أسرار الخط العربي.. 3 مفاتيح لسبر أغوار الفن الأصيل (صور)
ورثت اللبنانية رانية بعيون موهبة الخط العربي من عائلتها، لاسيما والدها الخطاط محمود بعيون، وذلك قبل أن تثقل موهبتها بالعلم، لتصبح أحد أهم الخطاطين في العالم العربي.
وفي لقاء مع "العين الاخبارية"، أكدت الدكتورة بعيون أن "الخطّ العربيّ هو أحد أبرز مظاهر العبقريّة الفنيّة عند العرب، ومن أهم الأشكال الفنيّة في التراث، وليس ذلك فحسب بل ويعدّ أيضاً من أجمل فنون العرب والمسلمين على حدٍ سواء".
والد الدكتورة بعيون من أشهر الخطاطين اللبنانيين المعاصرين، هو الخطّـاط الرسميّ لرئاسة مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية، حاصل على "وسام الأرز الوطني من رتبة فارس" عام 2002، أكرمه الله تعالى كما قالت "بكتابة المصحف الشريف خمس مرّات، والنسخة الخامسة منها بالخط الديواني، وقد تم إنجازها عام 2017".
وفيما إن كان الخط هو موهبة بالفطرة أو فن يكتسب مع التجربة؟ قالت الدكتورة بعيون: "فن الخط العربي كسائر الفنون يعتمد بالدرجة الأولى على الموهبة".
3 مفاتيح
وتضيف: "إلا أنّ الموهبة وحدها لا تكفي بل لا بدّ من صقلها بالعلم وتقويتها بالتمرين والممارسة، فلكي يصبح الإنسان خطاطاً لا بد أن يمتلك ثلاثة أمور أساسية تتكامل فيما بينها هي: الموهبة والعلم والممارسة".
وعن الخط الذي تفضّله ضمن الخطوط العربية؟ تشرح الدكتورة بعيون: "تطلعاتي منذ البداية كانت إلى الخط الديواني. ويرجع سبب انجذابي لهذا الخطّ، إلى أمرين اثنين: الأمر الأوّل هو، بالتأكيد، تأثّري بوالدي الخطاط القدير محمود بعيون (رحمه الله)، إذ إنّه كان من المجوّدين للخطّ الديوانيّ والمبدعين فيه".
أما الأمر الثاني فيرجع كما قالت الدكتورة بعيون "إلى طبيعة الخط الديوانيّ نفسه، وقدرته الخاصّة على الطواعية للتركيب والقدرة على التكيّف، والتي ترجع إلى المرونة الشديدة في حروفه والانسيابيّة في مدّاته، وغيرها من الصفات الفنيّة التي يتميّز بها".
في ظل التكنولوجيا والطباعة هل ما يزال هناك تقدير من قبل الناس للخط العربي، هل يهتمون به ويحرصون على اقتناء لوحات مكتوبة بخط اليد؟، تجيب الدكتورة بعيون: "لا شك أنّ التقنيات الحديثة أثّرت بشكل كبير على الخط العربي كمهنة، فمع تطوّر التكنولوجيا، بات الاعتماد على الحاسوب، في تنفيذ الأعمال التجارية، يزداد أكثر فأكثر لما في ذلك من زيادة للإنتاجية وتوفير للوقت والجهد".
وتضيف: "أما فيما يتعلق باللوحات الفنية فهناك فرق كبير بين اللوحة الخطية المنفذة بالطريقة التقليدية وتلك التي يتم تنفيذها في الحاسوب، حتى وإن استخدم الفنان أدوات تحاكي الأدوات التقليدية، فاللوحة الخطية لها مواصفات معينة وشروط خاصة من حيث التصميم والتنفيذ، وترتبط بشكل أساسي بتجربة الخطاط وخبرته الطويلة في هذا المجال، فهي عمل فنيّ فريد غير مكرّر، تزيد قيمته مع الزمن، بخلاف اللوحة المنفّذة في الحاسوب. وخير دليل على ذلك الحرص الشديد من قبل الناس على اقتناء اللوحات المكتوبة بخط اليد".
هل هناك تواصل بين الخطاطين في الوطن العربي لإحياء هذا الفن عبر إقامة معارض مشتركة أو حتى خاصة؟ تقول الدكتورة بعيون: "يشهد الخط العربي نهضة كبيرة غير مسبوقة، من خلال إقامة المعارض والملتقيات الدولية في بلدان عربية وإسلامية عدة".
وتوضح: "لهذه الفعاليات أهداف عديدة تتمثل في نشر ثقافة الخط العربي وأهميته باعتباره تراث عربي وإسلامي، والحفاظ على التراث والهوية العربية، وتعريف الجمهور بأنواع الخطوط المختلفة. فضلاً عن التواصل بين الخطاطين وتبادل الخبرات، ونقل الثقافة الفنية فيما بينهم".
وتتابع: "ولا ننسى المسابقات الدولية ودورها في تحفيز الخطاط لتقديم أفضل ما عنده، وتعزيز المنافسة الشريفة بين الخطاطين، ما ينعكس إيجاباً على الخط العربي. وقد كانت لي مشاركة أخيرة في مسابقة الخط العربي والزخارف والمنمنمات، التي أقامتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وحصلت فيها على (الجائزة التكريمية) وذلك بمناسبة احتفاء الإيسيسكو بعام 2021 عاماً للمرأة".
وتشير إلى ما تمّ مؤخراً من إدراج منظمة "اليونيسكو" للخط العربي في قائمة "التراث الثقافي غير المادي"، وذلك عقب تقديم ملف عربي ضم 16 دولة عربية بقيادة السعودية "وقد وصفت المنظمة، الخط العربي على موقعها بأنه الممارسة الفنية للكتابة العربية بطريقة سلسة للتعبير عن التناسق والنغمة والجمال".
وتشدد الدكتورة بعيون على أن "الخط العربي في المجتمع اللبناني يواجه العديد من التحديات ولعل من أبرزها عدم وجود الوعي الكافي بأهمية هذا الفن، الذي يعدّ أهم مجالات الفن التشكيلي وأكثرها تميّزا وحرفيّة وأصالة، وارتباطاً بالحضارة والثقافة العربية والإسلامية، ما أدى إلى تغييبه عن الساحة الفنية، وعدم إعطائه المكانة التي يستحقها، وبالتالي إهمال تعليمه بحيث لا نكاد نجد أي معهد لتعليم الخط العربي في لبنان".
وتلفت إلى أن "المحافظة على الخط العربي تكون من خلال نشر الوعي بأهمية فن الخط، وتنمية الذوق الفني والحس الجمالي لدى المتلقي بإقامة المعارض والملتقيات من جهة، والدورات التدريبية من جهة أخرى. وهي ليست مسؤولية تقع على عاتق الخطاط وحده، بل لا بد من أن تشترك فيها جهات متعددة مثل الجامعات والمدارس ووسائل الإعلام، وبطبيعة الحال فإنّ كل هذه الأمور وغيرها لا تتأتى، بغياب الرعاية الرسمية".
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA== جزيرة ام اند امز