياسيا.
وهكذا وعملا بالدستور اللبناني ذهب مجلس شورى الدولة المعني بتوضيح الحيثيات القانونية والفصل في النوازل الدستورية، إلى أن تطبيق حالتي الاستقالة أو الإقالة تؤديان إلى قيام فراغ في الحكم خلال الفترة التي تسبق تشكيل حكومة جديدة، دون أن يقترح الحل في حال سقطة دبلوماسية من وزير في حكومة تصريف أعمال، يجمع قادة السلطة التنفيذية على ضررها بمصالح البلاد.
ومنذ أغسطس/آب الماضي قدمت حكومة حسان دياب استقالتها بعد تفجير مرفأ بيروت الذي أودى بحياة العشرات وفجّر غضبا شعبيا غير مسبوق في لبنان.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي كلف الرئيس اللبناني رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، بتشكيل حكومة جديدة، وحصل على غالبية أصوات النواب في الاستشارات النيابية، لكن تسمية الوزراء ما زالت عقبة في ظل إصرار الفرقاء على حصص معطلة للتوافق على الحقائب.