الفراغ الرئاسي.. اللبنانيون ينتظرون حجرا يحرك المياه الراكدة
الجلسة الـ12 لانتخاب رئيس جديد، باتت هي ما يترقبه اللبنانيون سعيا لإنهاء فراغ رئاسي مستمر منذ 7 أشهر.
وخلا قصر بعبدا الرئاسي من ساكنه، بعدما غادره الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبسبب غياب التوافق بين القوى السياسية فشل مجلس النواب اللبناني على مدار 11 جلسة عقدها في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وبحسب وسائل إعلام لبنانية فإن الأيام القليلة المقبلة قد تشهد إلقاء حجر في مياه الفراغ الرئاسي الراكدة، بعد أنباء عن تفاهم قوى المعارضة و"التيار الوطني الحر" بشأن التوافق على مرشح رئاسي يحظى بالدعم اللازم.
ويتطلب الفوز برئاسة لبنان الحصول على ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 عضوا في الجولة الأولى للانتخاب، أو الحصول على 65 صوتا في الجولة الثانية للانتخاب بنفس الجلسة، شريطة وجود ثلثي (86 عضوا) أعضاء المجلس داخل الجلسة، وهو ما لم يتحقق خلال الجلسات الـ11.
وقالت وسائل الإعلام اللبنانية إن "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب جمعتهما مشاورات خلال الأيام الماضية للتوافق على مرشح رئاسي واحد، مشيرة إلى أن الاسم الأبرز هو جهاد أزعور، وهو المرشح الذي يرفضه حزب الله.
وخلال الجلسات الـ11 بمجلس النواب اللبناني برز اسم النائب ميشال معوض كمرشح وحيد لبعض قوى المعارضة، لكنه لم يستطع تجاوز عدد النواب اللازم لانتخابه رئيسا، ما دفع تلك القوى للبحث عن بدائل لمحاولة كسر جمود الاستحقاق الرئاسي.
أكاذيب حزب الله
ومنذ بداية الفراغ الرئاسي يحاول الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل فرض مرشحهما سليمان فرنجيه رئيس تيار المردة، على القوى السياسية اللبنانية، التي ترفض تكرار سيناريو ترشح ميشال عون للرئاسة.
والخميس، واصل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إطلاق أكاذيبه، حين قال إن الحزب "ليس في قطيعة مع أحد" حول الملف الرئاسي، داعياً إلى "النقاش من دون شروط مسبقة"، متناسيا أن حزب الله هو من يضع الشروط المسبقة، ويعطل المسار الانتخابي بلبنان.
ولم يتورع حزب الله عن التهديد بتعطيل الاستحقاق الرئاسي، إذ قال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في وقت سابق إن "لبنان أمام مرشحين: أحدهما جِدِّي (سليمان فرنجية)، والآخر هو الفراغ".
الفراغ الرئاسي الذي يعانيه لبنان تزامن مع أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى انهيار في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية ومواد الطاقة، وأثر سلبا على حياة اللبنانيين، الذين فشل رئيس حكومتهم نجيب ميقاتي في إعلان تشكيلته الحكومية منذ مايو/أيار 2022 بسبب الخلافات السياسية.
أزمة حاكم مصرف لبنان
ومما زاد الطين بلة، اتهام حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة باختلاس ملايين الدولارات، وهو ما ينفيه سلامة.
وحمّل سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، حزب الله والتيار الوطني الحر مسؤولية تدهور الأوضاع في لبنان.
وفي تغريدة له على تويتر قال جعجع "بعد كلّ ما جرى في لبنان، ولا سيما جهنّم الذي أوصلونا إليه، ما زال تحالف أحزاب الممانعة (مصطلح يطلق على حزب الله وحلفائه) و"التيار الوطني الحر" يدور في النقطة نفسها ويستند إلى الذهنية ذاتها، ويستخدم المقاربة عينها للأمور".
وأضاف أن "طريقة تعاطي هذا التحالف في الحكومة مع موضوع مصرف لبنان على أثر المذكرة الحمراء التي صدرت بحق حاكم المصرف المركزي، تؤكّد أنّه ما زال يتعاطى الشأن العام بالوسيلة والذهنية نفسها".
وتابع قائلا "إنّ أحزاب محور الممانعة و"التيار الوطني الحر"، إضافة إلى كونهم يتحمّلون المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع حتى الآن فهم تقع عليهم أيضا مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع المصرفية والنقدية، واستطرادا المعيشية في لبنان جراء تعاطيهم غير المسؤول مع قضية مصرف لبنان".
بحسب مجلة "فوربس" كانت تحقيقات لبنانية وأوروبية في قضايا تتهم سلامة وشقيقه "باختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو (5.4 مليون دولار) على التوالي، بين 2002 و2021"، قد بدأت منذ أكثر من سنة.
وأعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية (يوروجست)، في 28 مارس/آذار الماضي، أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو (129.5 مليون دولار) من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق استهدف سلامة و4 من المقربين منه، بينهم شقيقه.
ومنذ يوليو/تموز 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجّه في ديسمبر/كانون الأول الماضي تهم غسل أموال واحتيال ضريبي إلى سيدة أوكرانية مقرّبة منه.
وتنتهي ولاية سلامة في يوليو/تموز المقبل، بعد بقائه على رأس المؤسسة لفترة 5 ولايات، مدة كل منها 6 سنوات منذ 1 أغسطس/آب 1993.
وتسلط الاتهامات الموجهة إلى سلامة المزيد من الضوء على الأزمة المالية اللبنانية، التي صنّفها البنك الدولي بين أشد 10 أزمات مالية عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، والتي تتزامن مع استمرار الشغور الرئاسي في البلاد، بعد فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg جزيرة ام اند امز