للأسبوع الرابع.. "حزب الله" يعطل انعقاد حكومة لبنان ويستهدف جنبلاط
التعطيل الذي يقف خلفه "حزب الله" يكبّل الحياة السياسية اللبنانية وحال دون انعقاد جلسة الحكومة في الأسابيع الثلاثة الماضية
للأسبوع الرابع على التوالي، لا يزال "حزب الله" الإرهابي يعرقل مسار العمل الحكومي بلبنان عبر تعطيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء، جراء خلافات حول المسار القانوني لأزمة "حادثة الجبل"، وسط محاولات لحصار رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط.
ونهاية الشهر الماضي، شهدت محافظة جبل لبنان توترا أمنيا، إثر تعرض موكب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لإطلاق نار، أسفر عن مقتل اثنين من مرافقيه.
وتعرض موكب الغريب لإطلاق نار، بالتزامن مع احتجاجات على زيارة وزير الخارجية جبران باسيل للمنطقة التي تعرف بأنها معقل "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط، وهو ما لاقى رفضا من مناصري الأخير الذين قطعوا الطرقات.
هذا التعطيل الذي يقف خلفه الحزب "الديمقراطي اللبناني" برئاسة النائب طلال أرسلان مدعوما من حزب الله يكبّل الحياة السياسية اللبنانية، وحال دون انعقاد جلسة الحكومة في الأسابيع الثلاثة الماضية أيضا.
وقالت مصادر وزارية في "تيار المستقبل" (يرأسه سعد الحريري) وأخرى مطلعة على المباحثات والاتصالات التي تعقد في هذا الإطار، لـ"العين الاخبارية"، إن الأزمة لم تسجّل أي تبدل في مواقف الأطراف.
وأوضحت المصادر أن جميع الأفكار والتسويات الأخيرة التي طرحت باءت بالفشل في الوقت الذي يرفض فيه رئيس الحكومة سعد الحريري الدعوة إلى جلسة تحت أي شروط، انطلاقا من رفضه إدراج "المجلس العدلي" كحل للأزمة.
وتؤكد مصادر مطلعة على التحقيق في حادثة الجبل، لـ"العين الإخبارية"، أن المعطيات المتوفرة لا تشير إلى وجود محاولة اغتيال للوزير الغريب، وأن ما حدث هو رد فعل على إطلاق للنار بدأه مناصرو "الديمقراطي"، وذلك خلافا لما يدّعيه أرسلان، وبالتالي لا تنطبق عليها شروط الإحالة إلى المجلس العدلي.
والمجلس العدلي، بحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، هو محكمة متخصصة بالنظر في الجرائم الواقعة على أمن الدولة، وتحال إليه الدعاوى بناء على مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
وكانت أحدث الطروحات اقتراح رئيسي الجمهورية والبرلمان ميشال عون ونبيه بري، الذي يقضي بالاكتفاء بإحالة الحادثة إلى القضاء العسكري، وهو ما لم يقبل به أرسلان الذي يرفض أساسا تسليم المطلوبين من قبله إلا كشهود، فيما سلّم "الاشتراكي" معظم المطلوبين لديه.
وبرفض أرسلان اقتراح الرئيس عون الذي يعد حليفه، وأكدت مصادر من "تيار المستقبل" أنه لم يكن ليقف هذا الموقف لولا الدعم الذي يتلقاه من حزب الله لتعطيل المسار الحكومي.
وتشير المصادر إلى أن أرسلان واجهة لموقف الحزب الهادف إلى تعطيل الحكومة، بما يذكر بالمسار الذي سلكه حلفاء حزب الله في لبنان منذ إقرار قانون الانتخابات النيابية عام 2017 حتى الآن، الذي كان يستهدف جنبلاط لمحاصرته سياسيا، مرورا بمحطات عدة، وصولا إلى حادثة الجبل.
وبعد الانتخابات النيابية، عمد باسيل إلى تشكيل كتلة نيابية برئاسة أرسلان مؤلفة من ثلاثة نواب محسوبين أساسا على "التيار"، في محاولة منه لإظهار أن هناك قوة سياسية تقابل جنبلاط في الجبل، للضغط من أجل الحصول باسمها على حصة وزارية، وبالتالي تقليص حصة جنبلاط الدرزية في الحكومة.
وبعد رفض جنبلاط لأرسلان كوزير تم تعيين وزير محسوب عليه وهو صالح الغريب، بمنحه وزارة الدولة لشؤون النازحين، وقلّصت بذلك حصة جنبلاط من ثلاثة وزراء إلى اثنين.
هذا المسار الذي رافقته تحذيرات ومواقف مستمرة من جنبلاط من محاولات تطويقه، توّج أخيرا بحادثة الجبل لتشكل فرصة لخصوم جنبلاط لتنفيذ ما يعده البعض أجندة حزب الله عبر طلب إحالة القضية إلى المجلس العدلي المعروف بأحكامه غير القابلة للاستئناف أو الطعن بقرارتها.
ويعد "الحزب التقدمي الاشتراكي" أن هناك محاولات لـ"تصفية" جنبلاط سياسيا إلى درجة أنهم رأوا في التمسك بالمجلس العدلي استعادة لما تعرّض له رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، واتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة عام 1994، الذي أدى حينها إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، قبل أن يعود المجلس العدلي ويصدر حكمه بتبرئة جعجع من التفجير، لكن أدت التحقيقات الى الحكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهم أخرى.
ويحذّر "الاشتراكي" من استعادة سيناريو "كنيسة سيدة النجاة" مع جنبلاط، وهو ما أشار إليه وزير الصناعة والقيادي في "الاشتراكي" وائل أبو فاعور قائلا: "يبدو أن منطق سيدة النجاة ما زال يتحكم بعقول البعض".
واتفق معه النائب في "الاشتراكي" أيضا مروان حمادة قائلا: "لا نرى في قضية المجلس العدلي أي بحث عن القضاء والعدالة، وإنما محاولة لتسجيل نقاط سياسية تشبه قضية سيدة النجاة التي رُكّبت ضد جعجع".
aXA6IDUyLjE0LjIwOS4xMDAg
جزيرة ام اند امز