الانتخابات والتعافي الاقتصادي.. أبرز تحديات حكومة لبنان الجديدة
تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة العديد من التحديات أبرزها مواجهة الانهيار الاقتصادي، وضبط إجراءات إقامة الانتخابات التشريعية المقبلة.
ورغم حالة التفاؤل التي شابت ردود الفعل على تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي بعد نحو عام كامل من التجاذبات، إلا أن ذلك لم يمنع محللين من التشكيك في قدرتها على التصدي لهذه التحديات، وما يتفرع عنها من مشكلات.
الانهيار الاقتصادي
مهى يحيى، مديرة مركز كارنيجي في الشرق الأوسط، قالت في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية إن أولوية الحكومة اللبنانية، هي احتواء الانهيار على المستويات كافة، وتحديدا الاقتصادي، وهي أزمة وصفها البنك الدولي بأنّها الأسوأ منذ 1850.
وكانت المحادثات قد انطلقت في مايو/أيار 2020، وانتهت بعد شهرين من الخلافات في الجانب اللبناني حول الخسائر التي سيقع على الدولة تكبّدها والخسائر المترتبة على دائنيها الرئيسيين - البنك المركزي والبنوك التجارية على وجه الخصوص.
وتشمل لائحة التحديات الاقتصادية: تحقيق استقرار العملة الوطنية، ومكافحة التضخم المفرط، والشحّ الذي يطال مواد رئيسية.
وبحسب مرصد الأزمات في الجامعة الأمريكية ببيروت، قفزت تكلفة الغذاء بنسبة 700% في العامين الماضيين، ويعيش 78% من اللبنانيين حاليا تحت خط الفقر في مقابل أقل من 30% قبل الأزمة، بحسب الأمم المتحدة.
ولفتت إلى أن الحكومة سيتعين عليها معالجة النقص الخطير في الأدوية والوقود والكهرباء، والذي يعرّض الصحة العامة للخطر، ويشلّ أنشطة المستشفيات والشركات والصناعات.
أزمة المصرف المركزي
ويرى محللون، ضرورة مساعدة المؤسسات المالية للبنان، لكن عمليات التدقيق في حسابات المصرف المركزي ترتبط بشكل وثيقا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وكذلك موائمة أرقام الخسائر التي تطالب بها هذه المؤسسة.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، أعلنت الدولة إطلاق التدقيق الجنائي، قبل انسحاب شركة "ألفاريز آند مارسال" الدولية بعد شهرين قدّم خلالهما المصرف المركزي جزءا يسيراً من المعلومات والوثائق المطلوبة من قبل المكتب.
ويرى الخبير الاقتصادي مايك عازار، أنّ الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي يعني "إصلاحين رئيسيين: إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمصرف المركزي، وأيضاً القطاع العام، ولا سيما ديونه".
غير أنّ "إعادة هيكلة القطاع العام لها تأثير على الأحزاب السياسية، فهو المصدر الرئيس لتمويل نظامها الزبائني"، متسائلاً "كيف سيقبلون ذلك؟".
أما في ما يتعلق بتحقيق استقرار العملة والأسعار "فلا شيء يمكن القيام به غير تلكما العمليتين لإعادة الهيكلة"، وفق الخبير الاقتصادي لوكالة الأنباء الفرنسية، حيث اعتبر أن هبوط التضخم وسعر الصرف يعتمدان عليهما إلى حد كبير..
الانتخابات وثقة الشعب
وترى مهى أنّ إحدى العقبات الرئيسة أمام الإصلاح الاقتصادي، تكمن في "عقلية" تقاسم الحصص بين الأحزاب الحاكمة التي هيمنت مرة جديدة على الحكومة وأخّرت تشكيلها، وقالت "يمكنهم استخدام الوزراء في الحكومة لعرقلة أي إصلاح يرون أنه يقوّض مصالحهم".
وعلى الصعيد السياسي، يقول خبراء إنه سيتعين على الحكومة الحالية استعادة الثقة المفقودة تماماً في الدولة وتمهيد الطريق للانتخابات التشريعية المقبلة.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الجمعة، أنّ الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في مايو/أيار 2022 ستقام في موعدها.
وتُعدّ هذه الانتخابات حيوية للشروع في تجديد النخبة السياسية التي لم تتغيّر تقريباً منذ الحرب الأهلية (1975-1990).
فيما وصف الباحث في العلوم السياسية ميشال دويهي تلك الوعود "بذرّ الرماد في العيون"، وقال "تسعى هذه المنظومة من خلال الحكومة لالتقاط النفس مجدداً"، مضيفاً بشأن الانتخابات: "قد يؤجلونها في اللحظة الأخيرة حفاظاً على أنفسهم".