خلافات تعيق مسار تشكيل حكومة لبنان.. تراجع منسوب التفاؤل
انخفض منسوب التفاؤل بتشكيل الحكومة في لبنان بعد محاولات لبث الأمل في الأيام الماضية، وعادت العقد إلى الظهور من جديد.
25 دقيقة في حضرة رئيس الجمهورية ميشال عون، خرج بعدها رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي متجهّم الوجه، ما يؤشر إلى غياب التفاهم، وتأجيل المداولات حتى اللقاء الجديد بين الرجلين يوم الخميس المقبل.
وانتقد ميقاتي وتيرة تشكيل الحكومة الذي كان يتوقعها أسرع مما يجدث، كاشفاً أنه "لكي يتفادى وكر الدبابير، انطلق في مهمته من مبدأ الحفاظ على نفس التوزيع المذهبي والطوائفي الذي كان معتمدا في الحكومة السابقة فيما يتعلق بالوزارات السيادية تفاديا لأي خلاف جديد".
كلام ميقاتي يؤكد عزمه على الاحتفاظ بوزارة الداخلية للطائفة السنية، وهنا الخلاف الأساسي مع عون الذي يريد الوزارة نظراً لأهميتها للانتخابات النيابية المقبلة.
يذكر أن حقيبة الداخلية أيضاً كانت موضع خلاف بين عون وسعد الحريري رئيس الحكومة المكلف السابق.
وما إن انتهى اللقاء بين عون وميقاتي، حتى سارعت أوساط القصر الرئاسي إلى إشاعة أجواء تخفف من التشاؤمية التي بدت على وجه ميقاتي، وذكرت لـ"العين الإخبارية" أن "عون يعلم أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار بالحكومة المستقيلة بالفعل، ولكننا في المقابل لن نؤسس لأعراف جديدة بالدستور".
وأضافت: "هناك نية لدى الطرفين واستعداد لتشكيل حكومة على أمل أن يدور ميقاتي الزوايا ولاسيما فيما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة".
لكن أجواء قصر بعبدا لا تتلاقى مع أجواء المقربين من عون والمسؤولين في التيار الوطني الحر "حزب مقرب من عون"، ففي تصريح لافت حذر الوزير السابق لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، ميقاتي من الاستمرار على نهج الحريري، قائلاً: "إذا أراد البقاء على شروطه بيطير متل ما طار الحريري".
وفي هذا السياق، تساءلت مصادر مقربة من "التيار الوطني الحر" عن الهدف الفعلي من وراء التمسك بحقائب معينة وتثبيتها لفريق أو فريقين من دون الآخرين، معتبرة أن في ذلك ما يناقض أحد المبادئ الأساسية للمبادرة الفرنسية التي تتحدث عن المداورة في الحقائب الوزارية.
وإذ ذكَّرت المصادر أن "الصيغة الأولى التي طرحها الحريري في مرحلة تكليفه راعت المداورة في الحقائب الوزارية بعض الشيء، قبل أن يعدل رأيه ما أدى إلى عرقلة التشكيل وإضاعة تسعة أشهر على اللبنانيين"، خلصت إلى التشديد على أن "عدم التقيد بمبدأ المداورة هو الذي يخلق المشاكل في المرحلة الحالية ويعرقل تأليف حكومة".
في المقابل، تتمسك الأوساط المحيطة بميقاتي بالصمت حول تفاصيل المفاوضات الحكومية، لكنها قالت لـ"العين الاخبارية" إنه "إذا أراد رئيس الجمهورية أن يصل إلى حكومة متجانسة، فعليه أن يصم آذانه عن كل الكلام المتطاير من هنا وهناك، حتى تستقيم الأمور وترسو على بر من الأمان".
وتابعت "الرئيس المكّلف لم يقبل المهمة التي ألقيت عليه، إلا لأنه لديه النية والإرادة لإنتشال البلد من عمق الهوة السحيقة، وذلك بالتعاون مع الجميع، وبالأخصّ مع رئيس الجمهورية، الذي لا يريد أن ينتهي عهده بمزيد من خيبات الأمل".
وأشارت إلى أن "طريق تأليف الحكومة لا يزال في البدايات. والمطلوب سرعة وليس تسرّعًا. إنها قناعة راسخة لدى الجميع، وبالأخصّ لدى الرئيس المكّلف ميقاتي".
وإذ اعتبرت أن الخطوات المتأنية مطلوبة اليوم أكثر من أي يوم مضى. أكدت الأوساط المقربة من ميقاتي أن المطلوب أيضًا "تبريد" بعض الرؤوس الحامية، التي لا يزال أصحابها يعتقدون أنهم لا يزالون يعيشون في زمن مضى.
وختمت حديثها بالتأكيد أن "المهلة التي تحدث عنها ميقاتي وقال إنها ليست مفتوحة، هي ضيقة وسيستمر رئيس الوزراء المكلف في تقديم العرض تلو الآخر وخصوصاً بخصوص حقيبة الداخلية والعدل للوصول إلى تشكيل حكومة.
ولم تستطع القوى السياسية اللبنانية تشكيل حكومة منذ الخريف الماضي بسبب خلافات بين الحريري وعون حول تقسيم الحصص الوزارية، لا تزال تلقي بظلالها على البلاد حتى اليوم، رغم اعتذار الحريري عن المهمة وتولي ميقاتي الملف.
وبالتوازي مع تعقد مسار تشكيل الحكومة الجديدة، تعيش البلاد أوضاعا سياسية واقتصادية وأمنية صعبة للغاية.