من يشيع حزب الله الأحد.. «أمينه العام» أم نفوذه؟

بينما يستعد حزب الله لإقامة جنازة يوم الأحد لزعيمه الراحل حسن نصر الله، تعاني المجموعة التي قادها لأكثر من 30 عاما من أزمة مالية وشيكة بعد قطع خطوط الإمداد التقليدية للمال من إيران.
وقال محللون إنه بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، حليف حزب الله منذ فترة طويلة، فرضت قيودا صارمة على مصادر تمويل الجماعة المسلحة اللبنانية وأسلحتها، مما أوقع حزب الله في ضائقة مالية.
ما فاقم من تلك الأزمة، مساعي حزب الله لتعويض ودعم الساخطين على بطء وتيرة إعادة الإعمار بعد أن تضررت قراهم وأحياؤهم في الحرب الأخيرة التي خاضتها الجماعة مع إسرائيل.
وبحسب تقرير أولي للبنك الدولي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن الصراع كلف لبنان ما يقدر بنحو 8.5 مليار دولار من الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية.
موقف صعب
وقال سام هيلر، وهو زميل غير مقيم في مؤسسة سنتشري: «إن تقييد التدفقات الإيرانية وضع الجماعة اللبنانية في موقف صعب».
وبدأت الحرب في لبنان بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واشتدت في سبتمبر/أيلول، مما أدى إلى توجيه سلسلة من الضربات القوية لحزب الله وتقليص دوره القوي في الحكومة اللبنانية، بحسب «واشنطن بوست».
وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى القضاء على جيل من كبار قادة حزب الله، بما في ذلك نصر الله. وكان وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني بـ«مثابة انتكاسة أخرى للجماعة، مما استلزم سحب مقاتليها وأسلحتها من جنوب لبنان»، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه مع الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حُرم حزب الله من طريق العبور عبر سوريا لإعادة الإمداد من إيران.
ليس هذا فحسب، بل إنه على المستوى الداخلي، «أصبح حزب الله مهمشاً بشكل متزايد من قبل خصومه السياسيين، الذين استفادوا من انتكاسات الجماعة، التي لم تتمكن من منع انتخاب الرئيس جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني السابق والمرشح المفضل للولايات المتحدة، كما لم تتمكن من منع ترشيح نواف سلام، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية، رئيساً للوزراء».
«انتكاسات»، أضيفت إلى عجز حزب الله وحلفاؤه السياسيين للمرة الأولى منذ سنوات عن الاستحواذ على أكثر من ثلث المقاعد في مجلس الوزراء، وهو ما يتطلبه الدستور اللبناني لاتخاذ قرارات كبرى أو إجبار الائتلاف الحاكم على الاستقالة، فضلا عن مساعي الحكومة اللبنانية لـ«احتكار» السلاح بيد الدولة، ما يعني أن الجماعة اللبنانية لا ينبغي أن تظل قوة مسلحة مستقلة.
ورغم ذلك، فإن المشاكل المالية التي يعاني منها حزب الله ربما تمثل أخطر التهديدات التي يواجهها؛ ففي الأسبوع الماضي، منع مسؤولون لبنانيون طائرة إيرانية من الهبوط في بيروت، وسط اتهامات إسرائيلية لطهران باستخدام الرحلات الجوية التجارية لتحويل الأموال إلى الجماعة المسلحة.
حصار
وفي الأسبوع الماضي، قال زعيم حزب الله نعيم قاسم إن الحكومة اللبنانية أبلغت من دولة ثالثة بأن إسرائيل ستضرب المدرج إذا سُمح للطائرة بالهبوط.
واحتج أنصار حزب الله على حظر الطيران، فأغلقوا طريق المطار بالإطارات المشتعلة على مدى ثلاثة أيام، وهاجموا قافلة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، مما أدى إلى إصابة اثنين من أفرادها، في «اختبار مبكر للقوات المسلحة اللبنانية، التي تستعد للعب دور حاسم في تأمين لبنان بموجب شروط وقف إطلاق النار».
وعلى طول الحدود الشرقية للبنان، بدأت الحكومة السورية الجديدة في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهربين التابعين لحزب الله، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بينهم وبين الجيش السوري، وتوتر العلاقات بين البلدين. ويبدو أن جهود الحظر السورية تستهدف حزب الله، الذي ساعد في دعم حكومة الأسد خلال معظم فترة الحرب السورية الطويلة.
وبحسب سام هيلر، فإنه لا توجد مؤشرات تذكر على أن سوريا تتخذ إجراءات ضد المهربين في المناطق غير الخاضعة لسيطرة حزب الله.
ويسعى حزب الله إلى إظهار قوته في جنازة يوم الأحد؛ فقد أعلنت الجماعة أن نصر الله، الذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية في 27 سبتمبر/أيلول، دُفن مؤقتًا في مكان غير معلن لأسباب أمنية.
ويأمل حزب الله في استقطاب عشرات الآلاف من الناس يوم الأحد، بهدف إثبات أن دعمه لا يزال واسع النطاق، حتى لو كان العديد من مؤيديه في وضع محفوف بالمخاطر بعد الحرب.
وفي خطاب ألقاه في ديسمبر/كانون الأول، قال قاسم إن الجماعة اللبنانية ستدفع ما بين 12 و14 ألف دولار لكل أسرة تكبدت خسائر لدفع الإيجار واستبدال الأثاث التالف، فيما أشارت تقارير إعلامية، إلى أن حزب الله دفع حتى أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، 400 مليون دولار.
لكن في أوائل فبراير/شباط، أوقفت مؤسسة القرض الحسن، الذراع المالية للجماعة والتي تعرضت لاستهداف مكثف من الغارات الجوية الإسرائيلية في الحرب، دفع التعويضات لمدة خمسة أيام، مشيرة إلى صعوبات فنية.
وفي الوقت نفسه، اضطر حزب الله أيضاً خلال الأشهر الأخيرة إلى استيعاب تدفق ما يقرب من 100 ألف لاجئ من سوريا، مودعا إياهم في المساجد والمراكز الدينية المزدحمة في معاقل حزب الله في شمال شرق لبنان.
وقال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، إن حزب الله لا يملك القوة المالية لإعادة بناء نفسه، وسيحتاج إلى دعم خارجي.
تدهور الوضع المالي
وأضاف أنه «في غياب طريق إمداد من إيران، فإن الوضع المالي للحزب سوف يتدهور، فما حدث في سوريا كسر ظهر البعير. لقد كسر العلاقة بين إيران وحزب الله».
وقال أحد أعضاء حزب الله المطلعين على الديناميكيات الداخلية للجماعة إنها لا تزال لديها أموال للعمل بها في الوقت الحالي، لكن هذا غير مؤكد على المدى الطويل.
وأضاف أن القيود المفروضة على نقل الأموال عبر المطار أو برا من سوريا تعوق بشكل كبير القدرات التشغيلية للحزب وجهوده لإعادة تجميع صفوفه، مشيرًا إلى أن البنوك اللبنانية رفضت معالجة التحويلات من أنصار الجماعة في الخارج خوفا من انتهاك العقوبات الأمريكية على الأنشطة المالية لحزب الله.
وتابع: «في حين يواصل حزب الله حاليا دفع الرواتب، فإن استدامة هذه الممارسة لا تزال موضع تساؤل. ويواجه الحزب صعوبات في جهود إعادة إعمار المنازل المتضررة في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب».
لكن عضو حزب الله أشار إلى أنه، حتى لو تم قطع طرق الإمداد المباشرة من إيران، فقد تكون هناك طرق أخرى لجلب الأموال من إيران، بما في ذلك عن طريق الجو عبر دول ثالثة.
وفي الوقت نفسه، يزداد اليأس بين أنصار الجماعة، فأحد أنصار الجماعة ويدعى علي، 36 عاماً، من جنوب لبنان، يقول، إنه تلقى مبالغ زهيدة مقارنة بما يحتاج إليه، مضيفًا «لا تكفي لشراء ثلث أثاثي، الذي سيتكلف استبداله 30 ألف دولار».
وقال آخرون إنهم قد يحتاجون إلى دعم حزب الله لفترة أطول مما كان متوقعا. وقال إبراهيم (60 عاما) إنه حصل على 12 ألف دولار لإعالة نفسه لمدة عام وأن حزب الله «سيجدد الدفع في غضون عام إذا لم تصل أموال البناء».
aXA6IDMuMTQ0Ljc0LjE4NyA= جزيرة ام اند امز