جلسة حكومية جديدة تشعل الغضب بلبنان.. وميقاتي يرد بسؤال ورسالة
جدل جديد قديم أطل برأسه مجددًا على الساحة اللبنانية، مع عقد الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي إحدى جلساتها وإبداء نيتها لعقد أخرى، ما فجّر خلافا بين القوى السياسية حول شرعية تلك الخطوة.
فرغم أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تعهد بألا يدعو لجلسة لمجلس الوزراء ولا يستخدم صلاحيات رئيس الجمهورية إلا في أضيق نطاق وعندما تقتضي الضرورة القصوى، فإنه دعا لعقد عدة جلسات فجرت كل منها خلافات بين القوى السياسية التي ترى مضمون تلك الجلسات ليس بالأمر الذي يستدعي عقدها.
إلا أن الحكومة التي أبدت نيتها عقد جلسة أخرى خلال الفترة المقبلة، اعتبرت خطواتها "ليست استفزازًا ولا ضربًا للميثاقية والشراكة والدستور كما يزعم البعض"، بل إنها تساءلت عبر رئيسها، قائلة: "المطلوب ممن يطرح السؤال إذا كانت تجوز هكذا جلسات وهكذا قرارات وهكذا مراسيم بغياب الرئيس، أن يجيب أولاً على السؤال لماذا يشارك في تعطيل انتخاب الرئيس".
فماذا تضمنت الجلسة الأخيرة؟
عقدت يوم الجمعة، الجلسة السابعة لمجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال منذ الفراغ الرئاسي، التي اكتمل نصابها القانوني في السراي الكبير مقر الحكومة اللبنانية بالعاصمة بيروت، وكان على جدول أعمالها 72 بندا، معظمها بنود تتعلق بالشأن المالي.
وأعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية، "تكليف وزير المالية رفع تقرير دقيق يبين تداعيات الملاحقات الخارجية خارج لبنان بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أدائه لمهامه، وانعكاس ذلك على مهام المصرف المركزي، وتكليف وزير العدل تقديم الرأي القانوني المناسب".
كما أعلن "الموافقة على دفع كامل التعويضات الإضافية التي أقرها مجلس الوزراء عن شهر مايو/أيار كاملا، على أن تعتبر الدفعة بمثابة سلفة تحسم من التعويضات اللاحقة حال ثبت عدم أحقيتها، على أن تحيل الإدارات عدد أيام الحضور إلى وزارة المالية".
واشار إلى أنّ "المجلس أخذ علمًا من وزير الماليّة بعدم توفّر الاعتمادات المالية اللازمة لدفع الرواتب والأجور والمساعدات للعاملين في القطاع العام كافة، ابتداءً من شهر يونيو/حزيران المقبل، حال عدم إقرار مجلس النواب لقوانين فتح الاعتمادات الإضافيّة".
ما هدف عقد الجلسات؟
يقول رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إن انعقاد جلسات مجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال هدفه تسيير العمل الحكومي لإبقاء دورة المؤسسات قائمة، مشددًا على أن "هذا الأمر ليس استفزازًا ولا ضربًا للميثاقية والشراكة والدستور كما يزعم البعض".
وقال ميقاتي: "المطلوب ممن يطرح السؤال إذا كانت تجوز هكذا جلسات وهكذا قرارات وهكذا مراسيم بغياب الرئيس، أن يجيب أولاً على السؤال لماذا يشارك في تعطيل انتخاب الرئيس".
وأضاف أن هناك توافقًا على أن ملف الملاحقات القضائية الدولية لحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في يد القضاء وبما يتوافق مع أحكام القانون اللبناني، مؤكدا على أنه لا يجوز أن يظهر الأمر وكأن هناك طرفًا يريد الانتقام وآخر يريد تأمين الحماية، مشيرًا إلى أن نائب رئيس الحكومة تقدم بمذكرة خطية في هذا الملف، وسيتم طرحه للنقاش مجددًا لاتخاذ القرار المناسب.
جلسة جديدة
وأوضح ميقاتي أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لملف النازحين السوريين على أن تطرح فيها كل النقاط استعدادا للكلمة التي سيلقيها في مؤتمر الاتحاد الأوروبي في بروكسل في الخامس عشر من الشهر المقبل.
وكلف ميقاتي، وزير المُهجّرين عصام شرف الدين، بالقيام بالتحضيرات للجلسة الوزارية ولاجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بملف النازحين الذي سيعقد قبل الجلسة الحكومية الخاصة.
كيف رأت القوى السياسية خطوة الحكومة؟
جددت قوى سياسية اعتراضها على استمرار عقد جلسات مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي؛ فرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قال عبر حسابه على "تويتر"، إن اجتماع الحكومة غير دستوري؛ لأن أكثرية بنود جدول أعمال هذه الجلسة ليست ملحّة وغير طارئة"، على حد قوله.
وهاجم النائب رازي الحاج عضو تكتل "الجمهورية القوية" الجلسة الحكومية، قائلا عبر موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة: "اجتماع لحكومة تفليس الأعمال، وعلى جدول أعمالها كل شيء، إلا الأولويات"، وتساءل باستنكار: "أين هو بند النازحين السوريين؟، وأين هو بند النفايات الصلبة، الذي سينفجر قريبا؟، وأين ملف حاكمية مصرف لبنان؟، وأين ملف منع التهريب والتهرب الضريبي؟".
بدوره، تساءل النائب سليم عون عضو تكتل "لبنان القوي" ساخرًا: "مبسوطين (سُر خاطركم) بحكومة ميقاتي غير الدستورية وغير الشرعية وغير الميثاقية؟"، مردفا: "نحنا اليوم مصرّون أكتر من أي يوم مضى للقضاء على هيدي (هذه) المنظومة الفاسدة ونقول لميقاتي وشركاه صار يومكم قريبا"، على حد قوله.
وغرد النائب ميشال المر عبر حسابه عبر "تويتر"، قائلا: الحل الوحيد لإنهاء الجدل حول المواضيع الخلافية اليوم: من جلسات مجلس الوزراء إلى حاكمية مصرف لبنان والاستراتيجية الدفاعية، فضلاً عن بدء معالجات الملفات الاقتصادية والاجتماعية هي بعودة انتظام المؤسسات، وأساسها انتخاب رئيس للجمهورية".
وأضاف: "بدل السجالات، فليبادر الجميع إلى الالتزام بانتخاب الرئيس بدل المماطلة ومحاولات العرقلة".
جدل لا ينقطع
يأتي اجتماع الحكومة اليوم، وسط جدل يتجدد بين الحين والآخر حول دستورية عقد الجلسات الحكومية، بعد كل دعوة يطلقها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
ذلك الجدل لا ينقطع بين فريقين، يرى أحدهما عدم شرعية انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعد استقالة الحكومة، فيما يؤكد الآخر أحقية الحكومة في عقد اجتماعاتها لتسيير أعمال الدولة والمواطنين.
وشهدت الساحة السياسية في لبنان انقساما حادا حول صلاحية حكومة ميقاتي في عقد جلسة تمارس فيها صلاحيات رئيس الجمهورية.
ويرى التيار الوطني الحر (الفريق السياسي لعون وصاحب ثاني أكبر كتلة مسيحية بمجلس النواب) عدم شرعية انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعد استقالة الحكومة لكونها تمارس صلاحياتها في إطار تصريف الأعمال فقط ولا يحق لها ممارسة صلاحيات أعلى.
فيما يؤكد فريق آخر أحقية الحكومة في عقد اجتماعاتها لتسيير أعمال الدولة، والمواطنين، وعدم الدخول في أزمات دستورية جديدة، والحفاظ على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا.
وكان مجلس النواب اللبناني، أوصى في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بأن تواصل الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي تصريف الأعمال، بعد أن كان الرئيس السابق ميشال عون وقع قبيل انتهاء ولايته مرسوما يقضي بقبول استقالة الحكومة، ما أثار جدلا بشأن دستورية قراره.
وتعهد ميقاتي بألا يدعو لجلسة لمجلس الوزراء ولا يستخدم صلاحيات رئيس الجمهورية إلا في أضيق نطاق وعندما تقتضي الضرورة القصوى، إلا أنه سبق لمجلس الوزراء اللبناني عقد جلسات بصلاحيات رئيس الجمهورية، رغم الخلافات حول دستورية انعقاد الجلسات.
وتنص المادة 69 من الدستور اللبناني على اعتبار الحكومة مستقيلة عند بدء ولاية مجلس النواب الجديد، كما ينص على ألا تمارس الحكومة صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ولا يحق لها عقد جلسة لمجلس الوزراء.
فيما تنص المادة 62 من الدستور على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء.