حصر سلاح «حزب الله».. لبنان يدخل مرحلة كسر «المحرمات»

بقرار تاريخي، وإن تأجل حسمه حتى الخميس المقبل، يقف لبنان بمفترق طرق، فيما يدخل حزب الله متاهة قد لا ينجو منها.
وأثار قرار مجلس الوزراء اللبناني، الثلاثاء، تكليف الجيش بإعداد خطة تطبيقية بشأن آليات حصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، حالة من الارتياح داخل دوائر نيابية وسياسية.
سلاح «حزب الله».. لبنان يؤجل النقاش للخميس وتكليف الجيش بـ«آلية للحصر»
وقررت الحكومة اللبنانية تأجيل البت في مسألة حصر السلاح بيد الدولة إلى الخميس المقبل، مع تكليف الجيش بإعداد ورقة بشأن آليات تنفيذية تُعرض نهاية الشهر الجاري وتُطلق عمليًا قبل نهاية العام.
ويضع القرار الحكومي حزب الله أمام خيارات مُرّة، إذ سيكون عليه إما الالتزام بالقرار الحكومي وتسليم السلاح، أو الدخول في مواجهة مع الجيش.
فاق التوقعات
ووصف ساسة لبنانيون تحدثت معهم "العين الإخبارية" القرار بـ"التاريخي"، معتبرين أنه فاق التوقعات، ويسهم في استعادة سيادة البلاد.
وقال عضو مجلس النواب اللبناني، وضاح الصادق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "اتخذت الحكومة قرارًا بحصر كل أنواع السلاح بيد القوات المسلحة اللبنانية، وذلك وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يقصر حيازة السلاح على خمسة أجهزة لبنانية هي: الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، الجمارك، والحرس البلدي".
واعتبر أن القرار فاق التوقعات، حيث كان المتوقع أن تمتد الفترة الزمنية لمسألة الحصر لسنة كاملة، أو حتى نهاية عام 2026، وعلى مراحل، لكننا تفاجأنا بأن مجلس الوزراء اتخذ قرارًا يقضي بأن يتم حصر السلاح بشكل كامل خلال أربعة أو خمسة أشهر فقط؛ لذا فهذه خطوة متقدمة جدًا.
وتابع: "كما طُلب من الجيش، وهذا أمر منطقي وطبيعي، أن يُعد خطة لحصر السلاح بدءًا من الآن وحتى نهاية الشهر الجاري، أي خلال خمسة وعشرين يومًا. وهذه أيضًا خطوة متقدمة جدًا".
ورأى النائب المستقل أن الرد العملي على الورقة الأمريكية خرج من الحكومة، بطريقة ستكون مرضية جدًا للمجتمعين العربي والدولي.
وسلّم الموفد الأمريكي، توم براك، إلى المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته إلى بيروت في 19 يونيو/حزيران الماضي، ورقة أمريكية تتضمن عددًا من البنود لنزع سلاح حزب الله، وقد تصدرت المشهد في لبنان، فيما وصفها حزب الله بأنها "استسلامية".
وحول ردّة فعل حزب الله، قال الصادق إن الحكومة طبّقت بشكل عملي، اتفاق الطائف، وهو ما ينادي به حزب الله نفسه، ونفّذت مضمون خطاب القسم الذي انتُخب رئيس الجمهورية على أساسه، وأيضًا البيان الوزاري الذي وافق عليه الوزيران الممثلان للثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، واللذان غادرا الاجتماع.
وكان وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، قد أعلن خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء عن انسحاب وزيرين يمثلان "حزب الله" وحركة "أمل" من الجلسة، مشيرًا إلى "عدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء بشأن حصر السلاح".
إزاء ذلك، أكد الصادق أن أي رد فعل من حزب الله خارج هذا الإطار أو في الشارع قد يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه.
وتابع: "هنا يكون دور الجيش محوريًا في ضبط الأمن، وإذا خرج حزب الله عن هذا الإطار، يكون قد خرج تمامًا من سياق بناء الدولة".
قرار تاريخي
وعلى نفس خط الترحيب بالقرار، وصف النائب اللبناني مارك ضو، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، قرار الحكومة بـ"التاريخي، ويُبنى عليه لإنهاء الحروب المستمرة في لبنان واستعادة السيادة على كامل أراضيه".
ونبّه ضو إلى أنه من المرتقب أن "يتعمق النقاش في جلسة الخميس المقبل، وبحث تفاصيل إضافية مرتبطة بهذه المسألة ضمن الورقة التي تم نقاشها مع الأمريكيين".
وبدوره، قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الحكومة أقرت بشكل واضح، في جلسة الثلاثاء، خطة نزع السلاح غير الشرعي بحلول آخر العام.
وأوضح: استند رئيس الوزراء وحكومته إلى النصوص المتعلقة باتفاق الطائف والبيان الوزاري وخطاب القسم للرئيس جوزيف عون، لذا فإن ما صدر هو خطة حكومية واضحة لنزع السلاح غير الشرعي.
وأضاف: يمكن القول إن الدولة اللبنانية اتخذت قرارها بنزع السلاح غير الشرعي، وهذه مسألة محورية لاستكمال النقاش في أمور تفصيلية مرتبطة بآليات، لكن الصورة الكبرى قد تم إقرارها.
ويؤكد جبور أن "القرار قد اتُّخذ، وعلى الجيش اللبناني مواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار في البلاد".
وحول حزب الله، قال جبور: هناك قرار حكومي لا بد من تنفيذه، وبات أي عمل تصعيدي يقوم به حزب الله هو عمل موجّه ضد الدولة، ويُشكّل انقلابًا على الدستور والميثاق اللبناني.
فيما نظر المحلل السياسي اللبناني، طارق أبو زينب، لقرار مجلس الوزراء، بـ"قلق رغم ما يحمله من أهمية شكلية".
وبيّن، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "هذا القرار لا يزال في الإطار النظري، ويفتقر إلى آلية تنفيذية واضحة وإرادة سياسية حاسمة، حيث إن تأجيل حصر السلاح حتى نهاية العام، دون تحديد معايير واضحة لحصر السلاح، يفتح الباب أمام المماطلة، ويُبقي البلاد رهينة توازنات السلاح الخارج عن سلطة الدولة".
وأعرب المحلل السياسي اللبناني عن خشيته من أن تتحوّل جلسة الخميس المقبل إلى محطة جديدة للتجاذب السياسي والتغطية على جوهر المشكلة، بدلا من أن تكون فرصة فعلية لحماية ما تبقّى من سيادة الدولة.
وذهب إلى أن "المؤشرات لا تدل على انفراجة مرتقبة، بل توحي بتصاعد التعقيد، في ظل حديث عن تحركات ميدانية مرتقبة من حزب الله الرافض لأي مسّ بسلاحه".
وبشأن المطلوب في هذه اللحظة، أكد أبو زينب أن أي خطة لحصر السلاح يجب أن تكون شاملة، غير انتقائية، وتُنفذ تحت سقف الدولة، لا عبر تسويات ظرفية أو مقايضات داخلية، قائلًا إن "السيادة ليست وجهة نظر، ومن دون حسم ملف السلاح، لا استقرار حقيقي ولا إصلاح ممكن".
وفي ختام جلسة وزارية استمرت عدة ساعات، عُقدت الثلاثاء، كشف رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، في مؤتمر صحفي، أنه تقرر "تأجيل البت ببند حصر السلاح بيد الدولة إلى جلسة يوم الخميس المقبل".
وأضاف أنه "تم تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية بشأن آلية حصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، على أن يتم عرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز