بانتظار استشارات جديدة.. خارطة القوى ببرلمان لبنان
اعتذار رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري عن مهمته يعيد الكرة للبرلمان في إطار استشارات يفرضها الدستور لتسمية شخصية جديدة.
استشارات نيابية ملزمة، لكن لا بوادر لأي دعوة من الرئيس ميشال عون بشأنها، رغم ضغوط فرنسية تدعو إلى بدئها "فورا" لتسمية بديل للحريري.
لكن المؤكد، وفق الحالة اللبنانية، فإنه عادة ما يكون المرشح جاهزا ومتفقا عليه قبل بدء الاستشارات، في "تقليد" يبدو من الصعب تأمينه هذه المرة، في ظل تداخل وتشابك المعطيات.
وبحسب الدستور، فإن الرئيس اللبناني ملزم بإجراء استشارات يتم على أساسها تسمية الشخصية التي تنال أكبر عدد من الأصوات لتبدأ رحلة تشكيل الحكومة، في تمش منفصل تماما عن منح الثقة، ذلك أنه بإمكان أي كتلة تسمية رئيس الوزراء المكلف، لكنها تحجب عنه الثقة في مجلس النواب عند تشكيل حكومته.
مسار قانوني يتقاطع مع مشهد بالغ التعقيد، يوجه الأنظار إلى البرلمان، هناك حيث من المنتظر أن تجري الخطوة الأهم، والتي ستكون نتاجا بديهيا لموزاين القوى وخارطة الثقل السياسي والتمثيلي بالمجلس التشريعي.
خارطة القوى
يتألف مجلس النواب اللبناني من 128 عضواً، لكنه يتكون -بصيغته الحالية- من 118 نائباً بعد استقالة 8 نواب عقب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/ آب الماضي؛ وهم سامي الجميل، ونديم الجميل، وإلياس حنكش، وبولا يعقوبيان، وميشال معوض، ونعمة إفرام، وهنري حلو، إضافة إلى وفاة النائبين ميشال المر وجان عبيد.
يتوزع مجلس النواب على كتل كبيرة وأخرى صغيرة ونواب مستقلين، وتتبع الكتلة الأكبر رئيس الجمهورية ميشال عون وهي كتلة "التيار الوطني الحر" التي يرأسها صهره جبران باسيل.
وتحتفظ الكتلة المذكورة بصدارة الثقل رغم استقالة عدد من أعضائها، بـ22 نائباً بعد أن كانت تضم 29 بانتهاء الانتخابات النيابية.
أما الكتلة الثانية من حيث العدد فهي لتيار "المستقبل" برئاسة سعد الحريري وتتكون من 19 نائباً.
الكتلة الثالثة لحركة "أمل" الشيعية، يقودها رئيس البرلمان نبيه بري ومؤلفة من 17 نائباً، وتضم إضافة إلى النواب الحزبيين بالحركة، نائبا سنيا وآخر درزي وماروني وكاثوليكي، تليها "القوات اللبنانية" بـ14 نائبا.
وبالمركز الخامس، تحل كتلة "القوات اللبنانية" وتتكون من 14 نائباً، تليها كتلة "حزب الله" المؤلفة من 13 نائبا؛ 12 منهم من الحزب وواحد سني عن قضاء بعلبك الهرمل هو الوليد سكرية.
وسابعا، تبرز كتلة "الحزب التقدمي الاشتراكي" التي تضم حاليا 7 نواب بعد استقالة اثنين هما مروان حمادة وهنري حلو، تليها كتلة "تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجية، وتضم 5 نواب.
أما الباقي فيتوزع على كتل صغيرة مثل كتلة نجيب ميقاتي التي أصبحت مؤلفة من 3 أعضاء بدل 4 بوفاة النائب جان عبيد، وكتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي المؤلفة من 3 نواب، بالإضافة إلى عدد من النواب المستقلين أو المنشقين عن كتلهم، مثل نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي انشق عن الكتلة العونية، وميشال ضاهر المنشق عن نفس الكتلة، والصهر الثاني لرئيس الجمهورية شامل روكز الذي غادر بدوره الكتلة.
أما بالنسبة للنواب المستقلين، فهم فؤاد مخزومي وأدي دمرجيان وفيصل كرامي وعبدالرحيم مراد وأسامة سعد وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي.
بعد الانتخابات النيابية المقامة العام 2018، تشكلت أكثرية نيابية مبنية على تحالف حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وتيار المردة وبعض الكتل الصغير كالحزب السوري القومي الاجتماعي وبعض النواب المستقلين المقربين من "حزب الله: وبلغت 71 نائباً.
ورغم الاهتزازات والتحركات الشعبية عقب احتجاجات 17 أكتوبر/ تشرين أول 2019، حافظت هذه الكتل على تحالفاتها وأكثريتها بدليل أنها استطاعت إيصال حسان دياب إلى رئاسة مجلس الوزراء.
ولكن عقب تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، قبل 9 أشهر، بدت هذه الأكثرية مختلفة وتغيرت تحالفاتها، فقد نال الرئيس الحريري 65 صوتاً في الاستشارات النيابية أمنتها له كتلته وكتلة حركة أمل والحزب الاشتراكي وتيار المردة، إضافة إلى خروج كتلة نواب الأرمن تحت عباءة التيار الوطني الحر والتصويت له، وكتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيما امتنعت كتل التيار الوطني الحر وحزب الله والقوات عن تسميته، في تطور خلط الأوراق خصوصاً ضمن فريق الأكثرية.
كما لا بد من الإشارة إلى الخلاف الكبير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس ميشال عون، والذي بلغ حد تبادل الاتهامات العلنية والانتقادات ما يطرح السؤال عن إمكانية استمرار التحالف.
في المقابل، تبدو الجهات المقابلة للأكثرية غير متوافقة فيما بينها ولا يجمعها أي تحالف مع بعضها للمواجهة، ما يجعلها -إضافة إلى الاستقالات التي طالتها ككتلة نواب الكتائب وبعض النواب المعارضين- عبارة عن متشرذمة لا قاسم مشتركا بينها، فلا تحالف بين القوات وأي من الأطراف، فيما ينادي الحزب التقدمي الاشتراكي بـ"تسويات" مع حزب الله ورئاسة الجمهورية، وحالياً هناك تفاهم غير معلن بين تيار المستقبل وحركة أمل من ضمن الأكثرية فقط.
خارطة قوى بالمجلس النيابي تظهر أن التحالف الثابت يجمع "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، فيما لا تزال بقية الكتل محكومة بحسابات سياسية مختلفة.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز