أين السيلاني؟.. تفاصيل "مأزق شاي" الرئاسة اللبنانية
الناشطون اللبنانيون يثيرون قضية الشاي خلال منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي بعد رصد عدم وصوله إلى العائلات المتضررة من انفجار المرفأ.
كشف توزيع الشاي الذي قدمته سيريلانكا كهبة إلى لبنان، على عناصر الحرس الجمهوري، فوضى الاستيلاء على المساعدات الدولية التي وصلت بعد انفجار المرفأ في 4 أغسطس/آب الماضي، والمحسوبيات والزبائنية في الإدارة اللبنانية.
وأثار الناشطون اللبنانيون "قضية الشاي" خلال منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد رصد عدم وصوله إلى العائلات المتضررة من انفجار المرفأ، مما دفع رئاسة الجمهورية إلى إعلان موقف وإصدار توضيح.
وتعود قصة الشاي إلى 14 أغسطس/آب المنصرم، حين وصلت كمية من الشاي إلى بيروت، كمساعدة رمزية من سلطات سيريلانكا تحية للشعب اللبناني، وتأكيدا على دعم المتضررين في انفجار المرفأ، لكن الشاي لم يصل إلى المتضررين، أسوة بمساعدات أخرى مثل السمك الموريتاني، والفرش لإيواء المنكوبين، وغيرها من المساعدات.
تحرك الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي عبر إطلاق حملة تحت وسم #أين_السيلاني، وتم توجيه رسالة اإلى السلطات اللبنانية لسؤالها عن الشحنة.
وإثر الحملة، وجه الرئيس اللبناني ميشال عون، رسالة إلى رئيس سريلانكا غاوتابايا راجاباكسا، شكره فيها على إرساله هدية عبارة عن كمية من الشاي السيلاني، وقال القصر الجمهوري في بيان إن الجيش اللبناني تسلم الهدية، وسلمها إلى دوائر رئاسة الجمهورية، حيث تم توزيعها على عائلات العسكريين في لواء الحرس الجمهوري.
ونشطت حملة مضادة ضد الرئاسة اللبنانية، تنتقدها على توزيع الهدية على عائلات حرسه وهم من غير المنكوبين في انفجار بيروت، وقالوا إن الرئاسة حرمت المتضررين من انفجار المرفأ من الشاي، ووزعتها على حرسها الخاص، وقالوا إن الزبائنية لا تزال عقلية تسيطر على الإدارة اللبنانية، كذلك المحسوبيات والفوضى والرشوة، وهي "واحدة من وجوه الفساد القائم".
وقالت النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان في تغريدة لها على "تويتر": "الشاي أرسل إلى اللبنانيين بخاصة المتضررين من انفجاركم وطبعاً لم يكن هدية لمن لا يحتاجها.. توزيع المساعدات على حاشيتك معيب".
وقال المحامي والناشط المدني واصف الحركة لـ"العين الاخبارية": "أي هبة تأتي إلى لبنان مخصصة لمتضرري المرفأ يجب أن يتم التعاطي معها وفق مبدأ التخصيص وبالتالي يجب أن توزع عليهم، ومن المعيب أن تقول الدولة أنا لا أستطيع توزيعها"، لافتاً إلى أن "هناك طريقة سهلة لتوزيع كميات الشاي التي تبرعت بها سيريلانكا وهي أن يقوم الجيش بتوزيعها على المتضررين وهو يمتلك الإحصاءات الخاصة بالمتضررين".
وقال "الحركة" إن "الجهة الواهبة عندما زارت رئيس الجمهورية تعاطت معه على أنه رئيس للبلاد ومن الطبيعي أن تطلب منه توزيع هذه الكميات.. لا أعرف بأي منطق اختار أن يوزعها على إحدى عائلات شهداء أحد ألوية الجيش، وفي الوقت نفسه سيأتيك من يقول إنك تعتبر أن الجيش لا يستحق هذه المساعدة.. المسالة ليست هنا بل هي أنها مخصصة للمتضررين ويجب توزيعها على المتضررين".
وكانت موريتانيا قدمت في وقت سابق هبة إلى منكوبي المرفأ، عبارة عن 12 طناً من الأسماك سلمتها للسلطات اللبنانية، لكن تلك المساعدة لم تصل إلى المتضررين من الانفجار الكبير، وقال منكوبون في منطقة الجعيتاوي في الأشرفية لـ"العين الاخبارية" إنهم لم يتلقوا مساعدات إلا الخبز، بينما "الأسماك والأغذية الأخرى تبخرت"، أما المساعدات الطبية "فقد دخلت إلى المستشفيات ولم يستفد منها المتضررون بشكل مباشر".
وقالت النائبة رولا الطبش في تغريدة لها جمعت قضيتي الشاي والسمك: "يُقال إن تناول الشاي بعد الوجبات مفيد لهضم الطعام، تحديداً متى كانت الوجبة سمك! صحتين".
وأحجمت دول صديقة للبنان عن تسليم المساعدات للسلطات اللبنانية بغاية توزيعها على المتضررين بسبب الفساد، وقال مسؤولون دوليون إن المساعدات وصلت عبر السفارات، ومنظمات أهلية موثوقة إلى المنكوبين مباشرة، منعاً لتحول المساعدات إلى أداة سياسية يستفيد منها السياسيون ويوزعونها على محاسبيهم.
وكان الجيش اللبناني قال إنه تولى توزيع 50% من المساعدات الدولية التي وصلت إلى لبنان، بينما تولت السفارات ومنظمات المجتمع المدني والهيئة العليا للإغاثة توزيع القسم الآخر.
ورأى الناشطون تحت وسم #أين_السيلاني أن ما جرى "يثبت صوابية الدول المانحة التي حرمت السلطات من المساعدات وأعطتها لمنظمات أهلية وجمعيات خيرية لتوزيعها على المتضررين بسبب الفساد والمحسوبيات في السلطة اللبنانية".
وقال واصف الحركة لـ"العين الاخبارية": "أساس المشكلة تعود إلى العقلية الزبائنية التي تدار بها الدولة، العقلية التي نراها ليست عقلية رجال دولة ولا عقلية رجال سلطة والرئيس عون ليس هو من يقرر بمفرده توزيع هذه المساعدة المتأتية نتيجة ظرف انساني صعب".
ورأى" الحركة" أن "مسؤولية ماحدث تقع على رئيس الجمهورية، ويجب أن يكون هناك هيئة طوارىء وليس بالضرورة الهيئة العليا للإغاثة"، معتبراً أن "المشكلة ليست في الهيئات المتخصصة بل بطريقة التعامل إذ رأينا رجال الدولة يتعاملون مع المساعدات وكأننا في مزرعة يأمرون ويقررون على هواهم ويوزعونها على من يريدون".