تخبط سياسي في لبنان يسبق استشارات تسمية رئيس حكومة
عشية عيد الأضحى ودخول البلاد العطلة، ما زالت الأوضاع السياسية جامدة وسط تخبط كبير تركه اعتذار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة.
حتى الساعة لم يدع رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية لتسمية رئيس وزراء جديد، ولكن بحسب ما ذكرته مصادر مقربة الرئاسة لـ"العين الإخبارية" فإن عون سيدعو لهذه الاستشارات بعد عطلة العيد أو الاثنين الذي يليه.
وتزامناً، تستمر الاتصالات السياسية لمحاولة الاتفاق على بديل قبل موعد الاستشارات.
وبحسب أوساط مطلعة، فإن هناك نوعاً من الضياع على مستوى القيادات السياسية في شأن اسم الشخصية التي يمكن أن يناط بها تشكيل الحكومة وليس لأي جهة أي تصور واضح إزاء من يمكن أن يشكّل قاسماً مشتركاً، أو يملك القدرة على تجميع أكثرية نيابية حوله.
ونبّهت الأوساط إلى أنّه إذا جرت الاستشارات النيابية الملزمة في ظل هذه الظروف، فإنّ كل الاحتمالات ستصبح واردة عندها، ولا يمكن مسبقاً ضبط النتيجة التي ستؤول إليها الاستشارات ما يشكل سابقة تاريخية على مستوى لبنان، علماً أن أياً من الخيارات المتداولة حالياً لا يحظى حتى الآن بالعلامات الكافية للفوز بالتكليف.
وحذرت الأوساط من بلورة اسم شخصية سنّية لا تحظى بالغطاء اللازم يمكن أن تفجر صراعاً ذا طابع طائفي بغيض هذه المرة إذا ركب بعض أصحاب الرؤوس الحامية مركب التحدي الاستفزازي للمكوّن السني بأكثريته الملتفة حول الحريري.
في المقابل، يتقدم اسم نجيب ميقاتي لتولي المهمة، باعتبار أنه الوحيد الذي يمكن ينال رضا الحريري، ونادي رؤساء الحكومات السابقين الذي هو أحد أركانه بالإضافة إلى أنه حائز على رضا الفرنسيين والأمريكيين وهم أعلنوا عن ذلك جهاراً في لقاءاتهم السياسية اللبنانية.
إلا أن سلسلة اعتبارات يضعها رئيس الحكومة الأسبق يصعب تجاوزها وتتمثل بأنّه على قناعة بأن من رفض أن يتعاون مع الحريري، لن يبدّل موقفه بتعاونه مع ميقاتي الذي يتمسك بالعناوين السياسية التي طرحها الأول.
هذا بالإضافة إلى أنّ تجربته مع عون وتياره في حكومته الأخيرة لم تكن مشجعة، كما أنّ العلاقة السياسية مع "التيار الوطني الحر" خلال السنوات الماضية لم تكن جيّدة لا بل مقطوعة، وهو رغم التسويات الكبرى التي حدثت في عام 2016 وأوصلت عون إلى رئاسة الجمهورية لم يكن ميقاتي في وسطها ولم ينتخبه.
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش في تصريحات تلفزيونية أنه حتى الساعة يمتنع الحريري عن تسمية أو دعم أيّ بديل عنه لتولي تشكيل الحكومة، لأن أي تسمية بهذا الإطار ستضع الحريري أمام مسؤولية أي فشل محتمل، مشيرا في المقابل إلى أن "رئيس تيار المستقبل لا يضع فيتو على أحد".
وإذ أكد علوش أن "كتلة المستقبل اتخذت قرارها بالامتناع عن التسمية في الاستشارات النيابية المقبلة"، لفت إلى أن "أحدا من نادي رؤساء الحكومات السابقين ليس مستعداً للتشاور مع رئيس الجمهورية بعد ممارساته مع الحريري لا سيما في مسألة اتهامه بالكذب وإصراره الدائم على التنسيق مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل".
بدوره، قال عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب زياد حواط إن "حسابات المجتمع الدولي تختلف بشكل كبير عن الحسابات الداخلية فالدول تنظر للبنان كجزء صغير من منطقة أكبر ومصالح إقليمية."
وأضاف في حديث إذاعي أن "العودة إلى الحاضنة الدولية شرط أساسي للنهوض بلبنان وهذا لا يتحقّق إلّا بالخروج من المحور الإيراني ومحور الممانعة."
وتابع حواط: "حسان دياب جديد يلوح في الأفق (إشارة إلى حكومة اللون الواحد المحكومة من حزب الله) لأن لا قرار بتشكيل حكومة قوية قادرة على تحقيق الإصلاحات"، مؤكداً أن "الإيرانيين لن يسلموا ورقة لبنان بسهولة".
والأسبوع الماضي، خطا لبنان خطوة جديدة نحو المجهول مع إعلان الحريري اعتذاره عن عدم تشكيل حكومة طال انتظارها في هذا البلد الغارق في انهيار اقتصادي.
وبات لبنان مع أزمة تشكيل الحكومة المستمرة منذ نحو سنة ونصف السنة، يواجه معدلات فقر مرتفعة، وتدهورا غير مسبوق في قيمة العملة، على وقع احتجاجات شعبية في الشارع.