انتخابات المغتربين.. لبنان بين أمل التغيير والتأثير المحدود
تعوّل المعارضة في لبنان على أهمية أصوات المغتربين في الانتخابات النيابية لإحداث التغيير، في حين يرى خبراء أن تأثيرها سيكون محدودا.
وبعد انتهاء انتخابات المغتربين اللبنانيين وما عكسته حماسة هؤلاء سعيا وراء التغيير في بلدهم والتخلص من المنظومة الحاكمة، يراهن البعض على أهمية أصوات هؤلاء في النتائج النهائية للانتخابات التي من المفترض أن تجرى داخل لبنان، الأحد المقبل، في حين يرى بعض الخبراء محدودية تأثيرها.
- ميقاتي يشيد باقتراع المغتربين.. وأبوظبي الأعلى تصويتا
- اللبنانيات يخطفن "اللقطة" بانتخابات المغتربين (صور)
وانطلاقا مما عكسته تصريحات اللبنانيين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات خارج لبنان معبرين عن نقمتهم على المنظومة الحاكمة، تعول الأحزاب المعارضة ومجموعات المجتمع المدني على إمكانية التغيير في وجه أحزاب المنظومة، لا سيما في ظل الأزمات التي يعيشها اللبنانيون، وهو ما عبّر عنه مسؤولون فيها اليوم بعد إقفال صناديق الاقتراع في كل الدول.
وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إن "المغترب اللبناني قدّم صورة مشرقة عن عمق التزامه بلبنان وتعلُّقه بمصير بلده وحرصه على ممارسة دوره شأنه شأن المقيم، وأسقط باقتراعه وحماسه كل محاولات منعه من أن يكون مشاركا في انتخاب جميع أعضاء البرلمان دون استثناء".
وتوجّه جعجع، في بيان، بـ"الشكر لكل من سجّل وانتخب وتحمّل مشقات المسافات والوقت الطويل إيمانا منه بلبنان، وقناعةً بأنه لا يوجد أغلى من الوطن، وأن التغيير لا يتحقّق سوى بإرادة اللبنانيين المقيمين والمغتربين".
رسالة شكر
من جهته، أثنى رئيس حزب "الكتائب اللبنانيّة"، سامي الجميّل، على ما قام به المغتربون، وكتب عبر "تويتر": "مشهد اللبنانيين حول العالم يكبّر القلب بحماس وإرادة استثنائية لصناعة لبنان جديد".
كذلك اعتبر النائب المستقيل والمرشح أن "مشهدية الأمس تبهج القلب وقد برهن اللبنانيون من خلالها على أنهم مؤمنون بالتغيير في هذا البلد".
وأكد الجميّل في حديث إذاعي أن "انتخابات المغتربين أظهرت أن هناك غالبية رافضة للمجموعة الحاكمة ولمحور الممانعة"، متمنيًا أن يستكمل هذا الرفض في الداخل لفكّ التغطية المسيحية لحزب الله وتنفيذه أجندة لا علاقة للبنان بها.
وقال: "نعمل لقيام كتلة معارضة تكون على تنسيق بمن يؤمنون بالنضال السيادي لنقف سدًا منيعًا بوجه مشروع محور الممانعة أي مشروع حزب الله".
كذلك قال النائب في "حزب القوات اللبنانية" والمرشح زياد الحواط، إن "انتخابات المغتربين بارقة أمل وهم أثبتوا أنّهم شركاء أساسيين في تقرير مصير هذا البلد ونحن خُضنا المعركة في تثبيت حقّهم لتقرير مصيرهم".
إسقاط الغطاء عن "حزب الله"
وأضاف في حديث تلفزيوني: "الهدف الأوّل لنا في هذه الانتخابات إسقاط الشرعية المسيحيّة عن حزب الله وسلاحه، والهدف الثاني وصول أكثرية سيادية إلى مجلس النواب".
واعتبر ان "هَمّ اللبنانيين "يخلصوا" من ارتهان "حزب الله" للخارج وأن يُسلّم سلاحه للدولة واللبنانيون في صناديق الاقتراع سيعبرون عن رأيهم بكل حرية والقرار حرّ في الصناديق".
من جهته، نوّه النائب السابق فارس سعيد بـ"المشاركة الكثيفة للبنانيين المنتشرين في العالم"، آملا "أن نستطيع وإياهم تغيير الواقع الذي نعيشه اليوم في لبنان لأنهم لا يخضعون لا لضغوطات ولا لرشوة ولا لقوى أمر واقع تحمل السلاح في نطاق سكنهم، هم أحرار ومنهم نستمد الحرية".
بدوره، حيا "لقاء سيدة الجبل" (الذي يجمع سياسيين وشخصيات معارضة لحزب الله) المغتربين اللبنانيين على المشاركة الكثيفة في العملية الانتخابية، محذرا من "أية محاولة لتزوير إرادة الناس خلال نقل صناديق الاقتراع أو فرزها وإصدار النتائج".
وأضاف في بيان: "فمن غادر لبنان لبناء مستقبلٍ له ولعائلته قد تحررّ من كل الضغوط التي يمارسها أهل السلطة وسلاطين المال على الناخب داخل لبنان".
في موازاة ذلك، نقلت "وكالة الأنباء المركزية" في لبنان عن أوساط دبلوماسية تراقب عن كثب الوضع اللبناني قولها: "إن ما تروجه بعض الأحزاب في السلطة أو خارجها عن انعدام فرص نجاح مرشحي الثورة والتغيير الحقيقيين، لهو خطأ متعمد ومقصود لخفض حماس المقترعين وجمهور الثورة الذي ناضل وملأ الساحات في ثورة 17 أكتوبر/تشرين الأول، والايحاء بأن حظوظ وصول أي من قادتها معدوم.
إلا أن ما أظهره الناخبون من رغبة جامحة لدى معظم المقترعين في بعض الدول، عكس بوضوح التوجه هذا والتركيز على وجوب الإطاحة بالسلطة والأحزاب وكل من شارك في الحكم خلال السنوات الأخيرة، وهو شأن يمكن التعويل عليه لتوقع كم من الأصوات صبّ لمصلحة لوائح التغيير الحقيقية".
تأثير محدود
وبانتظار ما ستظهره صناديق الاقتراع، يرى بعض الخبراء أنه ليس هناك من رابط بين انتخابات المغتربين والمقيمين. وهو ما تحدث عنه الخبير الانتخابي محمد شمس الدين معتبرا أن لانتخابات المغتربين تأثير محدود على نتائج الانتخابات بشكل عام ولن تؤدي إلى قلب المشهد السياسي في لبنان.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أنه "في عام 2018 تسجّيل 83 ألف ناخب واقترع 47 ألفا، وهذا العام سجّل 225 ألفا وانتخب 130 ألفا، وبالتالي عدد المقترعين هذا العام أكبر وإن كانت نسبة المشاركة متقاربة، إنما هذا الأمر لا يقلب مقاييس النتائج إنما سيكون له تأثير محدود لجهة التغيير ولصالح المجموعات المعارضة التي من المتوقع أن تكون معظم أصوات المغتربين أتت لصالحها".
وفي المقابل، يعتبر شمس الدين أنه ليس هناك أي رابط بين انتخابات المغتربين والمقيمين لأسباب مرتبطة باختلاف الظروف التي يعيشها الطرفان، موضحا: "في الداخل المال الانتخابي سيكون له الدور الكبير إما بزيادة نسبة الاقتراع أو تراجعها، لا سيما وأننا نلاحظ في لبنان خاصة في بعض الدوائر دفع الكثير من المال أي الرشاوى الانتخابية، وهذا الأمر ليس موجودا في الخارج ولا يؤثر على قرار المغتربين.
وكانت قد بلغت نسبة اقتراع المغتربين نحو 60%، وفق أرقام وزارة الخارجية، الإثنين.
وصوت حوالى 130 ألف مغترب لبناني من أصل 225 ألفاً مسجلين في عملية الاقتراع في الخارج التي جرت يومي الجمعة والأحد في 58 دولة، وفق التقديرات الأولية لوزارة الخارجية.
وكانت هذه المرة الثانية التي يُتاح فيها للمغتربين المخولين الاقتراع المشاركة في انتخاب النواب الـ128.
وخلال مؤتمر صحفي في مقر وزارة الخارجية، أعلن السفير هادي هاشم من لجنة مراقبة انتخابات المغتربين، أن "نسبة عامة بنحو 60% في العالم كله (...) ما يعني أن 128 ألفاُ إلى 130 ألفاً شاركوا في عملية الاقتراع".
وأضاف: "هذه نسبة جيدة جداً"، مشيرا إلى أن "الأرقام أولية، على أن تنشر الأرقام النهائية" في يوم الانتخابات في 15 مايو/أيار.
وفي انتخابات العام 2018، الأولى التي شارك فيها المغتربون، بلغت نسبة مشاركتهم 56%، إذ صوّت نحو 50 ألفاً من إجمالي قرابة 90 ألفاً سجلوا أسماءهم.
وبعد انتهاء عمليات التصويت، بدأت عملية نقل صناديق الاقتراع بعد إقفالها بالشمع الأحمر عبر شركة شحن خاصة إلى لبنان لإيداعها المصرف المركزي، على أن يتم احتساب الأصوات في ختام الانتخابات.
والانتخابات البرلمانية هي الأولى بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان خريف 2019 طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحمّلتها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وينظر كثر إلى الانتخابات كفرصة لتحدي السلطة، رغم إدراكهم أن حظوظ المرشحين المعارضين والمستقلين لإحداث تغيير سياسي ضئيلة في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية وأنهكته أزمات متراكمة.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي ومع تدهور نوعية الحياة خلال العامين الماضيين، اختارت عائلات كثيرة وخريجون جامعيون جدد وأطباء وممرضون وغيرهم الهجرة، بحثاً عن بدايات جديدة بعدما فقدوا الأمل بالتغيير والمحاسبة. ويعلّق المرشحون المستقلون والمعارضون آمالهم على أصوات هؤلاء.
وبحسب تقرير نشرته مبادرة الإصلاح العربي، وهي منظمة بحثية تتخذ من باريس مقراً لها، الشهر الجاري، فقد اختار 6% من الناخبين في الخارج لعام 2018 مرشحين على قوائم المعارضة، في حين اختار 94% مرشحين من الأحزاب السياسية التقليدية.
aXA6IDE4LjIyMi4xMjEuMjQg جزيرة ام اند امز