وزير ملغوم يفاقم أزمة رمان مفخخ.. "عاصفة" شربل بميزان إعلام لبنان
لم يستفق اللبنانيون من تأثير الرمان المخدر حتى هبّت عليهم "عاصفة" وزير "ملغوم" محمل برياح مغبرة على بلد أقعدته خلافاته على كرسي أزمات طاحنة.
وأثارت تصريحات أدلى بها وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، خلال حوار تلفزيوني، موجة من الغضب والاستنكار ، بعد أن حملت إساءات للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
استهجان طغى على مانشتات الصحف وقنوات التلفزة اللبنانية التي أجمعت -وفق ما طالعته "العين الإخبارية"- على رفض تصريحات وزير الخارجية المستقيل والمسيئة لدول الخليج وانعكاساتها على لبنان.
كما صوّبت السهام باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي حاول التبرؤ من كلام "مستشاره السابق" رغم أن الأخير محسوب عليه وهو الذي عيّنه في منصبه.
الإعلام المكتوب: السقطة الأخطر
صحيفة "النهار" اللبنانية كتبت تحت عنوان "عاصفة لبنانية خليجية.. وهبة ينكفئ اليوم؟ تقول: "مع أن مسيرة العهد الحالي اقترنت بمنظومة نمطية من الأخطاء الفادحة في السياسات الخارجية أسوة بالإخفاقات الهائلة الداخلية التي تشكل الحجم الأكبر من أسباب الانهيارات الحاصلة، إلا أن انكشاف العهد لم يكن مرة فادحاً وصارخاً كما حصل أمس فيما سمي بعاصفة شربل وهبة التي دفعت لبنان إلى السقطة الأخطر هذه المرة في ميزان تهديد مصالحه لدى السعودية وعبرها سائر الدول الخليجية".
واعتبرت أنه "كان يفترض أن يكون الإجراء الفوري الذي يوازي الأذى الكبير الذي لحق بلبنان إقالة الوزير فورا، ولو كان يشغل منصباً وزارياً في طور تصريف الأعمال".
وتابعت: "ولكن الإجراء لم يتخذ بعد ولو أن معلومات أشارت إلى توقع اتخاذ خطوة ما اليوم".
ولفتت الصحيفة إلى أن "(...) الزيارة المتوقعة للوزير وهبة إلى السفارة السعودية باتت في حكم الملغاة بعد الاتفاق على إبلاغ الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب صباحا، بتنحيه عن المسؤولية، وجرى البحث ليلا عن وزير مسيحي يتولى المهمة إذ أن الوزير البديل في مرسوم الحكومة هو دميانوس قطار المعتكف منذ إعلانه الاستقالة".
وتحدثت "النهار" عن "خشية اللبنانيين بمعظم طوائفهم وفئاتهم وقياداتهم على أن تأتي السقطة الأخيرة بمثابة رصاصة الرحمة في رأس العلاقات اللبنانية السعودية التي تعرضت لهزات عنيفة ومتعاقبة خلال سنوات العهد الحالي بما لم يعرفه سابقاً، ولا في أي حقبة تاريخ هذه العلاقات العريقة والتاريخية".
من جانبها، وصفت صحيفة "الشرق" الإلكترونية ما حصل في عنوانها الرئيسي بـ "الإساءة الدبلوماسية اللبنانية الجديدة للخليج".
وقالت: "لم يكن ينقص مسار العلاقات المتوتّرة بين لبنان ودول الخليج سوى 'شعرة' موقف وزير الخارجية شربل وهبة لتقصم ظهر البعير".
وأشارت إلى أنه "عوض أن يطل رئيس الدبلوماسية اللبنانية بكلام منمّق مختار بدقة، يرطب الأجواء بعد أزمة 'الرمّان وكبتاغونه' (المخدرات) التي حرمت لبنان نعمة تصدير منتجاته الزراعية إلى السعودية، في لحظة هو في أمسّ الحاجة إليها، أطلق، عن انفعال بعدما استُدرج على الأرجح، (والانفعال ليس من صفات الدبلوماسيين) ما يمكن وصفه بغير المناسب في زمانه ومكانه بحق دول وقفت إلى جانب لبنان في السراء والضراء، وشكلت الشريان الحيوي لإنعاشه على مدى عقود".
وتابعت: "فكان أن سدد (وهبة) الضربة القاضية لهذه العلاقات، بحيث لم تنفع كل بيانات الاستنكار ولا سلسلة التوضيحات التي صدرت من رئاستي الجمهورية والحكومة ومن الوزير وهبة تكررا، في سحب فتيل الغضب الخليجي الذي لم ينطفئ جراء الإساءات المتكررة والمتتالية من مكونات لبنانية حزبية ورسمية، فترجم عبر استدعاء وزارة الخارجية السعودية لسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة وتحميله مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة ان التصريحات المسيئة هي تطاول على المملكة وشعبها".
وأمام هذا، أعربت الصحيفة عن الأمل في أن "تتوقف ردة الفعل عند هذا الحدّ، وتنجح الاتصالات التي أجراها عون مع أكثر من طرف معني بالموضوع واعتبار ما صدر عن وزير خارجية لبنان مجرد خطأ".
أما صحيفة "اللواء" فوصفت ما حصل بـ "العاصفة الدبلوماسية" تحت عنوان "مجلس التعاون يطالب لبنان باعتذار رسمي لمعالجة "الأزمة".
وقالت: "لم تهدأ بعد العاصفة الدبلوماسية الناجمة عن التصريحات غير اللائقة والتي تخرج على آداب التخاطب الدبلوماسي، لا سيما بين الأشقاء أو الأصدقاء، والتي اعترف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، بوقوعه في الخطأ بالتفوه بها".
مضيفة "مع إصرار خليجي وعربي على أن تبدأ المعالجة للأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين لبنان ودول مجلس التعاون بزيارة يقوم بها وهبة إلى السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في منزله، ويقدم اعتذاره خطياً ورسمياً من دول المجلس، كمقدمة للمعالجة.. قبل أن ترفع دول المجلس هذه الأزمة إلى مجلس جامعة الدول العربية، والاعتذار الرسمي خطوة ضرورية بسبب الإهانات غير المقبولة.".
وفي عنوانها الرئيسي، أشارت صحيفة "الجمهورية" إلى أن "إعفاء وهبة يطوي الأزمة مع الخليج"، متحدثة عن أزمة دبلوماسية نشأت بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بفعل موقف سلبي وصَفه البعض بأنه "عنصري".
ولفتت الصحيفة إلى أن الحل لاستيعاب الأزمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج كان بطلب وهبة من عون ودياب إعفاءه من مسؤولياته كوزير للخارجية طالما أن الحكومة مستقيلة وتصرّف الأعمال.
واستطردت "يبدو أن طلبه قد قُبِل وتقرر في هذه الحال أن يتسلم وزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار المهام بصفته وزيرا للخارجية بالوكالة".
وعلى. ذات الدرب، سارت صحيفة "نداء الوطن" التي قالت إن وهبة "أشعل فتيل أزمة دبلوماسية مع دول الخليج العربي، إثر تهجمه الكلامي على دول الخليج واتهامها بأقذع الاتهامات العنصرية والإرهابية، مخلّفاً موجة غضب عربية وخليجية عارمة تجاه لبنان، ومهدداً أرزاق مئات آلاف اللبنانيين".
واعتبرت أنّ وهبة، وعلى قاعدة "خذوا أسرارهم من صغارهم"، فضح "بسذاجته المشهودة ما يتملّك هذا الفريق من مكنونات عدائية تجاه الدول العربية وعلى رأسها السعودية، والانحياز الفاضح للأجندة المعادية للمملكة في المنطقة".
وأردفت: "عملياً ليس ما قاله وهبة سوى ترجمة غشيمة للسياسة الدبلوماسية المعادية للدول العربية التي يرعاها جبران باسيل (صهر عون) في وزارة الخارجية، والتي حالت يوماً دون إعراب وزارة الخارجية عن التنديد بالهجمات الإرهابية على منشآت أرامكو".
مقدمات نشرات الأخبار
لم تختلف نشرات الأخبار المسائية عن عناوين الصحف المحلية في لبنان، حيث تصدرت قضية وهبة مقدماتها التي أدانت بدورها كلام ما يفترض أنه "وزير الدبلوماسية".
واستهلت قناة "أم تي في" نشرتها بالقول: "تولي الشأن العام في مراكزه الرفيعة، هو موهبة تستحق وليس هبة أو وهبة، ولا بدلا من ضائع ولا خدمة لصديق".
وأردفت "انطلاقا من هذه القاعدة الكونية غير المحترمة في هذا العهد، لم يكن مقبولا تولية الوزير شربل وهبة حقيبة الخارجية، إلا إذا كان المطلوب منه أن يكمل ما لم تسنح الفرصة للوزير جبران باسيل القيام به يوم تولى المنصب، أي استكمال القطيعة مع المجتمع العربي وبناء جدران الفصل والعداوة مع المجتمع الدولي".
و"بما أن مسألة الاعتداء على مصالح لبنان ومئات الآلاف من مغتربيه الذين يقوم عليهم ما بقي من اقتصادنا المتهالك، من خلال الاعتداء على السعودية ودول الخليج، وبما أن هذه الاعتداءات أصبحت دورية بل استراتيجية، فإن ما ارتكبه الوزير وهبة ليس قابلا للتراجع عنه ببساطة الساذجين، لأن في ذلك تعميقا للإساءة (...)". تضيف القناة.
ورأت أن تفسير ذلك يكمن في أن "المشكلة باتت مسألة أهلية ذهنية وعقلية، لا تدخل معالجتها في نطاق محاكمة الوزراء والرؤساء ولا تسقط بالاستقالة، بل تصبح من اختصاص لجنة طبية".
في المقابل، جاءت نشرة قناة "أل بي سي" تقول: "فيما لبنان لا يزال يتخبط بقضية الرمان الملغوم، حتى جاءته قضية الدبلوماسية الملغومة".. وفيما لا يزال بطل الرمان الملغوم مجهولا، أو مجهلا، فإن بطل الدبلوماسية الملغومة معروف، وكاد أن يتسبب بأزمة دبلوماسية بين لبنان والسعودية".