فارون من القصف في لبنان.. «معركة بقاء» في زمن الحرب (صور)
حقائب صغيرة ودمعة في العين ووجع بالقلب، ذاك كل ما يحمله النازحون في لبنان هربا من القصف، في محنة ترسم جبهة موازية زمن الحرب.
معارك من نوع مختلف يخوضها المدنيون عبر رحلات عبور يومية بحثا عن ملجأ آمن يقيهم القصف المستمر بين إسرائيل وحزب الله، هناك حيث اضطر أكثر من 100 ألف شخص للنزوح من منازلهم بسبب التبادل اليومي للقصف.
وتضاعف هذا الرقم بالأيام الماضية، إذ دفعت الغارات المكثّفة التي تشنها إسرائيل اعتبارا من الإثنين، أكثر من 90 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم باتجاه بيروت أو مناطق لبنانية أخرى، وحتى إلى سوريا المجاورة، بحسب الأمم المتحدة.
وبحسب وكالة «فرانس برس» نقلا عن مصدرين أمنيين سوريين، قولهما الخميس، إن أكثر من 22 ألف شخص، الجزء الأكبر منهم سوريون، عبروا الحدود من لبنان إلى سوريا منذ مطلع الأسبوع على وقع الغارات الإسرائيلية الكثيفة.
وأوضح أحد المصدرين، أن "أكثر من ستة آلاف لبناني ونحو 15 ألف سوري (دخلوا) عبر معبر جديدة يابوس بشكل طارئ منذ ثلاثة أيام حتى صباح الخميس".
وجديدة يابوس هو المعبر الرئيسي بين البلدين، ويعرف من الجانب اللبناني باسم المصنع.
فيما أكد مصدر أمني سوري آخر أن "نحو ألف لبناني وحوالي 500 سوري آخرين دخلوا عبر معبر جوسيه" (القاع من الجانب اللبناني) منذ الإثنين.
وتقول السلطات في لبنان البالغ عدد سكانه أكثر من 4 ملايين نسمة، إن البلاد تستضيف نحو مليوني سوري، أقلّ من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وقدمت الغالبية منهم بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011. والعدد الإجمالي من اللاجئين هو الأعلى لدولة في العالم نسبة لعدد سكانها.
محنة تتجدد
في وقت سابق الخميس، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن 19 سوريا كانوا من ضمن 20 شخصا قضوا جراء غارة إسرائيلية طالت ليلا بلدة يونين في شرق لبنان، حيث تعرّضت مناطق عدة لقصف مكثف ليل الأربعاء/الخميس، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب أهدافا لحزب الله.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لفرانس برس، إن "ما لا يقلّ عن 87" سوريا هم 35 رجلا و16 امرأة و36 طفلا، قُتلوا في التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل في لبنان، مشيرة إلى أن هذه الحصيلة لا تشمل قتلى غارة يونين الخميس.
وأوضحت المفوضية، أن 338 سوريا على الأقل أُصيبوا بجروح، بينهم 126 طفلا، مرجّحة ارتفاع الحصيلة جراء الغارات المستمرّة على منطقة البقاع الحدودية مع سوريا، وحيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين فرّوا من النزاع في بلادهم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس، -أيضا- أنه استهدف بنى تحتية عند الحدود اللبنانية السورية يستخدمها الحزب "لنقل وسائل قتالية".
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ "غارة جوية استهدفت معبر مطربا الذي يربط منطقة القصير من الجهة السورية بالأراضي اللبنانية".
وأشار إلى "سقوط عدد من الجرحى"، موضحا أنها "الغارة الإسرائيلية الأولى التي تستهدف الأراضي السورية منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان قبل أربعة أيام".
«حتى النصر»
على الجانب الآخر، اضطر عشرات الآلاف من الإسرائيليين للنزوح بالمناطق الشمالية المتاخمة للحدود مع لبنان، فرارا من هجمات حزب الله بشكل يومي منذ بدء النزاع في غزة.
نزيف يبدو أنه يؤرق تل أبيب لدرجة أنها تتمسك بأنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال «حتى النصر والعودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم»، رغم الدعوات الدولية.
وفي ظل التصعيد الذي يهدد بإغراق الشرق الأوسط في الحرب، دعت الولايات المتحدة وفرنسا في بيان وقعت عليه أيضا دولة الإمارات واليابان وقطر والسعودية، إلى "وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوما عبر الحدود اللبنانية-الإسرائيلية لإفساح المجال أمام الدبلوماسية".
ورحّبت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت بالدعوة، معتبرة أنها تسمح «بمساحة للدبلوماسية للنجاح»، معولة على «دعم واضح من الجميع لاغتنام هذه الفرصة».
لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال الخميس إن الأخير «لم يرد حتى» على «المقترح الأمريكي الفرنسي»، مؤكدا أن الجيش أمر «بمواصلة الضرب بكل قوة».
وعكس وزير الخارجية يسرائيل كاتس موقفا مماثلا، قائلا عبر منصة «إكس»: «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال. سنواصل القتال ضد منظمة حزب الله الإرهابية بكل قوتنا حتى النصر والعودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم».
كما رفض وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش وقف النار، قائلا إن الهدف يظل "سحق" حزب الله.