وسط صدمة وأفق مسدود.. من يخلف الحريري؟
صدمة كبيرة يعيشها اللبنانيون بعد اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة وسط حالة من الضبابية سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
لبنان الذي يعيش على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة كان ينتظر انفراجة سياسية بتشكيل حكومة تنتشله من حالة المجهول وتنعكس إيجابا على أوضاع مواطنيه المعيشية.
وعقب اعتذار الحريري، برزت دعوات مكثفة داخلية وخارجية إلى ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة في وقت لا تبدو فيه الصورة واضحة لجهة الشخصية التي من الممكن أن تتولى هذا المنصب الذي من المفترض أن يكون من الطائفة السنية ويلقى دعما واسعا.
وأسس "اتفاق الطائف"، الذي تم التوصل إليه بوساطة السعودية 1989 لينهى الحرب الأهلية اللبنانية، التي استمرت قرابة 15 عاما، محاصصة في إدارة البلاد، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب شيعيا، ورئيس مجلس الوزراء سنيا.
وبينما تسود حالة من الترقب في لبنان لما ستكون عليه المرحلة المقبلة من تفاقم للأزمات مع استمرار الأزمة السياسية، خرج اليوم الجمعة رئيس البلاد، ميشال عون، وبعد أكثر من خمس سنوات على عهده ليطمئن اللبنانيين.
وقال عون أمام وفد من إحدى الجامعات: "لبنان سيتجاوز الظروف الصعبة.. لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين رغم قساوة ما يتعرضون له، وسأبقى أبذل كل الجهود للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعانون منها".
ومن المفترض أن يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون في أقرب وقت ممكن إلى "استشارات نيابية" لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة، وفق ما ينص عليه الدستور.
غير أن المشكلة تكمن حتى الساعة في عدم الاتفاق على هذه الشخصية لا سيما وأن الجميع مقتنع أنه يفترض أن تلقى دعما من الحريري، إضافة إلى دار الإفتاء في لبنان، وكذلك شخصيات سنية معينة كرؤساء الحكومة السابقين، نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة.
وجرت العادة في لبنان أن تكون الدعوة إلى الاستشارات معروفة النتائج مسبقا بحيث أنه يتفق على هذه الشخصية في وقت مسبق، وهو ما ليس محققا حتى الساعة.
إلا أنه سرت بعض المعلومات في الأيام الأخيرة حول إمكانية الاتفاق على ميقاتي في وقت يحاول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل (صهر عون) العزف منفردا في هذا الإطار وتعويم بعض الشخصيات السنية للدفع باتجاه تكليفها بتشكيل الحكومة، كالنائب فيصل كرامي المقرب من حزب الله، لكن يبقى الأمر صعب التحقق نتيجة صعوبة حصوله على أكثرية الأصوات في البرلمان.
يأتي ذلك في وقت تقول فيه مصادر نيابية في "تيار المستقبل" لـ "العين الاخبارية" إن الرئيس عون وباسيل وبعد كل ما قاما به لدفع الحريري إلى الاعتذار سيعملان لتعويم حكومة حسان دياب المحسوبة عليهما إلى أن يحين موعد الانتخابات النيابية بعد عشرة أشهر.
وفي هذا السياق، اعتبر نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أنه "لا حكومة خارج إطار مباركة وتأييد ودعم الرئيس سعد الحريري لها".
وأضاف في حديث إذاعي: "يبدو أنه كان ينتظر بفارغ الصبر الخروج من التخبط في هذه الشرنقة".
ورفض الفرزلي استباق الأمور والحديث عن الاتجاه الذي ستسلكه الأوضاع في المستقبل، لافتًا إلى أن "من عرقل التأليف كان يعلم مسبقاً أن هناك أزمة لابد من أن تقع في حال تم الاعتذار".
وأكد على أن "العوامل الشخصية والأحقاد والكيديات ساهمت في خراب البلد وإفشال إمكانية تشكيل الحكومة".
ورأى أن "شيئاً لن يتغير وأن رئيس الجمهورية ميشال عون يريد الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال إلى حين إجراء الانتخابات النيابية"، مشددا في المقابل على "الجاهزية لمحاولة دفع الأمور باتجاه تسوية وتشكيل حكومة".
في المقابل، تصف مصادر في "التيار الوطني الحر"، مقربة من عون، الوضع الحالي في لبنان بأن الجميع لا يزال تحت وطأة صدمة الاعتذار بانتظار إعادة تحريك الاتصالات السياسية وبدء البحث عن البديل.
وأوضحت المصادر لـ "العين الاخبارية"، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، أن الرئيس عون يهمه الإسراع بتحديد موعد للاستشارات لكن ونظرا لدخول لبنان في عطلة عيد الأضحى فإنه سيتم تأجيلها إلى ما بعد ذلك مباشرة وقد تكون في الإثنين الذي يلي عطلة العيد.
وفيما لا تنفي مصادر صعوبة الدعوة للاستشارات ما لم يكن قد تم الاتفاق على الشخصية التي ستتولى المنصب، عبرت عن آمالها أن تكون فرصة العيد مناسبة للتواصل بين الأطراف لترشيح الشخصية.
بدوره، قال نائب رئيس تيار المستقبل، مصطفى علوش، لـ"العين الإخبارية": "لا يمكن الإجابة عن سؤال عما ستكون عليه المرحلة المقبلة في لبنان، إنما حتى الساعة الأفق مسدود وإمكانية تشكيل حكومة برئاسة شخصية سنية لها ثقل ضئيلة جدا".
وأضاف: "علينا الانتظار وفي النهاية البرلمان هو المسؤول عن هذه التسمية في الاستشارات التي يفترض أن يدعو لها الرئيس عون"، الذي حمله علوش المسؤولية الأساسية في إفشال الحريري في تأليف الحكومة بقوله "عون لا يريد الحريري رئيسا للحكومة".
وينص الدستور في لبنان على أنه بعد استقالة الحكومة أو اعتذار الرئيس المكلف يدعو رئيس الجمهورية لاستشارات نيابية لتسمية رئيس مكلف جديد يحصل على أكثرية الأصوات في البرلمان، لكن المشكلة تكمن في عدم تحديد الدستور لمهلة محددة لهذا الأمر ما قد يؤدي إلى تأجيل الموعد إلى أجل غير مسمى إذا لم يتم الاتفاق على الشخصية البديلة.
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز